التحضير لقمة تونس وسط تحديات
تواصل تونس الإعداد لاحتضان قمة مجتمع المعلومات في عام 2005 بعد أن رفض المدعي العام في جنيف قبول شكوى تقدمت بها منظمتان حقوقيتان ضد الحبيب عمار، رئيس اللجنة التحضيرية للقمة.
وفيما عبر رئيس منظمة “TRIAL” عن استغرابه للقرار، رأى فيه السفير التونسي في جنيف دليلا على أن الاتهامات “أكاذيب لا أساس لها من الصحة”.
بمناسبة مشاركته في الدورة التحضيرية الثالثة لمؤتمر مجتمع المعلومات المزمع عقد الشق الأول منه في جنيف في شهر ديسمبر القادم والشق الثاني في تونس في عام 2005، تعرض رئيس اللجنة التحضيرية التونسية السيد الحبيب عمار، لشكوى قضائية رفعت ضده في جنيف بتهمة ممارسة التعذيب ضد مواطنين تونسيين عندما كان آمرا للحرس الوطني (ما بين عامي 1984 و1987) ووزيرا للداخلية (من 7 نوفمبر 1987 إلى أكتوبر 1988).
وطبقا لتصريحات المحامي فيليب جرانت، رئيس المنظمة، تستند الشكوى التي تقدمت بها منظمة “TRIAL” أو “محاكمة”، الناشطة في مجال عدم إفلات الجناة من العقاب، والتي تتخذ من جنيف مقرا لها، على ضرورة “تطبيق بنود معاهدة منع التعذيب الصادرة عن الأمم المتحدة”، والتي تلزم في مادتها السادسة الدول الموقعة عليها،(ومن بينها سويسرا)، بضرورة متابعة وتوقيف مرتكبي جرائم التعذيب في حال عبورهم لأراضيها.
موقف حذر
وفي ردّ شفوي نقلت مضمونه كل من منظمة “محاكمة” والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، قرّر دانيال زابيلي، المدعي العام لدويلة جنيف، الذي وجِّـهت له الشكوى يوم الأربعاء الماضي (17 سبتمبر) عدم اعتماد الشكوى المقدمة من طرف منظمة “TRIAL” ضد السيد الحبيب عمار.
وفي انتظار وصول الرد الكتابي للمدعي العام خلال الأيام القادمة، يتّـضح، حسب ما صرّح به لسويس انفو رئيس TRIAL المحامي فيليب جرانت، أن المدعي العام علل رفضه شفويا لأحد محامي مقدمي الشكوى بعدم الرغبة في معالجة قضية غير مُـحضّـرة بما فيه الكفاية، قد يضطر خلالها للإفراج عن المتهم نظرا لعدم كفاية الحجج، ولأن ملف الإدعاء غير مُـعدٍّ بشكل جيد” مثلما نُـقِـل عنه.
هذا القرار استُـقبل بالاستغراب من طرف رئيس منظمة “TRIAL” الذي أكّـد لسويس انفو أن الملف “مُـعزّز بالعديد من الضحايا المستعدين للإدلاء بشهاداتهم، والمنظمات غير الحكومية الداعمة للشكوى”.
ويعتزم رئيس منظمة “TRIAL” التوجه إلى السلطات الفدرالية بعد رفض المدعي العام لدويلة جنيف قبول الشكوى المرفوعة ضد وزير الداخلية التونسي الأسبق. وينتظر أن يتوجّـه المحامي فيليب جرانت بخطاب رسمي إلى الحكومة الفدرالية للاستفسار عما إذا كانت السلطات على علم بتواجد السيد الحبيب عمار فوق التراب السويسري، وإذا كانت قد أعطت للسلطات التونسية ضمانات بهذا الخصوص، وماذا سيكون موقفها لو اتضح مرة أخرى أنه موجود فوق الأراضي السويسرية؟
وقد جاء رد السلطات الفدرالية عشية الثلاثاء 23 سبتمبر من خلال تصريح الناطق باسم الخارجية السويسرية بأن “سويسرا سوف لن تمنع السيد لحبيب عمار من المشاركة في قمة مجتمع المعلومات في شهر ديسمبر” بموجب الاتفاق المبرم مع الاتحاد الدولي للاتصالات (UIT) والذي يمنح موظفي الاتحاد وممثلي الدول الاعضاء المشاركين في اجتماعاته حصانة ضد التوقيف او الإعتقال” حسبما جاء في التصريح.
