الناخبون يرفضون المشروع الحكومي لإصلاح نظام التقاعد
رفضت أغلبية مريحة من الناخبين السويسريين يوم الأحد 24 سبتمبر 2017 خطة حكومية شاملة تهدف إلى إصلاح نظام معاشات التقاعد. وهذه هي ثالث محاولة إصلاح تفشل في اجتياز اختبار صناديق الإقتراع خلال العقديْن الأخيريْن.
وبحسب النتائج النهائية رفض 52.7% المشروع الحكومي لإصلاح نظام معاشات التقاعد، وكذلك فشل مقترح الحكومة الداعي إلى الزيادة في نسبة الضريبة على القيمة المضافة لتمويل مشروع الإصلاح في الحصول على أغلبية أصوات الناخبين المطلوبة وكذلك على موافقة ثلثيْ عدد الكانتونات المشكلة للفدرالية، وفق ما ينص عليه القانون الإنتخابي المعتمد في البلاد.
وأوضح لوكاس غولدر، المدير المشارك لمعهد Gfs ببرن أنه “كان هناك رفض للمشروع الحكومي في جميع المناطق عبر البلاد، وعلى وجه الخصوص في القرى، وكذلك في كانتونات ناطقة بالفرنسية”. ناهيك عن المناطق المتكلمة بالألمانية.
وهذه النتائج كانت متوقعة إلى حد ما. فالمشروع المعروض على الناخبين اليوم من أبرز القضايا المثيرة للجدل التي يحسمها الناخبون خلال هذه الدورة البرلمانية التي تمتد لأربع سنوات. وقد اعتمد البرلمان هذا المشروع بعد ست سنوات من النقاش.
محتويات خارجية
وينص المشروع المعروض على أنظار الناخبين على الترفيع في سن التقاعد بالنسبة للنساء من 64 إلى 65 عاما، وتخفيض ما يسمى بمعدّل التحويل الأدنى للأصول المتراكمة في خطط المعاشات التقاعدية المهنية الإلزامية إلى 6%، وعلى زيادة طفيفة في نسبة الضريبة على القيمة المضافة. وللتعويض على هذه التدابير المقترحة، سوف يحصل جميع المتقاعدين الجدد على 70 فرنك إضافية شهريا.
وقد رأت الحكومة وأغلبية برلمانية محدودة، مدعومة من أحزاب اليسار والوسط ، أن مشروع الإصلاح المقترح هو حلّ وسط معقول وعادل، وهو ضروري لتمويل نظام التأمينات الاجتماعية وتعزيز أركانه في مجتمع تزداد فيه نسبة الطاعنين في السن أكثر فأكثر.
ردود الفعل
لكن نتيجة اقتراع يوم الأحد تظهر أن هذا المشروع كان معقّدا للغاية، ووضع عبئا ماليا ثقيلا على كاهل الشباب، وفقا للمعارضين من أقصى اليمين ويمين الوسط. كذلك عبّرت بعض الأحزاب الصغيرة من أقصى يسار المشهد السياسي، والتي قادت حملة ضد هذا المشروع، عن سعادتها بكون سن تقاعد المرأة لن يتم الترفيع فيه.
وقد اعترف مؤيدو مشروع الإصلاح بالهزيمة لكنهم حذّروا من أن الحل البديل لتعزيز نظام المعاشات التقاعدية سيكون صعبا.
ويقول المراقبون أن صياغة اقتراح جديدة عملية سوف تستغرق عدة سنوات. ويطالب يمين الوسط بمضاعفة حزمة الإصلاحات، بينما تعهّد اليسار بمعارضة أي محاولة لتعميم رفع سن التقاعد.
يقول باتريك إيمينيغر، الخبير السياسي بجامعة سانت -غالن إن “مشروع الإصلاح المقترح هو معقّد وشائك، لا ريب في ذلك. ولكن من الصّعب أن نتصوّر أن اقتراحا مقبولا يمكن تقديمه في غضون مهلة قصيرة، وإن تصريحات المؤيدين والرافضين لا تبشّر بخير”.
اعترف مؤيدو مشروع الإصلاح بالهزيمة لكنهم حذّروا من أن الحل البديل لتعزيز نظام المعاشات التقاعدية سيكون صعبا.
وأضاف الخبير السياسي: “على الفائزين بإقتراع الأحد 24 سبتمبر اقتراح حل وسط توافقي يرضي أحزاب اليسار، إذا أرادوا فعلا أن يكونوا واقعيين. أما اليسار، فهو الآخر سيواجه معضلة”.
