البابا يدعو خلال لقائه غجر الروما السلوفاكيين إلى الانتقال “من الانغلاق إلى الاندماج”
دعا البابا فرنسيس الثلاثاء خلال زيارته أحد الأحياء الفقيرة في منطقة تقطنها أقلية غجر الروما في شرق سلوفاكيا إلى “الاندماج”، مشددا على أهمية “الانتقال من الأحكام المسبقة إلى الحوار”.
قبيل زيارة البابا تم تعبيد الطريق في حي لونيك 9 الفقير في كوشيتسه حيث تكثر المشاكل الاجتماعية.
وقال البابا بعدما استمع إلى شهادات أبناء هذه الأقلية إن التهميش لا يعود بأي نفع. وقال “عندما يُغذّى الانغلاق، ينمو الغضب. فالدرب المؤدية إلى التعايش السلمي هي الاندماج”، وفق تصريحات أوردها موقع أخبار الفاتيكان بالعربية.
وهذه أول زيارة خارجية للبابا البالغ 84 عاما منذ خضوعه لعملية في القولون مطلع تموز/يوليو. وبدا حتى الان بصحة جيدة.
وفي حي لونيك 9 المتداعي يقيم نحو 4500 شخص في مكان يتسع لنصف هذا العدد فيما التيار الكهربائي والتدفئة والغاز والمياه الجارية لا تصل إلى الكثير من الأبنية بسبب عدم تسديد الفواتير.
وقال البابا إن “الغجر وقعوا غالبا ضحية الأحكام المسبقة، والصور النمطية التي تميّز بين الأشخاص فضلا عن الألفاظ والأفعال المسيئة. وهذا الأمر يُفقر البشرية”.
وهو دعا أبناء هذه الأقلية إلى “الانتقال من الأحكام المسبقة إلى الحوار، ومن الانغلاق إلى الاندماج”، موضحا أن “الدرب المؤدية إلى التعايش السلمي هي الاندماج. تبدأ بالتعارف المتبادل، وتستمر بصبر وتنظر إلى المستقبل، الذي هو للأطفال”.
وشدد الحبر الأعظم على أن “هؤلاء الصغار يريدون النمو مع الآخرين، وهم يشجعون على اتخاذ خيارات بعيدة النظر، تأخذ في عين الاعتبار مستقبل الجميع”.
وهو دعا غجر الروما إلى “السير إلى الأمام بثقة، متخطّين كل المخاوف وجراحات الماضي”.
وقال إيغور سيفاك (32 عاما) المقيم في الحي “لقد جعلنا نشعر أننا متساوون مع بقية شعوب العالم”، معتبرا أن زيارة البابا للمنطقة “ستغيّر الأمور” ووصفها بأن لها وقع “صاعقة”.
وقال إيميل بالوغ (51 عاما) وهو عاطل عن العمل إنه استمع إلى البابا بـ”إعجاب”.
وأضاف “البابا فرنسيس يدرك اننا تعرّضنا للتميّز وأن الأحكام المسبقة بحق غجر الروما موجودة في المجتمع”.
وقال رادو شالوبكا الذي يدرّس مادة الرياضيات في لونيك 9 إن رسالة البابا موجّهة إلى غالبية الشعب السلوفاكي الذي “عليه أن يبذل مزيدا من الجهود لقبول غجر الروما والتعايش معهم بسلام”.
يعيش نحو 20 % من غجر الروما في سلوفاكيا في فقر مدقع في أكثر من 600 حي متداعية خصوصا في جنوب البلاد البالغ عدد سكانها 5,4 ملايين نسمة، وفي شرقها. وتسجل سلوفاكيا الشرقية أحد أدنى إجمالي ناتج محلي للفرد في الاتحاد الأوروبي.
ويقدّر عدد أبناء هذه الأقلية في سلوفاكيا بنحو 400 الف شخص.
يشكل غجر الروما أكبر أقلية اتنية في القارة الأوروبية مع تركز كبير في أوروبا الوسطى والشرقية.
ويفيد مؤرخون أن نصف مليون من غجر الروما قضوا على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية أي حوالى ربع عددهم الإجمالي.
– “عكس التيار” –
وفي شهادة أدليا بها قال نيكولا وريني هاراكالي وهما زوجان يبلغان 28 و29 عاما نشآ في لونيك 9 إنهما تابعا الدراسة بفضل الرعية الساليزينية. وقالا إنهما وجدا عملا واشتريا شقة في منطقة أخرى.
وقالا إن أهاليهما شجّعاهما “على الذهاب عكس التيار”. وقالا إنهما يوفران لولديهما “حياة أكثر سعادة وأكثر كرامة وأكثر سلاما”.
وقال بيتر بيسينيي أحد مسؤولي الرعية الساليزينية الكاثوليكية في لونيك 9 والمسؤول عن رعية غجر الروما في أبرشية كوشيتسه إن “زيارة الحبر الأعظم لمكان لا يريد أحد التوجه إليه، أمر رائع”.
وهو توجّه بالشكر إلى “أولئك الذين يوفرون لغجر الروما عملا لائقا وراتبا منتظما” معتبرا أنهم بذلك يساعدونهم على عيش “حياة كريمة”.
وقال إن الزيجات المختلطة تسهم في “إسقاط الأحاكم المسبقة”.
وقالت إيفيتا دوشونوفا مسؤولة مكتب المندوب الحكومي لغجر الروما “في العام 2016 اظهرت دراسة للاتحاد الأوروبي حول الأقليات والتمييز أن 54 % من غجر الروما في سلوفاكيا وقعوا ضحية التمييز بسبب انتمائهم الاتني”.
وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس أن هذا التمييز “متواصل ويبقى مقبولا بشكل واسع”.
وشددت دوشونوفا على أن العنصرية تجاه غجر الروما “ليست ناجمة عن طريقة عيشهم بل تستند إلى نماذج تمييز عنصرية وأحكام مسبقة وأفكار نمطية وهي الأسباب الفعلية للكراهية”.
وختم البابا يومه بلقاء 25 الف شاب في ملعب المدينة.