إلـتفاتـةٌ للشرق الأوسط والمهاجرين في العيد الوطني
حرص رئيس الكنفدرالية في خطاب العيد الوطني على التذكير بأن سويسرا جزء من العالم ولا يمكن أن "تغمض عيناها عن مشاكله"، مشيرا إلى الوضع الراهن في الشرق الأوسط وإلى مشاكل الهجرة.
وفي الكلمة التي وجهها للجالية السويسرية في الخارج، دعا السيد موريتس لوينبرغر إلى الانفتاح والتضامن مع كافة الشعوب.
استهل رئيس الكنفدرالية السويسري موريتس لوينبرغر خطاب العيد الوطني في الفاتح من أغسطس باسترجاع ذكريات طفولته عن الاحتفال بهذه المناسبة مع الأسرة والأحباب والأصدقاء، وتزيين الحلويات والأطباق بالخضر والفواكه والأطعمة ذات اللون الأبيض أو الأحمر، مثل الطماطم والجبن والقشدة الطرية…، للتذكير بالعلم السويسري ذي الخلفية الحمراء والصليب الأبيض.
وطن متعدد الأصول
ثم أشار إلى الاحتفاء الكبير بالعلم الوطني أثناء البطولة الأخيرة لكأس العالم لكرة القدم التي احتضنتها ألمانيا، حيث رسم مشجعو المنتخب السويسري العلم على وجوههم وأجسادهم، سواء كانوا في الملاعب الألمانية أو في شوارع المدن السويسرية. ورفرف علم الكنفدرالية في كل مكان، على السيارات وأسطح ونوافذ البنايات…
ولم يغفل الرئيس لوينبرغر التنويه إلى أن التعبير عن حب الوطن بمرح “وبدون عُقد” لم يقتصر فقط على السويسريين “الأصليين”، بل كان قويا أيضا ضمن أطفال الجيلين الثاني والثالث من الأجانب المقيمين في الكنفدرالية.
وقال في هذا السياق “على الميدان، إن فريقا وطنيا متعدد الأصول (لكرة القدم) هو الذي أثار رعشة سويسرا بأسرها. وهذا ما نريده، أناس سعداء. وكل دولة تحاول تحقيق ذلك”.
امتـنان للبعض وتضامن مع البعض الآخر
وشدد السيد لوينبرغر على أن سويسرا “دولة قانون” تتمتع بـ”الاستقرار السياسي” و”تضمن للجميع الاستفادة من التأمين الاجتماعي”، مؤكدا في المقابل على أن الدولة ليست القوة الرئيسية التي تؤدي إلى السعادة، بل يساعد في الوصول إلى تلك السعادة مجهود كل فرد من أجل ازدهار دولته ومجتمعه. وأشاد في هذا الصدد بالدور الكبير الذي يقوم به المتطوعون في سويسرا، في شتى المجالات.
كما عبر عن مواساته للمرضى ووتضامنه مع الأشخاص الذين فقدوا قريبا وأولئك العاطلين عن العمل أو الذين لجؤوا لسويسرا. وعن هؤلاء اللاجئين قال السيد لوينبرغر: “علينا نحن أن نساعدهم، ليس فقط من خلال التحرك السياسي، بل أيضا عبر الاقتراب منهم. ولأننا نتصرف على هذا النحو، تظل سويسرا بلدا يمكن أن يجد فيه أي شخص سعادته”.
سويسرا ليست “جزيرة”
وسرعان ما ذكـّر رئيس الكنفدرالية أبناء البلاد بأن سويسرا ليست معزولة عن العالم، إذ قال: “نحن لسنا جزيرة. اليوم، يخضع العديد من الأشخاص في لبنان وإسرائيل لرحمة جيران لا يرغبون في السلام، بل في التدمير والإفناء. إننا نبالي بمصيرهم ونلتزم من أجل الأشخاص المتضررين ومن أجل توقف العنف”.
بناء على ذلك، دعا رئيس الكنفدرالية أبناء سويسرا إلى المشاركة جميعا في تحسين مصائر كافة البلدان، والمساهمة مباشرة من أجل مساعدة كل من يعاني حول العالم من الجوع والفاقة والحرب، وكل “من لا يتوفر على حظنا!”.
