الجيش الإسرائيلي يواصل قصف غزة ويطلب إخلاء أحياء إضافية في رفح
تواصلت الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة السبت، فيما طلب الجيش الإسرائيلي من سكان أحياء إضافية في شرق رفح إخلاءها، رغم تحذيرات دولية من شنّ هجوم شامل على المدينة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنّ “ما يناهز 300 ألف” شخص نزحوا من الأحياء الشرقية للمدينة المكتظة في جنوب القطاع، منذ أن دخل هذه المنطقة في السادس من أيار/مايو بعد دعوات الى السكان لإخلائها.
ميدانياً، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بحصول غارات ليلية على مناطق مختلفة من قطاع غزة خلّفت أكثر من 30 قتيلاً، وفق مصادر طبية وشهود.
وقتل ما لا يقل عن 21 شخصاً في غارات على وسط غزة نُقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وفق ما أعلن المستشفى. كما نفذت طائرات إسرائيلية غارات جوية مكثّفة على حي السلام قرب معبر رفح المغلق منذ سيطرة القوات الإسرائيلية عليه. واستهدف قصف مدفعي حي الزيتون في مدينة غزة (شمال). ونُفّذت غارات على جباليا وعلى طول طريق صلاح الدين، وفق شهود.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنّ “ما يناهز 300 ألف شخص نزحوا إلى الآن إلى المنطقة الإنسانية في المواصي” إلى الشمال الغربي من رفح.
وكانت الأمم المتحدة ذكرت الجمعة أنّ عدد النازحين من رفح تخطى 100 ألف شخص، موضحة أنّ حوالى 30 ألف شخص يفرّون “يومياً” من المدينة إلى أماكن أخرى يسودها الدمار.
وكان المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي دعا في بيان على منصة “إكس”، سكان “بعض الأحياء في شرق رفح… الى التوجه فوراً الى المنطقة الإنسانية الموسّعة في المواصي”.
وأوضح أن هذه الأحياء “تشهد أنشطة إرهابية” من عناصر حماس، مشيرا الى مخيميْ رفح والشابورة وأحياء الإداري والجنينة وخربة العدس.
وكان الجيش دعا الى إخلاء أحياء أخرى من شرق رفح قبل دخولها قبل أيام.
وحذّرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن منطقة المواصي تعاني أصلا من الاكتظاظ وغير قادرة على استقبال أعداد إضافية من النازحين، وليست فيها بنى تحتية وليس سهلا الحصول فيها على مياه الشرب.
من جهة أخرى، طلب الجيش في بيان السبت من “جميع السكان والنازحين الموجودين” في بعض مناطق شمال القطاع مثل جباليا وبيت لاهيا، التوجه إلى غرب مدينة غزة.
– “الوقت ينفد” –
في رفح، حيث يوجد بحسب الأمم المتحدة حوالى 1,4 مليون فلسطيني، معظمهم نزحوا بسبب القصف الإسرائيلي والقتال، تصاعد الدخان في سماء المدينة، بحسب صور لوكالة فرانس برس.
وفي تحد للتحذيرات الدولية من شن هجوم كبير في رفح، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات توغل في شرق المدينة منذ الثلاثاء، بعد أن أمر السكان بإخلاء المنطقة.
مع تعثر جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن، أعلن الجناح العسكري لحركة حماس السبت أن رهينة اسرائيليا بريطانيا محتجزا منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر توفي متأثرا بجروح أصيب بها بسبب غارات إسرائيلية.
وفي وقت سابق السبت، بثت كتائب عز الدين القسام مقطع فيديو مدته 11 ثانية يظهر فيه الأسير نداف بوبلويل حيا وهو يعرّف عن نفسه.
وأكد منتدى الرهائن والعائلات المفقودة الإسرائيلي في بيان هوية بوبلويل.
وأرفق الفيديو الذي نشرته القسام بنص باللغتين العربية والعبرية جاء فيه “الوقت ينفد. حكومتكم تكذب”.
وظهر بوبلويل بقميص أبيض وبدا أنه يتحدث تحت الإكراه، حيث قدم نفسه على أنه بوبلويل البالغ 51 عاما من كيبوتس نيريم في جنوب إسرائيل.
وكان بوبلاويل الذي يحمل ايضا الجنسية البريطانية قد خطف من منزله أثناء هجوم حماس مع والدته حنا بيري التي أطلق سراحها خلال هدنة استمرت أسبوعاً في تشرين الثاني/نوفمبر، وهي الهدنة الوحيدة حتى الآن.
