أين التمويل لـردم الهوة الرقمية؟
تنطلق يوم 17 فبراير في جنيف الدورة التحضيرية الثانية لقمة مجتمع المعلومات التي ستحتضنها تونس منتصف شهر نوفمبر القادم.
وفيما تشهد جنيف جدلا “تونسيا – تونسيا” بين أطراف المجتمع المدني، يتركز الإهتمام على قضية التمويل ومسألة إنشاء “صندوق تضامن لردم الهوة الرقمية” قائم على أساس اشتراك طوعي.
في ندوة صحفية عقدها في جنيف عشية افتتاح أشغال الدورة التحضيرية الثانية لقمة مجتمع المعلومات التي ستحتضنها العاصمة التونسية من 16 إلى 18 نوفمبر القادم، أعلن الياباني يوشيو أوتسومي، المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات (أي الجهة الأممية الساهرة على هذه القمة)، أنه قد “تم لحد الآن تسجيل 2400 مشارك” يتشكلون من 900 ممثل عن الحكومات، ومن 1191 ممثل عن منظمات المجتمع المدني، ومن حوالي 92 ممثل عن مؤسسات القطاع الخاص.
من جهته، أشار جانيس كاركلينس، رئيس الدورة التحضيرية الثانية، إلى أن أهم نقاط هذه الدورة تتعلق بالبت في قضية التمويل التي لم تُحسم في قمة جنيف (ديسمبر 2003). أما قضية “إدارة الإنترنت” التي ظلت معلقة أيضا فسوف تؤجل إلى الاجتماع التحضيري الثالث الذي ستحتضنه جنيف أيضا في 19 سبتمبر المقبل.
أي حل لقضية التمويل؟
وفي رد على سؤال لسويس إنفو حول ما إذا كان حل قضية التمويل سيتلخص في العودة إلى مقترح “صندوق التضامن لسد الهوة الرقمية” الذي أعلن عنه في ديسمبر 2003، قال السيد جانيس كاركلينس، رئيس الاجتماع التحضيري: “إن المهمة التي اوكلت للأمين العام لمنظمة المتحدة في مرحلة جنيف، هي تشكيل لجنة لدراسة مدى فعالية آليات التمويل الموجودة. وبالاعتماد على هذه الدراسة تحديد ما إذا كان من الممكن إقامة صندوق تضامن رقمي على أساس طوعي”.
جدير بالذكر أن المقترح الداعي إلى إنشاء “صندوق التضامن الرقمي” قد تم اعتماده في جنيف وفقا للقانون السويسري وبناء على اقتراح تقدمت به جمهورية السنغال، وإثر ذلك حظي الاقتراح بدعم قمة الفرنكوفونية وتأييد الاجتماع الإقليمي الإفريقي للتحضير لقمة مجتمع المعلومات الذي انعقد مؤخرا في العاصمة الغانية آكرا.
السيد جانيس كاركلينس، وحرصا منه على الوقوف عند صلاحياته كرئيس للدورة الحالية (التي هي دورة مفاوضات بالأساس)، رفض استباق الأحداث تاركا مهمة اتخاذ القرار بيد الدول الأعضاء، لكنه أشار في المقابل إلى أن الدول الصناعية والسيد غي اوليفيي سوغوند، الرئيس السويسري لهذا الصندوق يركزون على “الطابع الطوعي للمساهمة في الصندوق”.
اعتراضات المجتمع المدني
من جهتهم، رحب ممثلو المجتمع المدني بمشروع صندوق التضامن الرقمي باعتباره “الخطوة العملية التي تمخضت عن مرحلة جنيف”، حسب تعبير شانتال بيير من مجموعة المجتمع المدني المهتمة بقضية التمويل، إلا أنهم وجهوا بعض الإنتقادات لكيفية إقامة هذا الصندوق، مثل “عدم اتضاح كيفية مشاركة ممثلي المجتمع المدني في إدارته”، و”تواجده في بلد من بلدان الشمال (سويسرا) في الوقت الذي يقصد به تمويل مشاريع في الجنوب”.
