البورصة السويسرية تعود إلى مستويات عام 2002
ارتفعت مؤشرات التعامل في سوق الأوراق المالية في زيورخ منذ قرابة الأسبوعين، دون أن تتراجع، لتسجل ارتفاعا للمرة الأولى منذ 3 سنوات.
ويثير هذا الارتفاع المفاجئ تساؤلات عن خلفياته وهل سيتواصل أم لا، إلا أن أغلب المحللين يعتقدون بأنها قابلة للإستمرار لتعود البورصة على الصعود مرة أخرى.
ارتفع مؤشر البورصة السويسرية في 26 مايو الماضي ليتجاوز حاجز 6100 نقطة، للمرة الأولى منذ 3 سنوات، وليرتفع مجددا إلى نفس المستوى الذي كان عليه في 12 يونيو 2002.
وتضم سوق الأوراق المالية في زيورخ أسهم 27 شركة من أعمدة الاقتصاد السويسري في مجالات الصيدلية والصناعات الغذائية والكيماوية والميكنة والتقنية الدقيقة.
وعلى الرغم من أن تلك النتيجة ايجابية ومشجعة، إلا أن المخاوف تساور البعض حول احتمالات استمرارية هذا الصعود رغم ما تشهده الساحة من بوادر كساد إقتصادي وبعض المخاوف من عودة معدلات البطالة إلى الإرتفاع.
الشركات الرابحة والفوائد المنخفضة
ويقول ألدوا فيزاني رئيس المحللين في بنك غوتهارد أن النمو المسجل في الفترة السابقة يعود إلى 3 عوامل: أولها أن أرباح الشركات في العام الماضي كانت ايجابية على الرغم من أن الاقتصاد لم يكن يمر بأوضاع جيدة، كما أن استمرار تراجع نسب الفوائد في البنوك هو ما يجعل الاستثمار في البورصة أكثر جاذبية لأصحاب رؤوس الأموال، وتزامن هذا وذاك مع عودة الدولار للارتفاع وهو ما ساهم في تعزيز الصادرات، وبالتالي تحسنت أوضاع الشركات التي تعتمد على التجارة الخارجية.
ويشاطره في هذا التحليل توماس بفيل المسؤول عن قسم الأبحاث في مصرف فونتوبل الخاص ، حيث يقول في حديثه إلى سويس انفو: “يكفي أن نتذكر أنه في عام 2002 سجلت الشركات التي توجد نسبة كبيرة من رأسمالها في البورصة، أرباحا تقدر بحوالي 17 مليار فرنك، ثم ارتفعت إلى 30 مليار في عام 2003 ، وقفزت إلى 41 مليار في 2004 فيما تشير التوقعات لعام 2005 إلى احتمال بلوغها 50 مليار، وهذا ما يعني بأن تلك الشركات ناجحة فيقبل المستثمرون على شراء أسهمها”.
تناقض له مبرراته
ولكن كيف يمكن تفسير الهوة القائمة بين الوضعية الاقتصادية غير الوردية والأرباح الهائلة التي تحققها هذه الشركات المتعددة الجنسيات؟
يقول توماس بفيل في هذا الصدد بأن النمو “بأتي بالخصوص من الأسواق الأمريكية والآسيوية التي تشهد نموا وتوسعا قويا، وهي أسواق تنشط فيها كبريات الشركات السويسرية بشكل كبير، يضاف إلى ذلك أن نتائج عمليات إعادة الهيكلة التي بدأ تنفيذها في مطلع العشرية قد بدأت تؤتي أكلها”، حسب رأيه.
ويرى الخبير المصرفي أن الأجواء الاقتصادية حاليا شبه جامدة أو هادئة فلا يجد المستثمرون سوى التوجه إلى ما يوصف بالأسهم الدفاعية التي قليلا ما تتفاعل مع تغيرات الظرف الاقتصادي، مثل الصيدلة والصناعات الغذائية، في مقابل الأسهم التي تتأثر بالوضع الاقتصادي مثل الصناعات الأساسية والتكنولوجية، التي لا يوجد إقبال كبير عليها.
ويؤيد الدو فيزاني هذا الرأي قائلا بأن ما لوحظ خلال الأسابيع القليلة الماضية في حركة مؤشر سوق المال في زيورخ يعود أساسا إلى ارتفاع قيمة سهم شركة روش بنسبة 20% منذ بداية العام، وبدرجة اقل عند منافسها التقليدي نوفارتيس بنسبة 7.5 % بينما استفادت نستلي من ارتفاع قيمة الدولار وربح سهمها 13% منذ يناير الماضي.
ويتابع فيزاني: “أما في القطاع المصرفي، فقد ارتفعت أسهم بنك “يوليوس بير” الخاص بنسبة 9.9% ، و”كريدي سويس” إلى 5.1% و”يو بي اس” أيضا ولكن بنسبة اقل قليلا ليصل إلى 3.2%، فيما بلغ متوسط ارتفاع الأرباح بالنسبة لشركات التأمين السويسرية 3.7% مقابل 14% لقطاع صناعة الآلات.
حذر وتفاؤل
ويرى فيزاني بأن المخاطر ستكون محدودة في المستقبل القريب (بالنسبة للأشهر القادمة) خصوصا وأنه ينتظر أن تتأكد الأرباح الجيدة للشركات، فيما يتوقع أن تظل نسب الفوائد البنكية متدنية، وهو ما من شأنه أن يدفع المستثمرين إلى التعامل أكثر فأكثر مع سوق الأسهم والسندات.
أما خبير مصرف فونتوبل فيتكهن بأن يصل المؤشر في بورصة زيورخ إلى 6500 نقطة مع حلول نهاية هذا العام، ولا يستبعد أن يرتفع مع موفى عام 2006 إلى 7500 نقطة.
أخيرا، تبقى أسعار النفط العامل المثير للمخاوف حيث لا توجد مؤشرات على أنها قد تتجه نحو التراجع في المستقبل القريب وهو ما حولها إلى “سيف ديموقليس” المسلط على الاقتصاد، حسب قول ألدو فيزاني.
سويس انفو
ارتفع مؤشر التعامل في بورصة زيورخ بشكل تدريجي منذ مطلع العام، ليكسر الجمود الذي عانت منه البورصة قبل 3 سنوات.
يعتقد المراقبون أن البورصة ستواصل في الإرتفاع وقد تصل إلى المستوى القياسي الذي كانت عليه قبل 4 سنوات.
سجل مؤشر التعامل في بورصة زيورخ في 26 مايو 6138 نقطة، ليقترب إلى نفس القيمة التي كان عليها قبل 3 سنوات.
كان أعلى معدل يسجله المؤشر في تاريخ بورصة زيورخ 8412 نقطة في عام 1998.
انهارت البورصة في مارس 2003 إذ هبطت إلى 3675 نقطة في أدنى مستوى في تاريخها.
تضم بورصة زيورخ أسهم 27 شكرة من كبريات المؤسسات السويسرية في الصناعة والخدمات المالية والتأمينات.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.