الفيديو الذي نُشر السبت على قناة تلغرام التابعة للقسام هو الثالث الذي يظهر رهائن خلال أقل من شهر.
وتأتي مقاطع الفيديو وسط ضغوط داخلية متزايدة على الحكومة الإسرائيلية لتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
ويتعرض رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحكومته لضغوط للتوصل إلى اتفاق مع حماس، لكن الطرفين المتحاربين فشلا حتى الآن على الرغم من الجولات المتكررة من المفاوضات غير المباشرة.
وكانت حماس أعلنت الجمعة أن رفض إسرائيل المقترح الأخير لاتفاق الهدنة وتبادل الرهائن والمعتقلين “أعاد الأمور إلى المربع الأول”، مشيرة إلى أن ذلك دفعها إلى “إعادة النظر في استراتيجيتها التفاوضية”.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن السبت أنّ وقف إطلاق النار ممكن “غداً” في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس إذا أفرجت الحركة الفلسطينية عن الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة.
من جهته اعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال السبت أن أوامر اسرائيل بإجلاء مدنيين فلسطينيين من مناطق في شرق رفح “غير مقبولة”.
وأضاف على منصة اكس “ندعو الحكومة الاسرائيلية الى احترام القانون الإنساني الدولي ونطالبها بعدم تنفيذ عملية برية في رفح”.
بدوره اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إجلاء السكان من رفح إلى “مناطق غير آمنة” هو “أمر لا يطاق”.
ورغم إعلان إسرائيل الجمعة أنها أعادت فتح معبر كرم أبو سالم القريب من رفح والذي مرّت عبره مئتا ألف لتر من الوقود، وفق ما ذكرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية “كوغات”، فإن إيصال المساعدات لا يزال “صعباً جداً”، وفق ما قال مسؤول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية أندريا دي دومينيكو لوكالة فرانس برس.
في هذا الصدد، أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أن أربعة صواريخ أطلقت من رفح في اتجاه معبر كرم أبو سالم.
وأضاف أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية اعترضت أحد الصواريخ فيما سقطت الصواريخ الأخرى في مناطق غير مأهولة بدون وقوع إصابات.
– الوضع “الكارثي” –
كما يبقى معبر رفح، الشريان الأساسي لعبور المساعدات الى قطاع غزة المحاصر، مغلقا منذ سيطرة القوات الإسرائيلية عليه، ما يعزّز المخاوف من مجاعة ومن اتساع الأزمة الإنسانية.
وكرّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة تحذيره من أنّ هجوماً برياً إسرائيلياً على رفح سيؤدي إلى “كارثة إنسانية لا يمكن تصوّرها ويوقف جهودنا لدعم الناس مع اقتراب المجاعة”.
وقال منسّق الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في غزة سيلفان غرولكس “عندما يكون أكثر من ثلثي المستشفيات أو المنشآت الطبية في غزة مدمّرا بشكل كامل أو جزئي، سيكون صعبا إنقاذها. وسيصبح تزويد السكان بالخدمات الصحية الأساسية التي يحتاجون إليها، أكثر صعوبة”.
كما وجّه مدير مستشفى الكويت التخصصي في رفح صهيب الهمص نداء لحماية المستشفى في ظل وضع يصبح “كارثياً أكثر فأكثر”.
وقال في مقطع فيديو وزّع على الصحافيين السبت “الآن مستشفى الكويت التخصصي أصبح ضمن المنطقة المهددة بالإخلاء للأسف”.
وأضاف “نحن اليوم من وسط القصف والدمار نطالب من مستشفى الكويت التخصصي بتوفير حماية دولية من الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية. هذا المستشفى هو المستشفى الوحيد، هو الملاذ الوحيد للمرضى والمصابين للجوء إليه، لا يوجد مكان آخر للجوء”.
وسط هذه التطورات فاز السويسري نيمو بمسابقة “يورفيجين” للأغنية الأوروبية السبت ليُصبح أول فنان لاثنائيّ جنسياً يحقّق هذا الإنجاز، في منافسة شهدت جدلاً واسعاً حول مشاركة إسرائيل بسبب الحرب التي تخوضها في قطاع غزة.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعدما نفذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ردّاً على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء” على حماس، وتنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة تسبّبت بسقوط 34971 غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
بور-جاي/ناش-ح س/ب ق-جص