مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاقيتان مثيرتان للجدل حول اللجــوء

زيارة وزيرة العدل والشرطة إلى افريقيا فتحت الباب أمام العديد من التساؤلات حول نتائجها التي ترى أنها ايجابية، ويراها الكثيرون عكس ذلك Keystone

أنهت وزيرة العدل والشرطة روت متسلر زيارة إلى كل من السنغال ونيجيريا، حيث وقعت مع الدولتين اتفاقيتين هامتين تقضيان بإعادة طالبي اللجوء الافارقة إلي كلا الدولتين، حتى وأن لم يكونوا من رعاياهما.

وقد قوبلت هاتان الاتفاقيتان بالترحيب من بعض الاطراف، ومن البعض الآخر بالاستنكار والدهشة.

لم تكن مفاوضات الوزيرة ميتسلر في العاصمتين الافريقيتين هينة أو سهلة، حيث قوبلت من المسئولين هناك بكم من الملاحظات على النص السويسري، الذي اعتمدته سويسرا مع 26 دولة أخرى أغلبها أوروبية.

فالجانب السنغالي، طالب بتعديل عنوان الاتفاقية من “إتفاقية التهجير المؤقت” إلى “إتفاقية الهجرة والتهجير المؤقت”، وتعديل كلمة “دول ثالثة” إى “دول غرب افريقية”

وتنص الاتفاقيتان على أن تقوم سويسرا بترحيل طالبي اللجوء من غرب افريقيا الذين تم رفض ملفاتهم إلى معسكر سيتم انشاؤه قرب العاصمة السنغالية داكار، يتم فيه التحقق من جنسية طالب اللجوء، ومن ثم ينتقل إلى بلاده.

وتبرر برن هذا الحل بأن أغلب الدول الافريقية لا يوجد لها سفارات في سويسرا، مما يجعل عملية التعرف على جنسية هؤلاء الافارقة صعبة واعادتهم إلى بلادهم أمرا معقدا، وتعتقد السلطات السويسرية أنها بذلك تسهل عودة طالبي اللجوء إلى بلدانهم، لا سيما وان السنغال تضم شبكة مواصلات جيدة مع معظم دول غرب افريقيا.

أما الشق الثاني من الاتفاقيتين، فينص على إتاحة المجال للعاملين في المكتب الفدرالي السويسري لشؤون اللاجئين بمرافقة طالبي اللجوءالمرحلين من سويسرا خلال سفرهم إلى معسكر التهجير في السنغال للتأكد من هويتهم خلال 72 ساعة، وإذا لم يتم ذلك فستتم إعادة طالب اللجوء إلى الكونفدرالية مرة أخرى.

وهذا الشق بالذات، هو ما يراه الكثير من المنتقدين غامضا: فكيف يمكن لموظف سويسري أن يحصل على تأكيد لهوية طالب اللجوء الافريقي خلال 72 ساعة فقط، على الرغم من أنه إذا لم يتمكن من ذلك فستتم إعادة الشخص إلى سويسرا؟

إلا أن جان دانيال غيربر مدير المكتب الفدرالي لشئون اللاجئين يرى أن الأتفاقية سيكون لها تأثير نفسي كبير على عصابات تهريب البشر، حيث بات واضحا أنه لا مجال للحصول على حق تقديم طلب اللجوء إلا بعد ابراز وثائق هوية.

السنغال ونيجيريا محوران هامان

ويرجع اختيار سويسرا لكل من نيجيريا والسنغال لأنهما أهم بلدين في غرب افريقيا، حيث يعتقد المسؤولون أن 13% من طالبي اللجوء الافارقة يتوافدون على الكونفدرالية من هناك.

ويبلغ عدد الأفارقة الذين لم تقبل السلطات السويسرية منحهم حق اللجوء 2231، وهم في انتظار الترحيل، إلا أن أغلبهم ليس لديه ما يثبت هويته أو يؤكد جنسيته.

وقد اعتبرت وزيرة العدل والشرطة أن الاتفاقيتين تضعان النقاط على الحروف فيما يتعلق بملف طالبي اللجوء الافارقة مع كلا الدولتين، مضيفة بأن عمليات الهجرة قد تكون ضرورية في ظروف معينة، ولكنها يجب أن تكون واضحة المعالم وبشكل شرعي.

