مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التحالف بين الإشتراكيين والإسلاميين في المغرب.. بين الإمكان والإستحالة

Keystone Archive

أثارت دعوة أطلقها قيادي في أهم حزب يساري في المغرب الأقصى تحث على التحالف مع إسلاميي حزب العدالة والتنمية جدلا في صفوف النخبة واهتمام قطاع من الرأي العام في البلاد.

وفي الواقع، يصعب إخراج دعوة التحالف بين الاشتراكيين والاسلاميين في المغرب من سياق ما يعرفه الاشتراكيون المغاربة وحزبهم، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أزمة تعصف به منذ الاعلان عن نتائج تشريعيات 7 سبتمبر 2007 والهزيمة التي مني بها وتراجعه من المرتبة الاولى إلى الخامسة في المشهد السياسي.

الدعوة جاءت على لسان إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، في إطار دعوات إلى التحاق الحزب بالمعارضة ومواجهة حركة صديق العاهل المغربي فؤاد عالي الهمة الذي يُطلق عليه صفة “الوافد الجديد” والذي تسعى حركته “حركة كل الديمقراطيين” إلى احتلال موقع متميز بالحياة السياسية “من أجل مصالحة المواطن مع السياسية” بعد انتكاسة الانتخابات التشريعية وما عرفته من تراجع بنسبة المشاركة تجاوزت الـ60 بالمائة من المسجلين باللوائح.

وإذا كان فؤاد الهمة ومن معه يؤكدون أنهم لن يتحولوا إلى حزب سياسي ينافس الاحزاب القائمة، إلا ان الفاعلين السياسيين يقرأون في حركته استنساخا لهياكل سياسية عرفها المغرب خلال العقود الماضية حين أسس احمد رضا كديرة صديق الملك الحسن الثاني منتصف الستينات جبهة الدفاع عن المؤسسيات الدستورية وحين أسس احمد عصمان صهر الحسن الثاني وزميل دراسته منتصف السبعينات التجمع الوطني للاحرار أو المعطي بوعبيد الوزير الاول الاسبق بتأسيسه منتصف الثمانينات حزب الاتحاد الدستوري. وفي الحالات الثلاث، رغم الشكوك في حينه واعتراف رجال الحسن الثاني فيما بعد بعدم نزاهة الانتخابات، كان كل من هذه الهياكل يفوز بأغلبية برلمانية.

بحث عن القواسم المشتركة

إدريس لشكر، الخصم الشرس للاسلاميين المغاربة وتحديدا لحزب العدالة والتنمية والذي كان رئيسا لفريق البرلماني الاتحادي (من 1999 إلى 2007)، دعا حزبه إلى مراجعة تحالفاته الحالية لأنه “ليس في حاجة إلى تحالف مع أحزاب واهية وضعيفة، بل في حاجة إلى أحزاب لها امتداد حقيقي ولها مسافة مع السلطة وتمتلك الجرأة على التعبير عن مواقفها بوضوح وشفافية في محاربة الفساد والمفسدين وتكون قادرة على الدفاع عن الانتقال الديمقراطي ومواجهة أي اختلال في مؤسسات الدولة أو أي تمييع للحقل السياسي من خلال العودة إلى حكم التكنوقراط”.

ولم ينتظر لشكر كثيرا ليخرج من عمومية الدعوة التي تعني فك التحالف مع الأغلبية الحالية بما فيها شركاؤه بالكتلة الديمقراطية (حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية) ليشير بوضوح الى حزب العدالة والتنمية مؤكدا أن “مرجعيتنا لا تمنعنا من البحث عن أحزاب تجمعنا بها قواسم مشتركة مرحليا إذا كانت بمرجعية إسلامية، ما دام التحالف مرحلي يؤدي، لا محالة، إلى التوافق حول برنامج حد أدنى نضالي تقتضيه المصلحة العليا للوطن”.

وفيما قُوبلت دعوة المسؤول الإشتراكي بالإستغراب، تلقف حزب العدالة والتنمية، الدعوة وقال على لسان احد قياداته البارزين: “إن الخلاف مع الاتحاد لا يمنع من التحالف معه خاصة وأن هذا الحزب فيه تيارات معروفة بنزاهتها ومقاومتها للفساد”، وأضاف القيادي الإسلامي بأن “التحالف، سواء مع الاتحاد أو مع أي حزب آخر، أصبح ضرورة وطنية لإنقاذ البلاد من مستنقع الانتقال الديمقراطي الذي غرقت فيه”.

