مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برن تحتضن “اي باي”

من المنتظر أن يُعزّز احتضان برن لشركة بحجم "اي باي" موقع العاصمة الفدرالية كمركز اقتصادي جذّاب للشركات الدولية swissinfo.ch

أعلنت شركة "إي باي" المتخصصة في إدارة المزادات على الإنترنت أنها اختارت العاصمة السويسرية برن لتكون مقرها الأوروبي.

وقد رحبت الدوائر الاقتصادية في برن وسويسرا بالخطوة، التي من شأنها أن تزيد من جاذبية الكنفدرالية للشركات العالمية.

جاء قرار شركة “إي باي” Ebay بعد مفاوضات استمرت 4 سنوات بين إدارتها في الولايات المتحدة ودائرة الاقتصاد في كانتون برن.

ومثّـل اختيار العاصمة السويسرية مقرا للشركة في أوروبا ومركزا لإدارة نشاطها في بلدان القارة وحول العالم (باستثناء الولايات المتحدة) مفاجأة للجميع، حيث ساد الاعتقاد في السنوات الأخيرة بأن مستوى المعيشة المرتفع في سويسرا والأجور العالية فيها مقارنة مع دول الجوار، تقلّـل من إمكانية حصول المدن السويسرية الرئيسية على مثل هذه الفرصة.

وكانت الأنظار قد اتّـجهت إلى كل من ألمانيا وإسبانيا، حيث يفوق فيها حجم التعامل من خلال Ebay بكثير حجم الصفقات المنُـجزة في سويسرا نفسها، إلا أن الشركة لم تتوقّـف كثيرا عند هذا المعطى، بل اهتمّـت بمميزات اخرى توفرها سويسرا وتفتقر إليها بقية البلدان الأوروبية.

مميزات متعددة

ويبدو أن أهم مبررات قرار إدارة Ebay كان التعدد اللغوي المتوفّـر في الكنفدرالية، مما يُتيسّـر العثور على موظفين أكفاء ومجيدين لأكثر من لغة في آن واحد.

فمن المعروف أن نسبة كبيرة من العاملين في قطاع الخدمات التجارية والإدارية في سويسرا يجيدون الألمانية والفرنسية إلى جانب الإيطالية والإنجليزية، كما يُمكن العثور على من يجيدون الإسبانية أو البرتغالية من أبناء المهاجرين الذين تلقوا تعليمهم في سويسرا، وهو ما يعني أن الأغلبية الساحقة من اللغات التي يكثر التعامل بها في مزادات موقع Ebay في أوروبا والعالم متوفّـرة في.. برن.

وبما أن العامل اللغوي يُـعتبر ركيزة لعمل شركة Ebay، سواء تعلّـق الأمر بالاتصال بالحرفاء أو بمراقبة سير عمليات البيع والشراء التي تتم من خلال موقعها، فإن توفّـر العاملين الذين يمكنهم التفاهم بتلك اللغات تحت سقف واحد ليس مضمونا في البلدان الأوروبية بنفس الحجم الذي تتيحه سويسرا.

العامل الثاني الذي رفع أسهم الكنفدرالية بشكل عام، ومدينة برن بالتحديد، لاجتذاب الشركة الأمريكية يتعلق بالجانب المالي، حيث من المنتظر أن يفرض الاتحاد الأوروبي قريبا ضريبة مبيعات على التجارة الإلكترونية، وهو ما يعني أن “اي باي” ستكون، باعتبارها أهم شركة تتعامل في هذا المجال على الشبكة، أول المتضررين من تسديد الرسوم الجديدة. لكن وجود مقرها الأوروبي في سويسرا، التي لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي، سيُـعفيها من دفع مبالغ هائلة، نظرا لشدة الإقبال على المزادات التي يُـوفّـرها موقع Ebay.

عــدة عصافير بحجر واحد!

ونظرا لأن سويسرا – وعلى عكس ما يُـشاع – لا تفرض ضرائب مرتفعة على الشركات مقارنة بمعظم دول أوروبا، فإن Ebay ستستفيد من ميزة إضافية، تتمثّـل في أن الضرائب لن تحتسب إلا على الأرباح التي ستحصُـل عليها من خلال عمليات البيع والشراء التي ستتمّ داخل الاراضي السويسرية.

لذلك، فإن المركز الأوروبي لـ Ebay، سيتمكّـن من توفير مبالغ معتبرة، نظرا لأن حجم الرسوم التي سيدفعها إلى دائرة الضرائب لن تشمل سوى 15 إلى 20% من إجمالي تعاملاتها في العالم (باستثناء الولايات المتحدة)، وهي ميزة نادرة هذه الأيام.

علاوة على ذلك، يحرص قطاع الخدمات في سويسرا على مواكبة آخر التطورات التقنية، خاصة فيما يتعلّـق بالاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت. كما تُـوفّـر مدينة برن، التي تتوسّـط جغرافيا القارة الأوروبية، الهدوء النسبي وإيجارا معقولا للمكاتب الإدارية مقارنة مع زيوريخ أو بازل أو جنيف.

ويُـمكن القول أن سويسرا (وبرن تحديدا) قد ضربت هذه المرة عدة عصافير بحجر واحد، مثلما يُـقال. فاختيار شركة بحجم Ebay لعاصمتها مقرا رئيسيا لها خارج الولايات المتحدة، يُـمثّـل بلا شكّ دعاية مفيدة في العالم يُـتوقّـع أن تُـلفت أنظار شركات دولية أخرى.

أخيرا، ستوفّـر Ebay مواقع عمل لما لا يقل عن 100 شخص، وموارد مالية إضافية لمدينة برن، مما قد يُخفّـف إلى حدّ ما من انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تعرفها سويسرا.

تامر أبو العينين – سويس انفو

تأسست “اي اباي” قبل 8 سنوات في الولايات المتحدة كأول موقع للتجارة الإليكترونية من خلال طرح البضاعة للبيع عن طريق المزاد.
توسع نشاطها ليشمل 27 دولة حول العالم، ويعمل بها 800 شخص.
تعتقد إدارة “اي باي” أنها تساهم بشكل غير مباشر في القضاء على البطالة من خلال توفير فرص التجارة عبر الإنترنت.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية