الحكومة الإسرائيلية تواجه انقساما جديدا مع تواصل العنف في القدس
واجه الائتلاف الحاكم في إسرائيل انقساما جديدا الأحد اثر قرار القائمة العربية الموحدة “تعليق” دعمها للحكومة مع تواصل العنف في المسجد الأقصى ومحيطه في القدس مخلفا إصابة 170 شخصا.
وكانت الحكومة قد خسرت أغلبيتها الضيّقة في الكنيست (البرلمان) هذا الشهر نتيجة استقالة نائبة يهودية متشددة. ويجمع الائتلاف الحاكم مزيجا متباينا إيديولوجيا من أحزاب يسارية وقومية يهودية متشددة وأحزاب دينية بالإضافة إلى القائمة العربية الموحدة.
وأدى العنف المستمر منذ ثلاثة أيام في المسجد الأقصى ومحيطه في القدس إلى تسليط ضغط سياسي على القائمة العربية الموحدة ودعوات لانسحابها من الائتلاف الحاكم.
ولوحّت القائمة في بيان مساء الأحد إنه “في حال استمرّت الحكومة بخطواتها التعسّفيّة بحق القدس وأهلها… فإنّنا سنقدّم استقالة جماعيّة”.
وجاء البيان بعد ساعات من إصابة أكثر من 19 فلسطينيا وسبعة إسرائيليين بجروح خلال مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين الأحد في باحة المسجد الأقصى ومحيطها في القدس الشرقية المحتلة فيما اعتقل 18 شخصا، بعد يومين على صدامات مشابهة أسفرت عن سقوط أكثر من 150 جريحا فلسطينيا.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن “مئات” المتظاهرين الفلسطينيين وبعضهم ملثم “جمعوا حجارة وخزنوها” تمهيدا لاستخدامها في الصدامات قبيل بدء “زيارات” يقوم بها يهود بينهم مستوطنون لباحة المسجد في أوقات محددة وبشروط.
ويعتبر الفلسطينيون زيارات اليهود الذين يسمون الموقع “جبل الهيكل” عمليات “اقتحام”.
ووصف مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني الوضع في المسجد وباحاته وحتى خارجه بأنه “مزرٍ”. وقال لوسائل إعلام إن “أكثر من مئتين من أفراد القوات الخاصة (الإسرائيلية) اعتدوا على المصلين وأخرجوهم بالقوة وتم تقطيع أسلاك الصوتيات”، في إشارة إلى مكبرات الصوت.
وأضاف أنه “تم اعتقال عدة شبان ومحاصرة المتواجدين بالمصلى القبلي وإطلاق الرصاص المطاطي على من بداخله من الشبابيك التي تم تكسيرها الجمعة”.
وأكدت خدمة إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل “19 إصابة خلال المواجهات المندلعة”، موضحة أنه “تم نقل خمس إصابات إلى المستشفى”.
وفي حادثة منفصلة، أكدت الشرطة الإسرائيلية “إلقاء حجارة على حافلات في منطقة القدس الشرقية بالقرب من البلدة القديمة”. وقالت في بيان إن “أضرارا لحقت بالحافلات ويتلقى العلاج عدد من الركاب الذين أصيبوا بشكل طفيف”.
وأكد مستشفى “شعاري تصيدق” وصول سبعة مصابين بجروح طفيفة غادر ثلاثة منهم بعد تلقيهم العلاج.
وقال وزير الأمن الداخلي عومر بارليف إن إسرائيل “ستتعامل بقوة ضد من يجرؤ على استخدام الإرهاب ضد المواطنين الإسرائيليين”.
ورصدت مراسلة وكالة فرانس برس إطلاق المساجد في القدس الشرقية دعوة إلى “تلبية نداء الأقصى” عبر التوجه إليه.
ويتزامن التصعيد في الموقع المقدس مع احتفالات عيدي الفصح اليهودي والفصح المسيحي وشهر رمضان.
ومن الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس بمناسبة عيد الفصح الأحد إلى ضمان الدخول “بحرية” إلى الأماكن المقدسة في القدس.
وقال “نطلب السلام من أجل القدس والسلام لمن يحبونها من مسيحيين ويهود ومسلمين”، داعيا إلى “احترام متبادل لحقوق” جميع الأطراف.
وجرح الجمعة أكثر من 150 فلسطينيا في الصدامات التي وقعت مع الشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى. وأوقفت الشرطة أكثر من 400 شخص، أفرج لاحقا عن معظمهم بينما تواصل استجواب البقية.
– “مواجهة شاملة” –
الأحد، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت على “الحرية الكاملة” لقوات لأمن للتحرك “بما يضمن توفير الأمن لمواطني إسرائيل”.
وأضاف بينيت خلال مشاورات أمنية مع كبار المسؤولين “نحاول تهدئة الوضع على الأرض والعمل بحزم ضد أسباب العنف”.
وتشهد باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، باستمرار صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين.
وهذه الاشتباكات في الحرم القدسي هي الأولى هذا العام وانطلقت مع بداية شهر رمضان الذي يتجمع المسلمون خلاله في الموقع المقدس الذي يشكل أحد محاور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
العام الماضي، شهدت القدس الشرقية توترات عنيفة امتدت إلى باحات المسجد بعد تظاهرات احتجاجا على تهديد عائلات فلسطينية بالإخلاء في حي الشيخ جراح من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
وتطورت الاحتجاجات وأدت إلى تصعيد دام مع قطاع غزة استمر 11 يوما.
من جانبها، أكدت وسائل إعلام مقربة من حركة حماس الإسلامية الحاكمة في غزة أن الحركة أطلقت أكثر من 12 صاروخا في اتجاه البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر من صباح الأحد.
بدوره، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية إسماعيل هنية الأحد أن “لا حق مطلقا” لليهود في المسجد الأقصى.
من جهتها، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن “تجدد الاقتحامات… يدفع نحو المواجهة الشاملة”.
واعتبرت الحركة أن “لا قيمة لأي وصاية على المسجد الأقصى إذا لم توفر حماية حقيقية للأقصى ولا تقوم بالواجبات الاساسية لمنع تهويد الاقصى ووقف الانتهاكات”.
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في العام 1994، بإشراف ووصاية المملكة على المقدسات الإسلامية في القدس.
دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأحد إسرائيل إلى “وقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية” في المسجد الأقصى فيما حمّلت الخارجية الأردنية إسرائيل مسؤولية “التبعات الخطيرة” للتصعيد فيه.
– “عدوان سافر” –
وفي اتصال بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره التركي رجب طيب اردوغان، أكد الأخير على أن بلاده ستجري اتصالات مع الأطراف المعنية” وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا).
وفي تغريدة له عبر حسابه الرسمي، دان اردوغان “بشدة” التدخل الإسرائيلي في الصلاة في المسجد الأقصى” وقال إن تركيا “في صف فلسطين دائما”.
من جهته، رفض الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة “تصريحات بينيت حول أحقية أي شخص الدخول للمسجد الأقصى والصلاة فيه” واعتبرها “محاولة لتشريع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى”.
ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ الأحداث في المسجد بـ”العدوان السافر على مقدساتنا” داعيا المجتمع الدولي للتدخل الفوري.
وأكد عضو اللجنة التنفيذية واصل أبو يوسف “تأجيل” اجتماع القيادة الفلسطينية الذي كان مقررا مساء الأحد لبحث التطورات، من دون ذكر الأسباب.
وينشد الفلسطينيون القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي عاصمة لدولتهم المستقبلية.