البحث عن المصداقية
من ناحيته اعتبر السيد الحبيب منصور، سفير تونس لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف في تصريحات خاصة لسويس إنفو أن رفض العدالة تقبل الشكوى – حسب ما تناقلته وسائل الإعلام – “دليل على أنها أكاذيب وادعاءات لا أساس لها من الصحة” حسب تعبيره.
ويرى السفير التونسي أن الرأي العام “لن ينساق بهذه السذاجة ليصدق مثل هذه الأكاذيب”، مشددا على أن “لتونس ثوابت ومبادئ تندرج في الإطار العام والعالمي لميثاق حقوق الإنسان وتكريس تلك المبادئ على أرض الواقع”. وذكّـر بالمناسبة بـ “التعاون الوثيق مع هيئة الأمم المتحدة ومع الآليات التابعة لها والمكلفة بتطبيق الاتفاقيات الدولية المختلفة الخاصة بحقوق الإنسان”.
وأخيرا اعتبر السيد منصور أن “محاولة زعزعة مشاركة تونس في المؤتمر التحضيري لقمة مجتمع المعلومات لن تثنيها عن المضي قدما في الاستعداد لإنجاح القمة”،
تكامل المرحلتين
يُـشار إلى أن الوفد التونسي واصل – على الرغم من هذه الحادثة – اتصالاته المكثفة مع الأطراف المشاركة في الاجتماع التحضيري الثالث للقمة العالمة لمجتمع المعلومات التي تنعقد في جنيف ما بين 10 و14 ديسمبر المقبل.
وفي لقاء خاص مع سويس انفو، اعتبر السيد منتصر وايلي، كاتب الدولة التونسي للإعلامية والإنترنت أن تنظيم المؤتمر على مرحلتين “تجربة فريدة من نوعها، بحيث هناك تكامل بين تجربة بلد من الشمال أي سويسرا وبلد من الجنوب تونس التي تريد أن تكون بمثابة نافذة للبلدان النامية”، على حد قوله.
وتعتبر تونس، التي بادرت بالدعوة إلى تنظيم قمة دولية حول مجتمع المعلومات، أنها قطعت شوطا لا يُـستهان به فيما يتعلّـق بإفساح المجال أمام مختلف شرائح المجتمع للاتصال بالإنترنت واستعمال تقنيات الاتصال والمعلومات، حسب تقييم كاتب الدولة التونسي للإعلامية والإنترنت.
وفي هذا السياق، عدّد السيد وايلي المشاريع المختلفة في مجال التشجيع على الوصول إلى شبكة الإنترنت في تونس، وأكّـد أنها سمحت لما يفوق 5% من التونسيين بالاتصال بشبكة الإنترنت، كما أن تونس تطبق الجيل الثاني من ” الإدارة الإتصالية” التي شرعت فيها في العام 1998.
تضييق مرفوض
على صعيد آخر، تعدّدت في السنوات الأخيرة الانتقادات الصادرة عن منظمات المجتمع المدني داخل تونس وخارجها للرقابة المفروضة على استعمال الإنترنت في تونس، وعبّـرت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية عن قلقها من تنظيم الشق الثاني من القمة العالمية لمجتمع المعلومات في هذا البلد.
لكن السيد منتصر وايلي يرى أن هذه الانتقادات “آتية من أطراف مناوئة تحاول التشكيك لأنها لم تصل إلى غاياتها بطرق ديموقراطية”، واستشهد في معرض ردّه بأن تونس نظمت في صيف هذا العام “مهرجان الإنترنت المجاني على كامل مدينة حمام سوسة بطريقة مفتوحة ومُـتاحة حتى بالنسبة للأطفال”. واختتم السيد وايلي حديثه مع سويس انفو بالقول: “كيف نبادر باحتضان تظاهرة مثل قمة مجتمع المعلومات، إن لم تكن الآليات متوفرة”؟
وعلى الرغم من ردود المسؤولين التونسيين على الانتقادات المُـوجّـهة إليهم، إلا أنه يُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التحركات الاحتجاجية من طرف ممثلي المنظمات المدافعة عن حرية الرأي وعن حقوق الإنسان ضد ما تعتبره تضييقا مرفوضا على حرية الوصول إلى شبكة الانترنت في تونس.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.