وترى السيدة بيير أن بعث صندوق من هذا القبيل “لن يكفي لتغطية الاحتياجات الكبرى والمتعددة الجوانب”، وتذهب إلى أن الحل يتمثل في “تقديم تقييم واسع للاحتياجات في شتى الميادين ووفقا للمعايير التي حددتها قمة الألفية”، لكنها تعتقد في نهاية المطاف أن “الدول الصناعية لا ترغب في التزام من هذا النوع في هذا الميدان على الأقل”.
من جهة أخرى، يبدي ممثلو المجتمع المدني تخوفا من أن يطغى النقاش حول المسائل المتعلقة بالتمويل ويؤدي إلى تهميش المواضيع الأخرى التي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لهم مثل المواضيع المرتبطة بالحريات واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المجتمع المدني.
جدل “تونسي – تونسي” في جنيف
على صعيد آخر، ومثلما كان متوقعا، ترافق الاجتماع التحضيري الثاني لقمة مجتمع المعلومات بتجند واضح لمنظمات المجتمع المدني التونسية بشقيها.
الشق الذي يطلق على نفسه صفة “الممثل الحقيقي للمجتمع المدني” (ويضم منظمات مستقلة وأخرى لم تحصل بعدُ على الإعتراف القانوني)، والشق المتهم من قبل الطرف الأخر بكونه لا يزيد عن “منظمات حكومية فعلية” (ويضم منظمات متحصلة على الإعتراف القانوني تتسم مواقفها بتأييد مطلق للحكومة).
وفي ندوة عقدت يوم 16 فبراير في مقر نادي الصحافة في جنيف، حاول ممثلو الطرفين تمرير رسالته بخصوص التحضيرات الجارية لعقد المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في تونس وخاصة فيما يتعلق بوجود وتوفر الشروط الدنيا والمناخ الملائم لعقد تلك القمة من عدمه.
وقد تركز النقاش والجدل في الندوة التي استمرت ساعتين تقريبا حول مسألة مشاركة المجتمع المدني عموما في قمة نوفمبر المقبلة وممثلي المجتمع المدني التونسي بوجه خاص، حيث طرح ممثلو منظمات المجتمع المدني التونسي مطالبهم المتعلقة بالحريات والحقوق الأساسية في تونس وشددوا على تقييمهم السلبي لأوضاعها.
في المقابل، لخصت السيدة مريم المرزوقي (منسقة تجمع منظمات المجتمع المدني)، موقف هذه المنظمات من مسألة المشاركة في أشغال القمة المقبلة والمتمثل في “ضرورة مواصلة مشاركة ممثلي المجتمع المدني وعدم مقاطعة الإعداد للقمة على أن يتم اتخاذ قرار في الاجتماع التحضيري الثالث” حسب قولها.
أما ممثلو المنظمات التونسية الأخرى المتهمة بأنها “حكومية”، فقد اعتبروا في بعض مداخلاتهم أن “مجرد الحضور إلى جنيف للتعبير عن هذه الآراء هو في حد ذاته برهان على توفر مناخ ملائم” لعقد القمة في تونس.
وفي الندوة الصحفية التي عقدها بعد الظهر، رد السيد اشيو اتسومي، المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات (وهي الجهة المسؤولة أمميا عن عقد هذه القمة)، على سؤال وجه إليه حول مسألة عرقلة مشاركة بعض ممثلي المجتمع المدني في قمة تونس قائلا: “إن هذه القمة هي قمة أممية ولم تعارض أية دولة من دول العالم انعقادها في تونس التي كانت صاحبة المبادرة والتي قدمت كل الضمانات مثل التي عرفناها في مرحلة جنيف”.
وأضاف السيد أتسومي: “إن انعقاد قمة مهتمة بالتنمية في بلد إفريقي خير من انعقادها في بلد صناعي”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.