من سيكون الخصم المقبل؟

مصير دعوة ادريس لشكر لم يتحدد بعدُ، فمؤتمر حزبه الذي عقد منتصف يونيو الجاري وأخفق في استكمال جدول اعماله، كان منشغلا في الصراع والتنافس حول هيئاته القيادية واختيار كاتب أول (أمين عام) خلفا لزعيم الحزب محمد اليازغي. أما الأصوات التي علت اثناء مناقشة التقرير السياسي داعية للإلتحاق بالمعارضة، والهتافات التي ترددت مهاجمة فؤاد عالي الهمة وحركته، فإنها لم تقترب من دعوة التحالف مع حزب العدالة والتنمية، فيما تحاشى أصحابها الداعون للمعارضة في مناقشاتهم خارج القاعة الإقتراب من هذه المسألة التي سيتحدد على ضوئها الخصم القادم الذي سيخوض الاتحاديون الصراع ضده.

ومؤتمر الاتحاد الاشتراكي، الذي تأجلت فصوله إلى نوفمبر القادم، لا زال مفتوحا على كل الإحتمالات في مسألة التحالفات، ولكل احتمال حظوظه المرهونة في تقرير موقف الحزب من البقاء في الحكومة أو الخروج منها إلى المعارضة. وإذا بقي في الحكومة فإن حلفاءه الطبيعيين ستكون احزاب الاغلبية ومنها حركة فؤاد الهمة التي يدعم فريقها البرلماني الحكومة التي لا يشارك بها رسميا رغم وجود وزراء ينتمون للحركة وفي هذه الحالة سيبقى حزب العدالة والتنمية محتلا لرأس قائمة الخصوم.

أما إذا قرر الحزب الخروج من الحكومة نحو المعارضة، واختار حركة الهمة خصما له، فإنه سيجد نفسه يقاسم حزب العدالة والتنمية مقاعد هذا الاختيار إن لم يكن، بحكم حجمه البرلماني، تحت قيادة هذا الحزب الذي شكل خصما عنيدا له، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية في حرب لم تتوقف مع حركة الهمة التي يقول مسؤولون فيها إنها “وُجدت أصلا لمواجهة الظلاميين”، وهي التسمية التي عادة ما تُطلق على التيارات الأصولية.

وكانت الساحة السياسية عرفت مشاحنات سياسية بين الطرفين منذ الإعلان عن استقالة الهمة من منصبه الرسمي كوزير منتدب بالداخلية وترشيحه على رأس قائمة في الانتخابات البرلمانية وما تلاها من تشكيله لفريق برلماني وثم إعلان حركته.

في انتظار “الكتلة التاريخية”

الاتحاد الاشتراكي، ومنذ أن تولى تدبير الشأن العام وقاد الاغلبية الحكومية ابتداء من عام 1998، وضع حزب العدالة والتنمية على رأس قائمة خصومه، ليس فقط للتباين الفكري والأيديولوجي القائم بين الحزبين ولكون أحدهما يقود الاغلبية البرلمانية والآخر يقود المعارضة البرلمانية، لكن وأساسا لأن الاتحاديين أحسوا أن حزب العدالة والتنمية، ومعه بقية التيارات الاصولية المغربية، يزحزحهم عن مواقعه في صفوف المواطنين ليشغلها، إن كان بحركية حزبية فاعلة فقدها الاتحاديون أو بخطاب تحريضي كانوا يستعملونه قبل 1998.

ولاحظ الاتحاديون أيضا أن الاصوليين المغاربة، خاصة العدالة والتنمية، يستفيدون من حرية المعارضة في النقد للأوضاع الاجتماعية والإقتصادية ويستغلون تفاقم الأزمة التي تعيشها البلاد في ظل تدبيرهم للشأن العام، بغض النظر عن تقلص أو توسع صلاحيات ما يتولونه من مسؤوليات في الإدارة وهم العالمون، بحكم تجربتهم، بقدرة الخطاب المعارض على استقطاب الجمهور والمؤيدين.

دعوة التحالف الاشتراكي الاصولي الجديدة ليست بدعة غير مسبوقة في الحياة السياسية المغربية ولعل ما لقيته هذه المرة من صدى يعود إلى طبيعة من أطلقها والزمان الذي اختاره توقيتا لها، مما جعل تأثيرها والإهتمام بها محدودا.

ففي منتصف التسعينات، وقبل دخول الإتحاد في معمعة تدبير الشأن العام، أطلق المفكر المغربي محمد عابد الجابري، وهو المنظر الأبرز في حينه للاتحاد الاشتراكي، دعوة إلى ما أسماه بقيام “الكتلة التاريخية” التي تضم الديمقراطيين والأصوليين المغاربة.

