أفكار أنان لإصلاح لجنة حقوق الإنسان
الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة يكشف عن بعض التفاصيل الخاصة بإصلاح لجنة حقوق الإنسان، ويعد بتعزيز دور مفوضية حقوق الإنسان.
لكن الإصلاحات المقترحة والتي يجب اعتمادها من قبل الجمعية العامة، تثير بعض التحفظات في انتظار مناقشتها رسميا في قمة الألفية في شهر سبتمبر القادم.
غصت قاعة الدورة الواحدة والستين للجنة حقوق الإنسان عند ظهر يوم الخميس 7 أبريل في قصر الأمم في جنيف بممثلي الدول الأعضاء وغير الأعضاء في اللجنة ومندوبي المنظمات غير الحكومية والدولية ومبعوثي الصحافة الدولية للاستماع إلى كلمة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة التي خصصها لعرض الاقتراحات المتعلقة بإصلاح اللجنة.
الأمين العام للمنتظم الأممي أكد مرة أخرى ما أصبح الكل مقتنعا به في كواليس لجنة حقوق الإنسان من “أن أحدا ليس بإمكانه التفوه بأنه ملتزم كل الالتزام بقيم حقوق الإنسان”، كما أشار إلى أن “انتهاكات حقوق الإنسان ترتكب في البلدان المتقدمة والبلدان الفقيرة على حد سواء”.
وإذ أكد كوفي أنان أمام الحاضرين على أنه “يضع مسألة حقوق الإنسان في قلب الإصلاحات التي يقترحها لمنظمة الأمم المتحدة”، فإنه حذر أيضا من أن “أي تأخير في إدخال الإصلاحات على ميكانزمات الدفاع عن حقوق الإنسان، قد يعرض مصداقية الجمهور في منظمة الأمم المتحدة للخطر”.
نحو مزيد من التمويل
كوفي أنان قال إن الاقتراحات التي قدمها تدخل في سياق تطور يهدف إلى “بناء منظمة قادرة على الإيفاء بالوعود المتضمنة في الميثاق الأممي”. وأوضح بأن ذلك سيمس ثلاثة قطاعات رئيسية: الهيئات التقليدية لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والميكانزمات الحكومية التي تعتبر لجنة حقوق الإنسان من ضمنها.
ففيما يتعلق بمفوضية حقوق الإنسان، اعترف الأمين العام بأن الوسائل المالية المخولة لها لا تسمح لها بالإيفاء بالمهام المتنامية في مجال حقوق الإنسان حيث لا تخصص الأمم المتحدة أكثر من 2% من ميزانيتها لفائدة ميكانزمات حقوق الإنسان.
وأوضح كوفي أنان بأنه طلب من السيدة لويز أربور، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، تقديم مشروع خطة عمل من الآن وإلى العشرين من شهر مايو القادم تطالب فيها بزيادة التمويل بالدرجة الأولى.
وتقول بعض المصادر إن مشكلة قلة التمويل التي تعاني منها مفوضية حقوق الإنسان قد تكون تركت مكتب المفوضة عرضة لعروض مالية من دول معينة، مشروطة في أغلب الأحيان، مما كان له “تأثير على عمل المكتب” حسب نفس المصادر.
مجلس بدل اللجنة
من جهة أخرى، ذكر كوفي أنان بأن تسيسس لجنة حقوق الإنسان، وتطرقها بشكل انتقائي لبعض المواضيع وتغافلها عن البعض الآخر، قد “أوصلنا اليوم إلى تآكل لمصداقية اللجنة مما يهدد بتلطيخ سمعة المنظومة الأممية بأكملها”، وقال: “إن إدخال إصلاحات جزئية لم يعد مجديا”.