وأوضح قائلا: “سيكون من المثير للإهتمام أن نرى ما إذا كان اليسار السياسي في الكانتونات الناطقة بالفرنسية، وأيضا منظمات الشباب الإشتراكي، سوف تقدّم انشغالات النساء عن انشغالات الاجيال الشابة”.
ويعد تصويت يوم الأحد ثالث محاولة فاشلة في صناديق الإقتراع أو عبر البرلمان خلال العقديْن الماضييْن تهدف لإحداث تعديل تشريعي لإلغاء العجز الهيكلي الذي يعاني منه نظام المعاشات التقاعدية.
العوامل التي كان منتظرا أن ترجّح الكفة
التنبؤ بنتائج هذا الإقتراع شغل المراقبين السياسيين في الآونة الأخيرة. وقد توقّفوا عند العوامل أو الاحداث الحاسمة، التي بالإمكان أن ترجّح كفة مؤيدي المشروع المقترح أو كفة المعارضين.
لقد كان من العناصر الأساسية في الحملة الدعائية دور ومصداقية وزير الداخلية ألان بيرسيه المسؤول عن ملف التأمينات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية.
كذلك المتقاعدون الذين يعيشون خارج سويسرا كانوا في صميم النقاش ، ولا سيما في بداية الحملة، وتحديدا في شهر يونيو، بعد تعليق أدلت به رئيسة الحزب اللبرالي الراديكالي (يمين الوسط).
ولقد أثار اقتراح بيترا غوسّي المثير للجدل الداعي لخفض معاشات التقاعد للأشخاص الذين لا يدفعون الضرائب، ولا ينفقون المال كمستهلكين في سويسرا، ضجّة بين صفوف السويسريين المقيمين في الخارج.
ويحق لحوالي 160 ألف سويسري مغترب في الخارج، المشاركة في التصويت يوم الأحد من جملة 5.5 مليون مواطن سويسري يحق لهم الإنتخاب.
اقتراع 24 سبتمبر
يمثل مشروع اصلاح معاشات التقاعد إحدى قضيتيْن على وصفة الإستفتاء العام الذي يُنظّم في سويسرا يوم الأحد 24 سبتمبر 2017.
أما المسألة الثانية، فتتعلّق بالتصويت على مشروع برلماني مضاد يهدف إلى تعزيز الإنتاج الغذائي الزراعي.
وهذا هو الإقتراع العام الثالث والأخير لهذا العام.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
قراءة معمّقة
المزيد
آفاق سويسرية
صحيفة سويسرية تكشف تفاصيل رحلة هروب الأسد إلى موسكو
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
مشروع المعاشات لعام 2020: ملائم لتأمين التقاعد؟
تم نشر هذا المحتوى على
مما لا شك فيه، أن مشروع تأمين الشيخوخة لعام 2020 يدخل ضمن أهم مشاريع الإصلاح التي عرضت، على مدى السنوات الطويلة الماضية، للتصويت الفدرالي، وذلك باعتبار أنه أولا وقبل كل شيء يطال كافة المواطنين، فتقريبا جميع المقيمين في سويسرا – سويسريون وأجانب، شباب وشيوخ، نشطون مهنيا وغير نشطين، أغنياء وفقراء – لهم الحق في تأمين…
“لا أحد يُجادل اليوم حول ضرورة التدخّل لإصلاح نظام التقاعد”
تم نشر هذا المحتوى على
swissinfo.ch: بعد دخوله حيز التنفيذ تم تعديل تأمين الشيخوخة والأيتام القصر عشر مرات، آخرها في عام 1997. ومنذ ذاك الحين فشلت عدة محاولات شاملة لإصلاحه. فلماذا؟ رودلف شترام: هذا لأنه لا يُمكن اتخاذ خطوات كبيرة في سويسرا، ومنها تقليل المعاشات. فقد رُفض هذا الأمر ثلاث مرات. كما أنه لا يُمكن رفع الضرائب بصورة فجائية. لذلك فإن…
تم نشر هذا المحتوى على
ليست هذه هي المرة الأولى في العام الجاري التي يقف فيها الشعب السويسري أمام مفترق طرق. فقد اتخذ بعد جدل شديد قراراً واضحاً في مايو الماضي بتأييد التخلي عن استخدام الطاقة الذرية والإستغناء عن المحروقات الأحفورية (59% نعم، مقابل 41% لا). حالياً، يحين وقت الإقتراع حول إصلاح تأمينات التقاعد الذي طالما ارتفعت الأصوات مطالبة به ودار…
نساء سويسرا.. هل هن من بين المحظوظات في أوروبا فعلا؟
تم نشر هذا المحتوى على
يظل الترفيع في سن تقاعد النساء من 64 عاما حاليا إلى 65 عاما، من بين أكثر النقاط إثارة للجدل في مشروع الإصلاح الكبير لنظام الضمان الإجتماعي السويسري، الذي سيُعرض على التصويت الشعبي يوم 24 سبتمبر الجاري، لا سيما وأن السويسريات لا زلن ضمن القلة اللاتي يتقاعدن قبل الرجال في أوروبا.
