الاتفاقيات بين برن وبروكسل في خطر!
انطلقت يوم الأربعاء في بروكسل المُفاوضات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حول توسيع صلوحية الاتفاق الثنائي الخاص بحرية تنقل الأشخاص ليشمل الدول العشر التي ستنضم للاتحاد عام 2004.
لكن تهديد النقابات وحزب الشعب السويسري بتنظيم استفتاء شعبي ضد هذه الخطوة قد يُـطيح بكافة الاتفاقيات المبرمة لحد الآن بين برن وبروكسل.
من المحتمل أن لا تستغرقَ المُفاوضاتُ الجاريةُ حاليا في بروكسل بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حول توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص وقتا طويلا، وقد لا تواجه صعوبات كبيرة.
فالحكومة السويسرية لا تعارض مبدأ توسيع الاتفاق ليشمل الأعضاء العشر الجدد الذين سينضمون إلى الاتحاد الأوروبي في 1 مايو 2004، بل إن برن تعتبر ذلك فرصة لإنعاش الاقتصاد السويسري. لكن نتائج هذه المفاوضات قد تُطرح على مصادقة الناخبين في استفتاء شعبي اختياري في سويسرا. وهنا تكمن المشكلة!
تعبئة قوية في صفوف المعارضين
فإذا ما رفض الناخبون السويسريون فكرة توسيع الاتفاق، ستبطل رزمة الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي بموجب بند يُسمى “فقرة المِقصلة”. وينص هذا البند الحاسم على إلغاء جميع الاتفاقيات في صورة التراجع عن أي منها في استفتاء شعبي.
هذا الاحتمال لم يعد مُستبعدا بعد أن هددت نقابة الصناعة والبناء السويسرية (أهم تنظيم عمالي في البلاد)، على لسان رئيسها فاسكو بدرينا، بمعارضة توسيع الاتفاق إذا ما لم تتخِذ برن إجراءات فعالة للحيلولة دون تدني مستوى الأجور والظروف الاجتماعية للعمال في سويسرا نتيجة توافد العاملين من وسط وشرق أوروبا عليها.
وأوضحت النقابة أنها لن تتردد في الدعوة إلى استفتاء شعبي لتسليط الضوء على مخاطر تردي أوضاع العمل في الكنفدرالية إن فُتحت أبوابها أمام الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي دون قيد أو شرط.
وعلى عكس الاعتبارات السياسية المجردة، لن تجد النقابة حليفا أفضل من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد لتكسب الرهان. فقد أعلن فرع الحزب في زيوريخ بدوره عن تنظيم استفتاء شعبي بهدف التصدي لمشروع توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص بين سويسرا والاتحاد الأوروبي ليشمل الأعضاء العشرة الجدد.
ويتمتع حزب الشعب السويسري عموما بحظوظ وفيرة لإقناع الناخبين بوجهة نظره، لا سيما إذا صدقت نتائج استقراءات الرأي الأخيرة في الكنفدرالية، والتي ترشح الحزب ذي التوجهات اليمينية القومية للفوز بأكبر نسبة من أصوات الناخبين خلال الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في موفى شهر أكتوبر 2003.
“سلاح” الاستفتاء الشعبي
المفاوضون السويسريون الذين تحولوا إلى بروكسل لمناقشة ملف توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص حرصوا على تذكير نظراءهم الأوروبيين بخصوصية التشريعات السويسرية التي تسمح لمواطني الكنفدرالية باللجوء إلى “سلاح” الاستفتاء الشعبي.
وفي هذا السياق، حذر رئيس وفد المفاوضين السويسريين ديتير غروسن المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء 16 يوليو من أن الاتفاق لا يمكن أن يدخل حيز التطبيق قبل 2005. وأوصى السيد غروسن، الذي يشغل منصب نائب مدير المكتب الفدرالي للهجرة والإندماج والنزوح، محاوريه بالتريث في معالجة هذا الملف، في الوقت الذي تأمل المفوضية في تطبيق الاتفاق على الأعضاء العشرة الجدد بأسرع وقت، بل حتى قبل موعد انضمامهم الرسمي إلى الاتحاد الأوروبي، وهو أمل وصفه المفاوضون السويسريون بـ “غير الواقعي”.
ويذكر أن عملية توسيع الاتحاد تتطلبُ تفاوضَ سويسرا مع كافة الدول الأوروبية المعنية، كل واحدة على حدة، حول اتفاق حرية تنقل الأشخاص. في المقابل، ستُـطبق الاتفاقيات القطاعية الست الأخرى على الأعضاء الأوروبيين الجدد بصفة تلقائية فور التحاقهم بالاتحاد، وذلك في حال قبول نتائج مفاوضات بروكسل وعدم اللجوء إلى استفتاء شعبي قد تُبطل نتائجُـه الاتفاقيات السبع التي بدأ العمل بها في 1 يونيو 2002.
وتشمل هذه الاتفاقيات، بالإضافة إلى حرية تنقل الأشخاص، النقل البري والجوي والزراعة والبحث العلمي والصفقات العمومية والقطاع التجاري.
وفضلا عن الاستفتاء الإختياري الذي يمكن أن يلجأ إليه الشعب السويسري لقبول أو رفض نتائج المفاوضات الجارية مع بروكسل، يحق لسويسرا – طبقا لبنود الاتفاقيات الثنائية مع أوروبا – تنظيم استفتاء شعبي آخر عام 2009، أي بعد 7 سنوات من بدء العمل بها لحسم أمر مهم: هل يقبل الناخبون بتمديد العمل باتفاق حرية تنقل الأشخاص أم لا؟ لكن هذه أسطوانة أخرى!
سويس انفو
في مايو 2000، صوت الناخبون السويسريون بنسبة 67% لصالح رزمة الاتفاقيات الثنائية الأولى المبرمة بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي والتي شملت 7 قطاعات.
تشمل هذه الاتفاقيات حرية تنقل الأشخاص والنقل البري والجوي والزراعة والبحث العلمي والصفقات العامة والعقبات التقنية في القطاع التجاري.
تجري سويسرا حاليا جولة ثانية من المفاوضات الثنائية مع بروكسل حول رزمة ثانية من الاتفاقيات تشمل 10 ملفات.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.