المغتربون السويسريون
وفي خطابه لأبناء الكنفدرالية في المهجر الذين يساهمون في بناء بلادهم ويشاركون في تحديد معالمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، …إلخ، بفضل التصويت عبر المراسلة، تساءل السيد لوينبرغر إن كانت هذه الجالية بعيدة حقا عن الوطن؟
وأشار في هذا الصدد إلى أن العالم أصبح بالفعل قرية صغيرة بفضل تطور المواصلات ووسائل الاتصال، مثل الإنترنت والهواتف النقالة، التي تـُقرب المسافات بين سكان العالم أينما وُجدوا. وأضاف “يمكن لهذه القرية الشاملة أن تَكون مجتمعا متضامنا وأرض استقبال للجميع”.
في المقابل، نوه رئيس الكنفدرالية إلى أن “الواقع مختلف” في حقيقة الأمر، إذ قال: “في هذه القرية الشاملة، هنالك دائما تباينات هائلة على مستوى الدّخل وجودة الحياة. وتهدد هذه الاختلافات بأن تصبح أكبر” في المُستقبل.
هوة متزايدة بين الأغنياء والفقراء
وأوضح السيد لوينبرغر أن العالم بأسره مفتوح بالنسبة للبعض، بحيث يستطيعون الذهاب أينما يحلو لهم، وأكل ما يشتهون، والاستفادة من التكوين والمعرفة وكافة البنى التحتية التي يوفرها العالم الحديث. لكن البعض الآخر يعاني من الجوع، أو من الأنظمة الدكتاتورية المستبدة، أو الفاقة، أو الحروب، أو الكوارث الطبيعية.
واستطرد قائلا “في العديد من البلدان، اتسعت الهوة بين الثراء والفقر لدرجة أنها ولّـدت نزاعات ولدرجة أن الأغنياء أصبحوا في نهاية المطاف يتحصّنون لحماية أنفسهم من الفقراء”.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الكنفدرالية أن سويسرا تعدُّ “بدون أي شك ممكن” من الدول المحظوظة، لأن كافة سكانها “لهم الحق في الحد الأدنى الحيوي”.
غير أن السيد لوينبرغر يرى أن “سويسرا لا يمكنها أن تغمض عينيها عن مشاكل العالم”، مضيفا “إن ملايين المهاجرين يأتون لطـَرق أبواب البلدان الغنية أملا في إيجاد الجنة لديها”، قبل أن ينوه إلى أن هجرة كبيرة تتجه نحو الدول الصناعية “التي تتحصن، إلى حد انتهاك الحقوق الإنسانية بهدف حماية نفسها”.
“واجبات سويسرا”
لكن ما علاقة ذلك بالعيد الوطني السويسري؟ يجيب رئيس الكنفدرالية في خطابه لأبناء الجالية في الخارج: “سواء كنا نعيش في سويسرا أو في الخارج، نحن جزء من هذا العالم. لا يمكن أن نقابل ما يحدث عند جيراننا، سواء كانوا بعيدين أو قريبين، باللامبالاة. ليس الحواجز التي تصنع بلدا ما بل الالتحام ومشاركة الجميع”.
وذكر رئيس الكنفدرالية بأن سويسرا انضمت قبل بضعة سنوات فقط للأمم المتحدة، وكانت تكتفي قبل ذلك بالقيام بدور صغير على هامش الساحة الدولية.
لكنه شدد على أن الوضع اختلف كثيرا وأن سويسرا ترى أنه “من واجبها مساعدة الناس على صنع بلد جدير بهذا الإسم، بلد يضمن لهم راتبا وماء صالحا للشرب وتكوينا ذي جودة، والحرية”.
واختتم خطابه بدعوة أبناء الجالية إلى الالتزام من أجل “أن يتمكن الجميع فوق هذه الأرض من التوفر على بيت مشترك يعيش فيه. هكذا سنكون أوفياء للفكرة الأساسية للديمقراطية المباشرة السويسرية المتمثلة في المساهمة في تشكيل سويسرا والعالم بتحمل مسؤولياتنا تجاه كل شخص”.
سويس انفو – إصلاح بخات
اختير فاتح أغسطس من عام 1291 الذي وقعت فيه الكانتونات الثلاثة المؤسسة للكنفدرالية، أوري وشفيتس وأونترفالد، الميثاق الفدرالي “غروتلي”، كتاريخ لميلاد الكنفدرالية التي تحولت إلى سويسرا الحديثة باعتماد الدستور الفدرالي عام 1848.
اعتمد العيد الوطني في الفاتح من أغسطس في عام 1984.
لم يتحول هذا العيد إلى يوم عطلة رسمية إلا منذ عام 1994.
في نهاية عام 2005، ناهز عدد السويسريين المسجلين في الخارج 634 ألف مواطن، من بينهم 71800 في فرنسا، و71000 في الولايات المتحدة، و46300 في ألمانيا، و400169 في إيطاليا و40026 في بريطانيا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.