«نعم» مضاعفة لضمان رواتبنا التقاعدية وتعزيز تأمين الشيخوخة والباقين على قيد الحياة
تم نشر هذا المحتوى على
منذ 70 سنة، يعتبر تأمين الشيخوخة (AVS) التأمين الاجتماعي والركن الأكثر أهمية لضمان الشيخوخة. حيث يتم تمويله عن طريق نظام التوزيع، وهذا ما يسمح له بالصمود أمام اضطرابات الأسواق المالية. وبفضل الزيادة في الأجور والإنتاج، يبقى تمويله مستقراً: فمنذ أكثر من 40 سنة، لم ترتفع نسبته المُقتطعة من الرواتب. وبينما يقترب عمر جيل «الأطفال المولودين…
تم نشر هذا المحتوى على
المبادرة رابط خارجيأطلقها اتحاد النقابات السويسرية، ودعمها رابط خارجيالإشتراكيون والخضر، وعارضتها رابط خارجيمنظمات أرباب العمل وأحزاب اليمين والوسط. ويطمح أنصار المبادرة أن تُعوّض الزيادة بنسبة 10% تآكل معاش الشيخوخة في مقابل تزايد الأجور وتدنّي المعاشات التقاعدية المهنية. “ينص الدستور الفدرالي على أن معاشات الشيخوخة والمعاشات التقاعدية المهنية يجب أن تحافظ بشكل معقول على مستوى العيش…
مشروع نظام معاشات الشيخوخة لعام 2020: إصلاحات وهمية
تم نشر هذا المحتوى على
إنّ الهدف الرئيسي لمشروع الإصلاح هو ضمان مستوى المعاشات التقاعدية في المستقبل. وبدعم من الحكومة وأغلبية طفيفة من الأصوات، أعاد البرلمان صياغة هذا الهدف وقرر توسيع نطاق نظام تأمين الشيخوخة والباقين على قيد الحياة (AVS) بدلاً من تنقيحه. وبهذه الطريقة، يصبح مشروع معاشات الشيخوخة لعام 2020 إصلاحاً وهمياً وغير عادل بالإضافة إلى أنه يدوس على…
تم نشر هذا المحتوى على
الكثير من السيدات في سويسرا يعملن بدوامٍ جزئي، أو لا يعملن على الإطلاق، مما ينتج عنه حصولهن على معاش تقاعد ضئيل. وكثيراً ما يكون هذا المعاش أقل من أن يكفي لتمويل حياتهن. وتعتبر ماريان دي ميسترال مثالاً على هذه الحال.
البرلمان الفدرالي يقرّ حزمة إصلاحات جذرية لنظام التقاعد
تم نشر هذا المحتوى على
وفي وقت لاحق من هذا العام، ستكون الكلمة الأخيرة للناخبين في تقرير مصير هذه الحزمة الهادفة لحشد الموارد المالية لمعاشات الدولة. وتتضمّن حزمة الإصلاحات التي وافق عليها البرلمان يوم الخميس 16 مارس 2017 الترفيع في سن التقاعد للنساء من 64 إلى 65 عاما لتتطابق مع سن تقاعد الرجال، وزيادة شهرية بقيمة 70 فرنك للأشخاص المتقاعدين…
سياسيّون يستهدفون معاشات المتقاعدين المُقيمين خارج سويسرا
تم نشر هذا المحتوى على
منذ أن بات واضحا أنه لا مفر من إصلاح منظومة التأمين على الشيخوخة والباقين على قيد الحياة، يتعرض نظام التقاعد المعمول به في سويسرا إلى هزات قوية. وتتمثل المعضلة في التزايد المطرد لأعداد المتقاعدين مقابل التراجع المستمر في أعداد السكان النشطين الذين يُمكن بفضل مساهماتهم دفع المعاشات إلى مستحقيها. وإذا ما لم يتم القيام بأي…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.