الحكومة الفلسطينية تطلب من واشنطن وقف مساعداتها خشية الدعاوى القضائية
بعثت الحكومة الفلسطينية برسالة الى الادارة الأميركية طلبت فيها وقف كافة مساعداتها للسلطة الفلسطينية بما فيها للأجهزة الأمنية اعتباراً من نهاية كانون الثاني/يناير الجاري، خشية التعرض لدعاوى قضائية، ما يهدد التنسيق الأمني مع إسرائيل ومشاريع تنموية قيد الإنشاء.
وأكد أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات الثلاثاء لوكالة فرانس برس “نعم أؤكد الرسالة وتم إرسالها بناء على تعليمات الرئيس محمود عباس”، موضحاً أن هناك مخاوف من تعرض السلطة لدعاوى قضائية بموجب قانون أميركي جديد لمكافحة الارهاب يعرف اختصاراً باسم “أتكا” وسيدخل قريباً حيز التنفيذ.
وأوضح عريقات “سبب الرسالة هو سن قانون أميركي اسمه مكافحة الارهاب حيث نتخوف ان تكون هذه المساعدات فرصة لبعض الجهات لرفع قضايا ضد السلطة الفلسطينية (…) أي مساعدات من أية جهة قد تكون دعماً مالياً هدفه سياسي لا نريدها”.
واطلعت فرانس برس على نسخة من الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة رامي الحمد الله الى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وينص قانون “أتكا” الذي أقره الكونغرس العام الماضي على أن تمتثل أي حكومة تتلقى تمويلاً لقوانين مكافحة الإرهاب الأميركية.
وتواجه السلطة الفلسطينية دعاوى قضائية محتملة من عائلات أميركيين ضحايا هجمات فلسطينية سابقة توعدوا بمقاضاتها بتهمة تأييد العنف.
ويتهم المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون السلطة الفلسطينية بتشجيع العنف عن طريق تخصيص مرتبات لأسر السجناء أو الذين قُتلوا أثناء تنفيذ أو محاولة تنفيذ هجمات ضد إسرائيليين. وتقول السلطة الفلسطينية إن هذه الأموال تساهم في تحسين أوضاع الأسر التي فقدت معيلها وتنفي سعيها لتشجيع العنف.
والأسرى الفلسطينيون ومن يقتلون أثناء تنفيذ هجمات هم بالنسبة للمجتمع الفلسطيني “أبطال” و”شهداء” أسروا أو قتلوا خلال مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي.
توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالفعل بقطع كل المساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين في خضم التوتر مع عباس الذي قطع كل الاتصالات مع البيت الأبيض بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل في نهاية 2017.
ويتهم القادة الفلسطينيون ترامب بالسعي إلى ابتزازهم للقبول بشروط خطة سلام تعدها إدارته ويعتقدون إنها ستكون في صالح إسرائيل تماماً.
وسيؤثر رفض الفلسطينيين تلقي المساعدات المتبقية على مشاريع جارية بينها توسيع مدرسة قريبة من بيت لحم لن يتم استكمال بنائها كما ستتوقف مشاريع للبنى التحتية في أريحا ومدن أخرى.
ولا يزال ضمن المبالغ المتبقية 35 مليون دولار من المساعدات السنوية المقدمة لأجهزة الأمن الفلسطينية للسنوات المقبلة بما فيها تمويل التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي يعتبره المسؤولون الإسرائيليون أساسي للحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية المحتلة.
لم تقطع الحكومة الأميركية تمويل أجهزة الأمن رغم قطع المساعدات الإنسانية ولكن التمويل سيتوقف الآن.
وأكد مسؤول أميركي الثلاثاء أن واشنطن تدرس التأثير المحتمل لقانون “أتكا” و”اتخذت خطوات لإنهاء بعض المشاريع والبرامج في الضفة الغربية وغزة”.
وقلل عريقات من تبعات وقف التمويل قائلا إن “توقف المساعدات الأميركية المقدمة للأجهزة الأمنية لن يؤثر على دور هذه الأجهزة”.
لكن مسؤولاً فلسطينياً آخر فضل عدم ذكر اسمه قال لفرانس برس إن توقف المساعدات الأميركية للأجهزة الأمنية “بالتاكيد سيؤثر على امكانياتها وتطورها. لكننا بدأنا بالبحث عن مصادر تمويل أخرى منها تطوير امكانياتنا الذاتية وتوفير دعم خارجي”.
وكشف أن “طواقم المتعاقدين الأميركيين العاملين في فلسطين لدعم الأجهزة الأمنية قد غادروا بالفعل”.
– مدرسة بني نصفها –
وإن لم يتم وقف التمويل الأميركي تماماً، يجري قطع تمويل المشاريع بصورة تدريجية.
تلقت قرية الجبعة القريبة من بيت لحم في الضفة الغربية منحة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس ايد) في العام الماضي لتوسيع مدرستها، وذلك جزئياً لزيادة الصفوف المتاحة للفتيات.
بدأ البناء أواخر العام الماضي، لكنه سيتوقف الآن هذا الأسبوع، بعد أن أنجز ربع العمل لكن المدرسة غير صالحة للاستخدام.
وقال ذياب مشاعلة رئيس المجلس القروي لفرانس برس “لا يمكن للطلاب العودة الى المدرسة الآن. لو لم يبدأوا بالعمل من الأصل، لكان الوضع أفضل”.
وقالت المعلمة في المدرسة ملك، إن الخطة تشمل زيادة غرف التدريس وبناء مختبر للعلوم ومكتبة، مؤكدة أن “قرار وقف البناء أثار استياءنا جميعاً”.
وقال شون كارول رئيس منظمة أنيرا التي كانت تعمل مع “يو اس ايد” لبناء المدرسة وتنفيذ مشاريع أخرى، من الأرجح أن لا يكتمل بناء المدرسة إلى حين العثور على تمويل جديد.
وقال لفرانس برس “هذه المدرسة ضحية للوضع. نأمل أن تجد العقول الحكيمة طريقة لإنهاء بناء المدرسة للسماح للأطفال بأن يتعلموا”.
ويمكن أن يمنع قانون “أتكا” تمويل الولايات المتحدة أي مشروعات مساعدة في المستقبل، حتى لو تحسنت العلاقات بين الحكومتين الفلسطينية والأميركية.