اتفاق “تاريخي” بين الإمارات وإسرائيل لتطبيع العلاقات
توصّلت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل الخميس إلى اتفاق “تاريخي” حول تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أميركية، هو الأول بين إسرائيل ودولة عربية بعد اتفاقات السلام الموقّعة مع مصر والأردن والفلسطينيين.
ورحبّ الإسرائيليون بالاتفاق الذي كان إعلانه مفاجئاً، وأطلقوا عليه كما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان أول من أعلن عنه، تسمية “اتفاق سلام”، بينما تحدث بيان مشترك صادر عن الدول الثلاث عن “اتفاق تطبيع”، وأبرزت الإمارات العربية المتحدة شمول الاتفاق وقف ضمّ إسرائيل لأراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلّة.
والإمارات هي أول دولة خليجية تطبّع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، في خطوة تأتي في أعقاب مؤشّرات على التقارب في السنوات الاخيرة بينها وبين الدولة العبرية.
وسارع الفلسطينيون إلى رفض الاتفاق، واستدعت السلطة الفلسطينية سفيرها في الإمارات ودعت الى اجتماع طارىء لجامعة الدول العربية، وبدأت اتصالات مع حركة حماس للتنسيق.
– “إنجاز دبلوماسي” –
وقال ترامب في تغريدة على تويتر “إنه اختراق ضخم”، متحدثا عن “اتفاق سلام تاريخي بين صديقينا الكبيرين”.
ومنذ تسلّمه الرئاسة الأميركية، وضع ترامب نصب عينيه دفع دول عربية، لا سيّما منها الدول الخليجية، الى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، على خلفية تعزيز الجبهة المعادية لإيران في المنطقة.
ويأتي الاتفاق قبل أقلّ من ثلاثة أشهر من الانتخابات الأميركية التي يسعى ترامب للفوز فيها بولاية ثانية.
وأعلن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة على تويتر أيضاً أن بلاده اتفقت مع إسرائيل على “وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولاً الى علاقات ثنائية”، وعلى “وقف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية”.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش لصحافيين “ما قمنا به (…) خطوة جريئة لضمان حل الدولتين”، مضيفا أن السفارة الإماراتية لن تكون في القدس وأنّ افتتاحها “لن يتطلّب وقتاً طويلاً”.
وصدر بيان مشترك عن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة جاء فيه أن ترامب ونتانياهو والشيخ محمد بن زايد اتفقوا في اتصال هاتفي بينهم جرى الخميس “على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة”.
ووصف البيان الاتفاق ب”الإنجاز الدبلوماسي التاريخي” الذي من شأنه “أن يعزز من السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو شهادة على الدبلوماسية الجريئة والرؤية التي تحلى بها القادة الثلاثة، وعلى شجاعة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل لرسم مسار جديد يفتح المجال أمام إمكانيات كبيرة في المنطقة”.
وأكد البيان أن إسرائيل “ستتوقف عن خطة ضم أراض فلسطينية” بحسب ما كانت تنصّ عليه خطة ترامب للسلام، و”تركّز جهودها الآن على توطيد العلاقات مع الدول الأخرى في العالم العربي والإسلامي”.
وأعلن ترامب في أواخر كانون الثاني/يناير عن خطة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين تنصّ على ضمّ إسرائيل للمستوطنات ومنطقة غور الأردن في الضفّة الغربية. وكانت إسرائيل تبحث في آلية لتنفيذ عملية الضمّ.
– رفض فلسطيني –
وأشاد نتانياهو بالاتفاق قائلا إنه “يوم تاريخي” يدشن لـ “حقبة جديدة” في العلاقات مع العالم العربي.
وقال “اتفقنا على اتفاق سلام كامل مع تبادل سفراء وتبادل تجاري بما فيه رحلات مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب”.
وعن مسألة ضم أجزاء من الضفة الغربية، قال إن مخطط الضم “تأجّل” لكنه “لم يلغ”.
ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الاتفاق بأنه “مهمّ ومهمّ”، ودعا دولاً عربية أخرى إلى إبرام اتفاقات سلام مع بلده.
وفي رام الله، أكدت القيادة الفلسطينية “رفضها واستنكارها” للاتفاق، ودعت الى اجتماع طارىء لجامعة الدول العربية.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان تلاه عبر شاشة التلفزيون الرسمي إنّ الاتفاق “نسف المبادرة العربية للسلام”، وهو “خيانة للقدس والأقصى وقرارات القمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية وعدوانا على الشعب الفلسطيني”.
كما رفضت حركة حماس الاتفاق. وقالت على لسان الناطق باسمها حازم قاسم إنه “مدان ولا يخدم القضية الفلسطينية ويعتبر استمراراً للتنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني”.
دولياً، عبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن أمل بلاده في أن “تكون هذه الخطوة الجريئة الأولى في سلسلة تنهي 72 عاما من العداء في المنطقة”.
ورحّب المرشح الجمهوري الى الانتخابات الأميركية جو بايدن بالاتفاق “التاريخي”.
وعبّرت البحرين في بيان عن “بالغ التهاني لدولة الإمارات العربية المتحدة”، مضيفة أنّ “هذه الخطوة التاريخية ستسهم في تعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة”.
وأعرب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن يساهم اتفاق تطبيع العلاقات في التوصّل إلى حلّ للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس مبدأ حلّ الدولتين.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أن القرار المتّخذ من جانب السلطات الإسرائيلية بتعليق ضمّ أراض “هو خطوة إيجابية يجب أن تتحوّل إلى إجراء نهائي”.
كما رحّبت بالاتفاق مصر التي كانت أول دولة عربية وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل في 1979.
ووقّع الفلسطينيون اتفاق سلام مع إسرائيل في 1993 قامت بموجبه السلطة الفلسطينية. كما وقّع الأردن اتفاق سلام مع الدولة العبرية في 1994. ويثير الاتفاق مع الإمارات أسئلة حول مصير المبادرة العربية للسلام برعاية السعودية التي تنصّ على إنشاء دولة فلسطينية على حدود العام 1967 مقابل التطبيع.
وقال مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إن هناك “احتمالاً كبيراً جداً” أن تعلن إسرائيل ودولة عربية أخرى تطبيع العلاقات بينهما خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وبحسب ارون ديفيد ميلر، المفاوض الأميركي السابق حول عملية السلام في الشرق الأوسط والمحلّل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فإن الخطوة الإماراتية-الإسرائيلية هي بمثابة “انتصار جماعي”.
وكتب على تويتر “(الإمارات) تقول إنها منعت ضمّ أراضٍ، الولايات المتحدة تمنع الضمّ أيضاً وتحقّق اختراقاً كبيراً، ونتنياهو يحصل على انتصار هائل”.
مع-سلس-شي-رض/بم