ومن الإصلاحات الجوهرية التي يقترحها، استبدال لجنة حقوق الإنسان المكونة اليوم من 53 بلدا، بمجلس لحقوق الإنسان مكون من أعضاء “لهم التزام قوي بمعايير حقوق الإنسان، ويتم انتخابهم من قبل الجمعية العام لمنظمة الأمم المتحدة بأغلبية الثلثين” حسب قول كوفي أنان الذي ترك مسألة تحديد عدد الدول الأعضاء في المجلس المقترح على عاتق الجمعية العامة.
نشير إلى أن المقترح الذي تقدمت به سويسرا في الفترة الأخيرة (والذي ارتكز عليه الأمين العام إلى حد كبير) يتضمن ثلاثة سيناريوهات:
1- مجلس يضم كل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وهو ما يضفي على المجلس صبغة العالمية، وهو الاقتراح الذي تبنته لجنة الشخصيات الرفيعة المستوى التي كلفها كوفي أنان بتقديم اقتراحات لإصلاح الأمم المتحدة.
2 – مجلس بنفس العدد الحالي أي 53 عضو،
3 – مجلس بعضوية محدودة تتراوح ما بين 15 و 25 بلدا.
أما الجديد في مقترح كوفي أنان فيتمثل في مطالبته بتشكيل مجلس ينعقد بشكل متواصل لمعالجة مشاكل حقوق الإنسان في العالم طوال العام وليس كماهو الحال اليوم، أي بشكل دوري لفترة لا تزيد عن ستة أسابيع.
ترحيب سويسري وانتقادات وراء الكواليس
في انتظار النقاش الذي ستخصصه الدورة الحالية للجنة حقوق الإنسان لهذه الإصلاحات يوم الثلاثاء الموافق 12 أبريل الحالي، وفي انتظار اجتماع الخبراء الذي دعت إليه سويسرا (من أجل نفس الهدف) في شهر مايو المقبل، ظهرت بعض ردود الفعل الأولية المتضاربة على اقتراحات كوفي أنان.
فقد عبر بيتر ماورر، سفير سويسرا لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عن ترحيبه باقتراحات السيد أنان وقال إنها “خطوة هامة في طريق إصلاحات على المدى البعيد في المنظمة الأممية”. وشدد السيد ماورر بالخصوص على أن السيد أنان “خصص أهمية لتطبيق القانون في مجال احترام حقوق الإنسان، وقدم اقتراحات بناءة لإقامة مجلس لحقوق الإنسان”.
لكن ردود فعل ظهرت في كواليس الدورة الحالية للجنة حقوق الإنسان الملتئمة في جنيف، عبرت عن انتقادات أولية لتلك الاقتراحات التي تقدم بها الأمين العام. وبما أنها ردود فعل شخصية لم تتبناها الدول بعد، نكتفي بالقول أنها تنتقد “ميل الأمين العام إلى ترجيح فكرة العضوية المحدودة العدد في هذا المجلس بدل العالمية”.
كما انتقد آخرون دعوة الأمين العام إلى تقديم تقرير سنوي إضافي عن أوضاع حقوق الإنسان، في وقت تعج فيه الساحة بتقارير يصدر بعضها عن وزارة الخارجية الأمريكية والبعض الآخر عن العديد من المنظمات غير الحكومية المتخصصة في هذا المجال.
من جهة أخرى، ذهب البعض إلى اعتبار ما يتم اليوم “محاولة لاستعادة سيطرة الدول الغربية على مقاليد التحكم في لجنة حقوق الإنسان، بعد أن افقدها تحالف الدول النامية الإفريقية والآسيوية والأمريكية اللاتينية تلك السيطرة منذ عدة سنوات”.
ومن المؤكد أن الأشهر التي تفصلنا عن انعقاد قمة الألفية زائد خمسة في شهر سبتمبر المقبل في نيويورك سوف تشهد تحركات مكثفة تتراوح بين التفاوض السري والجدل العلني حول هذه المقترحات، بل لا يستبعد مراقبون أن تصل إلى حد ممارسة الضغوط والتهديدات.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.