البنوك تتراجع عن سياسات الاندماج
تمحور النقاش بين الخبراء المجتمعين يومي 2 و 3 نوفمبر في إطار الملتقى المالي 2004 بزيورخ حول أهم التحديات التي تواجه القطاع البنكي السويسري في المستقبل.
في الحوار التالي الذي خص به سويس إنفو، يحلل الأستاذ بيات بيرني، من جامعة سانت غالن، الإستراتيجيات الدولية التي تنتهجها اثنتان من أكبر البنوك السويسرية.
انعقد في مدينة زيوريخ المنتدى المالي للعام 2004، تحت شعار “بنك المستقبل- استراتيجيات من أجل أسواق تعرف منافسة أكثر”.
وجاء انعقاد ملتقى هذا العام في الوقت الذي تنكب فيه كبريات البنوك في أوربا على دراسة فكرة الاندماج او التحالفات العابرة للحدود، على غرار البنوك الأمريكية.
ولكن كلا من مصرف “CREDIT SUISSE” كريدي سويس، و “UBS” إتحاد البنوك السويسري، اللذان يعتبران من أكبر البنوك السويسرية، ومن بين أهم البنوك الأوربية، يبدوان وكأنهما قد تخليا عن مثل هذه الإستراتيجية.
إذ يعتبر الخبير بيات بيرني، أنه على الرغم من استيعاب البنك الإسباني “سانتاندر” مؤخرا للبنك البريطاني “آبي”، قد يصبح الموقف السويسري المحترس من الإندماج نموذجا يحتذى على المستوى الأوربي.
سويس إنفو: ما الذي يعمل على إعادة إذكاء النقاش الخاص بالتحالفات البنكية العابرة للحدود؟
بيات بيرني: هذا يفسر من جهة بالرغبة في تحقيق اقتصاد في النفقات على نطاق واسع، ومن جهة أخرى في القدرة على الدخول إلى أسواق أوسع، مع أمل أن يستفيد أحد الشركاء من الإعفاءات الحاصل عليها في سوقه الأصلية أثناء ممارسة نشاطاته في سوق أوربية أخرى.
سويس إنفو: ما هي العوائق التي تمنعه من ممارسة نشطه في أوربا؟
بيات بيرني: أعتقد أن أول عائق يتمثل في القوانين والإجراءات السارية المفعول، وبالأخص قوانين المنافسة. ولكن المؤسسات المالية تراعي أيضا النفقات الباهظة المترتبة عن مشاريع مماثلة. فقد أصبح من الصعب جدا تحقيق أرباح كبيرة بمثل هذه المشاريع في أسواق تعرف تراجعا في هامش الأرباح.
سويس إنفو: لماذا يبدو السويسريون بالخصوص أقل تحمسا لمثل هذه المشاريع؟.
بيات بيرني:أعتقد بأن عمليات الاندماج او الانصهار الكبرى تعود للتسعينات. أما اليوم فيجب التركيز بالدرجة الأولى على ابتكار أساليب عمل جديدة تقوم على أساس شبكات متواصلة. لأن هذا النموذج يمنح مزيدا من هامش الربح … ويجنب تحمل نفقات الاندماج الكامل. وهذا هو السبب، في نظري الذي يدفع مصارفنا الكبرى الى انتهاج استراتيجية مغايرة للإستراتيجيات التي اتبعتها خلال التسعينات.
سويس إنفو: يقول مصرف ” اتحاد البنوك السويسري” UBS أنه يتبع استراتيجية الخطى الصغيرة القائمة على أساس النمو الداخلي وعلى أساس استيعاب مؤسسات صغيرة او متوسطة. ما هي استراتيجية مصرف كريدي سويس؟
بيات بيرني: يركز مصرف كريدي سويس أيضا على تعزيز أرباحه من عائدات رأس المال. وهذا ما سيبقى ساري المفعول على الأقل طوال السنتين او الثلاث سنوات القادمة، وهذا قبل التحول الى المرحلة القادمة.
سويس إنفو: لقد ترددت شائعات مفادها أن نائب مدير القرض السويسري، جون ماك، استقال من منصبه بعد أن عمل جاهدا لإحداث تقارب مع المصرف الألماني ” دويتشي بانك”، هل هذا ما حدث فعلا في رأيكم؟.
بيات بيرني: أجهل الدوافع الكامنة وراء قرار شخصي مماثل، ولكنني أعتقد أن إحداث تقارب مع “الدويتشي بانك” كان فكرة سيئة للغاية. إذ لن يحقق اندماج مماثل أية أرباح، لأن حجم المؤسسة لا يمثل بالضرورة ضمانا لتحقيق الأرباح، ولا حتى ضمانا لتسهيل الوصول الى الأسواق.
سويس إنفو: ما هي المكانة التي يحتلها المصرفان السويسريان مقارنة مع المؤسسات البنكية الأوربية الأخرى؟.
بيات بيرني: يجب النظر إلى ذلك من مستوى كل نشاط على حدة، أي المعاملات الخاصة، او التجزئة، أو الاستثمار، وفي كل حالة سيكون الجواب على سؤالكم مغايرا. ففيما يتعلق بالبنوك الخاصة، تحتل المؤسسات السويسرية مرتبة قوية وتنتهج استراتيجية دولية. أما فيما يتعلق ببنوك التجزئة فالوضع مغاير. إذ يتعلق الأمر بأسواق محلية يصعب الدخول إليها من الخارج.
سويس إنفو: ومن ناحية القوة المالية؟
بيات بيرني: هنا أيضا يجب مراعاة كل قطاع على حدة. ففيما يتعلق بالبنوك الخاصة تحتل المؤسستان السويسريتان مكانة جيدة مقارنة مع البنوك الألمانية او حتى البريطانية. أما في بنوك التجزئة، فيحتل البريطانيون مكانة أحسن، وهذا بالدرجة الأولى بسبب التصرف المغاير للزبائن. ولكن مؤسستينا تحتلان الصدارة مقارنة مع السوق الألمانية او الفرنسية او الإيطالية. وفي ميدان الاستثمارات، تعاني مؤسستانا من نقص، قد يتمكن مصرف “كريدي سويس” من تداركه لتحسين مكانته في السوق وتحقيق نتائج إيجابية بفضل الإستراتيجية المتمثلة في التركيز على المؤسسات الأوربية المتوسطة الحجم.
سويس إنفو: وكيف يمكن لمصرفي كريدي سويس واتحاد البنوك السويسري مواجهة منافسة كبريات البنوك الأمريكية؟
بيات بيرني: أعتقد بأن السوق الرئيسية بالنسبة لبنوكنا توجد في أوربا وفي آسيا. وتحتل المؤسستان السويسريتان في كلا السوقين مكانة بارزة ، بفضل قوتهما المالية وبفضل تحسين نتائجهما خلال السنوات الأخيرة. فقد ارتكبت المؤسستان أخطاء من الناحية الاستراتيجية، ولكنني اعتقد بأنهما عدلتا من توجههما، وهو ما لم يتم بالنسبة للعديد من المؤسسات البنكية الأوربية المنافسة لهما بل حتى بالنسبة لبعض البنوك الأمريكية.
أجرى الحوار: كريس لويس – (نقله إلى العربية: محمد شريف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.