هذه الدعوة التي تبناها في حينه مسؤولون بارزون في الاتحاد واشتغلوا عليها، إلا أن احساس التيارات الاصولية بأن الاشتراكيين يحاولون الاستفادة من قوتها النامية في مواجهة السلطة وعدم تبني الاتحاد الاشتراكي رسميا للدعوة وتكثيف تحالفه مع اليساريين الديمقراطيين (وتشكيله معهم فيما بعد حكومة التناوب)، أبقى الدعوة حية في قلوب وعقول الاتحاديين الذين تحفظوا على دخول حزبهم الحكومة وواصلوا حمل لواء المعارضة، إن كان داخل الحزب أو خارجه (لمن ترك الإتحاد الإشتراكي فيما بعد وشكل حزبا سياسيا جديدا).

محمود معروف – الرباط

الدار البيضاء ( و م ع) – عقدت جمعية ( حركة لكل الديمقراطيين )أمس الأحد 22 يونيو 2008 بالدار البيضاء ,لقاءا موسعا مع الفعاليات المحلية , يندرج في إطار اللقاءات التواصلية التي تنظم بمختلف الجهات .

وأبرز أعضاء من مكتب الجمعية ,الذين أشرفوا على تنظيم هذا اللقاء , أن هذا الأخير يهدف إلى تبادل الرأي ومناقشة الأفكار مع مباشرة حوار مثمر مع القوى الحية بالبلاد عن قرب .

وأشاروا إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز المكتسبات والمنجزات التي راكمها المغرب لعدة سنوات , مع تحصين المشروع المجتمعي الحداثي الذي انخرط فيه المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس .

وفي هذا الصدد قال فؤاد عالي الهمة إن الأمر يتعلق بمبادرة يتعين التفاعل معها لكي تكون ” حركة اجتماعية حقيقية ” , مشيرا إلى أن المغرب تنتظره استحقاقات يجب الإستعداد لها .

وأضاف أن الحركة ليست مشروعا لحزب سياسي ,لأن مشاكل المغرب لا يمكن اختزالها في إنشاء حزب جديد ” وهو حل سهل ” , لكن مع ذلك يتعين إيجاد أجوبة تتعلق بتأهيل الحقل السياسي , مذكرا في هذا الصدد بأن المغرب الذي اشتغل في كل الانتقالات ونجح فيها , قادر بحكم مؤهلاته وموارده البشرية على أن ينخرط في حركة جديدة ويواجه كل الإكراهات والتحديات .

وفي السياق ذاته أبرز حبيب بلكوش ,أن الجمعية باشرت التفاعل مع كل الفاعلين المحليين من أجل التفكير والعمل بشكل مشترك , مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه الحركة هي ” دينامية مجتمعية ” أكثر من كونها أداة سياسية .

وأضاف أن الحركة تهدف , بشكل خاص , إلى استرجاع الثقة في العمل السياسي , خاصة بعد خلاصات تقرير خمسين سنة من التنمية البشرية بالمغرب وتقرير هيئة الانصاف والمصالحة , مشيرا إلى أن الديمقراطة لا يمكن أن تتعزز بدون المشاركة والمساءلة .

ومن جانبه قال حسن بنعدي إن الجمعية تشكل فضاء رحبا للولوج إلى عمق المشاكل من أجل التفكير في إيجاد حلول لها , مؤكدا أنه تم إطلاق هذه الحركة كبادرة للخروج من ” فترة الإنطواءات على الذات “.

ودعا إلى الانخراط في عمل مشترك ” لأن التفكير في بناء مستقبل المغرب يتنافي مع هذه الانطواءات والإنزواءات المتعددة”.

أما صلاح الوديع , فأكد أن الجمعية تشتغل ” بروح مؤسساتية ” لأنها لا ترغب في “إعادة إنتاج الأنماط العتيقة في العمل الجمعوي”, مبرزا أن المغرب حقق في العشرية الأخيرة إنجازات هامة في عدة مجالات .

وكانت الفعاليات التي شاركت في هذا اللقاء ( فنانون ,رياضيون, جمعويون, جامعيون, إعلاميون,إقتصاديون و مثقفون) , قد دعوا أعضاء الحركة إلى تسريع وتيرة عملها , وأثيرت جوانب أخرى تتعلق بمدى اهتمام الحركة بالتنمية والاقتصاد وقضايا المرأة والشباب والتعليم والحكامة المحلية .

ويذكر أن الحركة كانت قد عقدت لقاءات مماثلة في مدن أكادير وطنجة والرباط وخنيفرة ومراكش .

(المصدر: وكالة أنباء المغرب العربي (و م ع) الرسمية بتاريخ 23 يونيو 2008)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية