الصين تعلن إنجاز “كل المهام” المحدّدة للمناورات العسكرية حول تايوان

أعلنت الصين الأربعاء أنّها أنجزت “كل المهام” المحددة لمناورات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان امتدت يومين، تضمّنت محاكاة “لشن ضربات” و”فرض حصار” على الجزيرة التي تطالب بها بكين، في استعراض للقوة ندّدت به واشنطن وبروكسل.
وقال المتحدث باسم الجيش الصيني شي يي مساء الأربعاء إنّ “قيادة القطاع الشرقي أنجزت كل المهام المحدّدة للتدريبات المشتركة التي أُجريت في الأول والثاني من نيسان/أبريل”.
وكان المتحدث قد أكد أنّ التدريبات هدفها “اختبار قدرات القوات” في مجال “فرض عمليات حصار ومراقبة مشتركة، وشنّ ضربات دقيقة على أهداف رئيسية”. وأضاف أنّ هذه المناورات تجري في وسط المضيق وجنوبه، وهي منطقة عبور رئيسية للنقل البحري العالمي.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس طائرات مقاتلة تحلق فوق جزيرة بينغتان، أقرب نقطة في البر الصيني الرئيسي لتايوان، حيث توجد قاعدة عسكرية.
ووفق خبراء، فإنّ المناورات العسكرية الصينية كانت تهدف إلى توجيه رسالة واضحة إلى قادة الجزيرة، وهي أنّه في حال الحرب، ستقطع بكين اتصالهم بالعالم الخارجي وترهقهم حتى الاستسلام.
وتأتي هذه التدريبات الجديدة التي لم تعلن مسبقا، بعيد أيام من قيام وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بجولة آسيوية أكّد خلالها أنّ بلاده ستضمن “الردع” في مضيق تايوان.
والمناورات التي أطلقت عليها بكين اسم “رعد في المضيق- 2025A”، شملت “إطلاق ذخيرة حيّة بعيدة المدى” و”ضربات دقيقة على أهداف تحاكي موانئ رئيسية ومنشآت للطاقة”.
وأرسلت بكين كذلك حاملة طائراتها شاندونغ للمشاركة في هذه التدريبات، بحسب الجيش.
ويشكّل مضيق تايوان، وهو ممر رئيسي للملاحة البحرية الدولية، نقطة توتر رئيسية بين القوى العظمى، خصوصا الصين والولايات المتحدة.
ومنذ عقود، تلتزم الولايات المتحدة إمداد تايوان الأسلحة، رغم اعتراضات الصين، لكنها تبقي على سياسة “الغموض الاستراتيجي” بشأن ردّها المتوقّع إذا تعرّضت الجزيرة لهجوم صيني.
من جهتها، حذّرت الولايات المتّحدة من أنّ الصين “تُعرّض للخطر” الأمن الإقليمي بإجرائها تدريبات في مضيق تايوان.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ النشاطات العسكرية “العدوانية” التي تقوم بها الصين وخطابها تجاه تايوان “لا يؤدّيان إلا إلى تفاقم التوترات وتعريض أمن المنطقة وازدهار العالم للخطر”.
واعتبر الاتحاد الأوروبي أنّ هذه المناورات العسكرية “تؤدي إلى تفاقم التوترات”، مطالبا “الطرفين” بإظهار “ضبط النفس”.
وفي السنوات الأخيرة، كثّفت بكين من عمليات نشر الطائرات القتالية والسفن الحربية حول تايوان دعما لمطالبها التي ترفضها تايبيه.
– “هاوية البؤس” –
وكان الجيش الصيني حشد قوّاته البرّية والبحرية والجوّية في محيط تايوان لإجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق تحاكي حصار الجزيرة التي قالت بكين إنّ تحركها باتجاه الاستقلال سيشعل “حربا” وسيكون “مصيره الفشل”.
وردّا على تلك المناورات، أعلنت تايبيه تحريك طائراتها وسفنها وتشغيل أنظمتها المضادّة للصواريخ.
وبحلول فترة ما بعد ظهر الأربعاء، رُصدت 36 طائرة صينية و21 سفينة حربية وعشرة قوارب تابعة لخفر السواحل حول تايوان، بعدما أشارت وزارة الدفاع التايوانية الثلاثاء إلى أنّ الصين حشدت 21 سفينة حربية و71 طائرة لهذه التدريبات.
وهذا أكبر عدد من السفن الحربية التي تنشر في يوم واحد منذ قرابة عام، وأكبر عدد من الطائرات منذ تشرين الأول/أكتوبر 2024.
وواصلت قيادة القطاع الشرقي للجيش الصيني توجيه رسائل دعائية الأربعاء، حيث نشرت ملصق “ضربات تؤدي إلى شلل” على صفحتها على موقع “ويبو”، يُظهر القوات الصينية وهي تحيط بتايوان وتطلق الصواريخ على الجزيرة.
من جانبه، قال مسؤول أمني تايواني كبير لفرانس برس إنّ التدريبات تهدف إلى أيضا إلى “إبقاء القوات خارج ثكناتها لمنع الاضطرابات والتكهّنات” عقب عمليات التطهير الأخيرة في الجيش الصيني.
– “اختبارات مقاومة” –
وقال المحلل في مركز “أتلانتك كاونسل” الأميركي للبحوث وين-تي سونغ، إن هذه التدريبات تشكل “سلسلة من اختبارات المقاومة” لتقييم قوة دعم واشنطن لتايوان ولحلفاء آخرين في المنطقة.
ويرى خبراء أن الصين قد تكون أكثر ميلا إلى محاصرة تايوان بدلا من اجتياحها الذي قد ينطوي على مخاطره كبيرة ويستدعي انتشارا عسكريا واسعا.
واعتبر البروفيسور لين يينغ-يو من جامعة تامكانغ في تايوان، أن الصين “تتدرب على حصار” الجزيرة.
وتزايدت الضغوط أيضا على تايوان منذ انتخاب الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي عام 2024 الذي أكد أن تايوان “دولة مستقلة أصلا” ووصف الصين أخيرا بأنها “قوة أجنبية معادية”.
وحذر الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية غيو جياكون الأربعاء قائلا “طالما أن الاستفزازات المرتبطة باستقلال تايوان مستمرة، لن تتوقف العقوبات المناهضة للاستقلال”.
وأظهر شريط مصوّر نشره الجيش الصيني الثلاثاء الرئيس التايواني على شكل حشرة تحترق في نار متأجّجة.
ولم تسيطر الصين يوما على تايوان لكنّها تطالب بها كجزء أصيل من أراضيها، ولا تستبعد اللجوء إلى القوّة إن لزم الأمر.
وتعود التوتّرات بين الصين وتايوان إلى العام 1949 عندما تحصن الحزب القومي الصيني في تايبيه بعد هزيمته أمام الجيش الشيوعي.
بورز-امج/بم-الح-ناش/كام