“الحملة الانتخابية قدمت صورا نمطية سلبية عن الأجانب”
واكبت الحملة الانتخابات الفدرالية لسنة 2007 عملية تشهير واسعة، كان ضحيتها الأجانب. هذه هي النتيجة التي توصلت إليها دراسة جديدة أنجزت لحساب اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية.
وانتقدت اللجنة خلال ندوة صحفية عقدت في برن يوم الثلاثاء 18 ديسمبر 2007 الجهات التي استخدمت ملف المسلمين والشبّـان الأجانب لأغراض انتخابية وعمدت، بدعوى حرية التعبير، إلى التشهير بهم.
أثبت الدراسة، التي أشرفت على إنجازها جامعة زيورخ، الاستخدام واسع النِّـطاق لمنطق التعميم والتبسيط أثناء التطرّق إلى ملف الأجانب، مستندة في ما ذهبت إليه، إلى تحليل المقالات والتقارير التي نُـشرت خلال الحملة في سبع صحف يومية وأربع صحف تصدر يوم الأحد، وأيضا النشرات الإخبارية المتلفزة في المناطق اللغوية الثلاث، الألمانية والفرنسية والإيطالية.
حزب الشعب والأفكار المسبقة
توصلت الدراسة كذلك إلى أن حزب الشعب (يمين متشدد) مسؤول عن ترويج ثلاثة أرباع الأفكار المُـسبقة المُـسيئة للأجانب، وذلك من خلال اعتماده إستراتيجية تماثل بينهم وبين المنحرفين، وتجعل المسلمين عنوان عدم الاندماج. وإلى جانب هذا الحزب، وفي درجة ثانية، لعبت الأسبوعية الناطقة باللغة الألمانية “فيلتفوخي” وصحيفة “NZZ am Sonntag” الصادرتان في زيورخ دورا مماثلا.
وهذا التعميم المُـجحف، بحسب الدراسة، أدّى إلى خلق فجوة بين الأجانب وبقية الشعب. وفي حالات نادرة، أدّى إلى التعاطف معهم، عندما ينظر إليهم كضحايا لحملة مغرضة، لكن انعدمت خلال الحملة الانتخابية صورة الأجنبي الجار المسالم أو الموظف والزميل في مقر العمل.
لكن الدراسة كشفت أيضا على أن 80% من تلك الأفكار الخاطئة، قامت أحزاب ووسائل إعلام أخرى بالردّ عليها وتفنيدها، وحدث هذا خاصة في المنطقة الروماندية، الناطقة بالفرنسية.
ويستنتج الباحثون التابعون لقسم بحوث الرأي العام والمجتمع بجامعة زيورخ، أن الإعلام في المنطقة الفرنسية كان فعَّـالا في الردّ على حملات التشويه التي قادها حزب الشعب، مُـتهما إياه في نفس الوقت بأنه هو مَـن يمثل مشكلة وليس الأجانب.
ولم يفت الدراسة الإشارة أيضا إلى الدور الهام الذي قام به الحزب الاشتراكي، القوة السياسية الثانية في البلاد، وخاصة من خلال ميشلين كالمي – ري، رئيسة الكنفدرالية الحالية ووزيرة الخارجية في الرد على ادِّعاءات اليمين المتشدد.
“إستراتيجية التبسيط بدل التحليل”
وتقول بوويل سامبوك، نائبة رئيس اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية: “لقد شهدنا خلال الحملة خطابا لا يقر من الألوان سوى الأبيض والأسود، خطاب إقصائي يهدف إلى إضعاف الأقليات وإلى النيل من الديمقراطية”.
وتضيف السيدة سامبوك: “وبموازاة مع هذه الشعبوية السياسية، كان هناك خطاب إعلامي شعبوي أيضا، اختارت فيه المنابر الإعلامية أسلوب التبسيط والتعميم، بدل التحليل الموضوعي والإقناع”، كان هذا حال الصحف الصادرة أيام الأحد خاصة.
أما الصحف الأسبوعية، التي عادة ما تصدر عن مواقف أيديولوجية، فإما اختارت الترويج للأفكار المُـسبقة المسيئة للأجانب، (صحيفة “فيلتفوخي، القريبة من اليمين المتشدد) أو اختارت إيراد تلك الأفكار للردّ عليها وتفنيدها، (صحيفة “فوخن تسايتونغ” القريبة من اليسار).
وبالنسبة للباحث كورت إمهوف: “غلب الخيال ومشاعر الخوف على كل حسّ إنساني واقعي ولم يبق هناك مكان إلا لمحاولات خافتة للخطاب المضاد”.
وتنوه السيدة بوويل سامبوك إلى أنه “كان بإمكان الإعلام تغافل خطاب حزب الشعب، لكن خيارا مثل هذا كان سيكلِّـفها خسارة مالية كبرى”.
أما رئيس اللجنة الفدرالية المناهضة للعنصرية جورج كرايس فشدد على “ضرورة تطرق وسائل الإعلام إلى القضايا في عمقها وإعطاء الكلمة إلى المعنيين بالأمر (الأجانب) ولا أقول الضحايا، وعلى الصحفيين التطرّق أكثر إلى التجارب الفردية وإيراد شهادات واقعية، حتى يُـصبح الأجنبي موضوع المقال، وليس مجرّد أداة موظفة لأغراض أخرى”.
سويس انفو مع الوكالات
الصحف التي خضعت للدراسة التي قامت بها جامعة زيورخ:
“لوتون” الصادرة باللغة الفرنسية في جنيف.
“لوماتان” و”لوماتان ديمونش” الصادرتان بالفرنسية في لوزان.
“برنر تسايتونغ” و”بليك” و”نويه لوتسرنر تسايتونغ” و”تاغس أنتسايغر” و”نويه تسورخر تسايتونغ أَم زونتاغ” و”زونتاغسبليك” و”زونتاغستسايتونغ” و”فيلتفوخي” و”فوخنتسايتونغ” الصادرة جميعها في مدن سويسرية ناطقة بالألمانية.
وتمت أيضا دراسة نشرات إخبارية تلفزية رئيسية في المناطق اللغوية الثلاث، الألمانية والفرنسية والإيطالية وكافة الإعلانات الانتخابية التي نشرت في وسائل الإعلام التي تناولتها الدراسة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.