في المقابل، أعلن وزير الخارجية النيجيري سوله لاميدو أنه يتمنى بأن لا يكون تطبيق هذه الاتفاقية بأثر رجعي على الرعايا النيجيريين المقيمين في سويسرا، حيث أكد على ضرورة بقائهم، طالما أن أوضاعهم قانونية.

واعتبر نظيره السنغالي تيديانه غاديو أن توقيع هذه الاتفاقية مع سويسرا يمثل ترجمة لفلسفة الرئيس عبد الله واد الذي يعتبر أن السنغال بلد كل لاجئ، مؤكدا في حديثه إلى وسائل الاعلام السنغالية أن بلاده لم تطالب سويسرا بأية تكاليف مالية معينة.

انتقادات وتساؤلات

وقد قوبلت هاتان الاتفاقيتان بعاصفة من الانتقادات من داخل مختلف التيارات السياسية في سويسرا. فحزب الشعب اليميني أعلن انه يراقب الموقف باهتمام بالغ، منتظرا ما سيسفر عنه التطبيق العملي، وان كان يرى بأن الأتفاقيتين ليستا سوى وهم، وأن سويسرا ستتكبد من جراء ذلك مبالغ طائلة وقد يعود طالبو اللجوء ثانية إلى الكونفدرالية.

أما الحزب الاشتراكي فقد انتقدهما من الناحية الانسانية، حيث تسائل عن كيفية حماية المعطيات الخاصة لهؤلاء الاشخاص، وكيفية ضمان عدم سوء استغلالها من قبل السلطات في كل من السنغال ونيجيريا، لا سيما وأن الاشخاص المرحلين قد لا يكونوا من رعايا الدولتين.

وأعربت المنظمة السويسرية لرعاية اللاجئين عن قلقها بشأن أوضاع اللاجئين في نيجيريا، مشيرة إلى أن توقيع الاتفاقية لا يعني تلقائيا تحسين الاوضاع هناك، وانه من المهم أن تتابع سويسرا أوضاعهم في مراكز التهجير المؤقته في السنغال.

كما أعرب الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية عن قلقه من هاتين الأتفاقيتين وتسائل: كيف يمكن لسويسرا أن تضمن أن طالبي اللجوء المرحلين إلى هناك لن يلقوا معاملة سيئة؟ وما هو موقف اللاجئين القادمين من مناطق صراعات، وكيف سيعاملون في “مراكز التهجير الانتقالية” في السنغال؟

جولة أخرى أمام البرلمان

كم هائل من الأسئلة لم تجد لها جوابا شافيا، لا لدى وزيرة العدل والشرطة، ولا لدي جهازها المسئول عن ملف اللاجئين. وعلى الرغم من ذلك، اعتبر الحزب المسيحي الديموقراطي الذي تنتمي إليه الوزيرة متسلر أن هاتين الاتفاقيتين تشكلان انجازا كبيرا.

توقيع الاتفاقيتين لا يعني أنهما دخلتا مباشرة حيز التنفيذ، فلابد أولا من المصادقة عليهما من برلمانات الدول الموقعة عليهما.

تامر أبو العينين – سويس انفو

تنظم الاتفاقيتان الموقعتان بين سويسرا وكل من السنغال ونيجيريا عودة طالبي حق اللجوء إلى سويسرا المرفوضة طلباتهم، حتى وان لم يكونوا من رعايا تلك الدولتين.
الاتفاقيات لن تدخل حيز التنفيذ قبل الموافقة عليها من برلمانات الدول الموقعة عليها.
وقعت سويسرا اتفاقية مشابعة مع 26 دولة أغلبها أوروبية، وهذه هي الاتفاقية الاولى من نوعها بين سويسرا ودول افريقية.
2231 من طالبي اللجوء إلى سويسرا من غرب افريقيا والذين رفضت طلباتهم، سيتم ترحيلهم إلى معسكرات انتقالية في السنغال للتأمد من هوياتهم ومن ثم إعادتهم إلى بلادهم.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية