الخُضر يستفزون الأوساط العلمية والصناعية !
على الرغم من النكسة الذريعة التي منيت بها مؤخرا دعوة حزب الخضر لفرض ضرائب جديدة على الطاقة في سويسرا، أعلنت إدارة الحزب عن شن عدد من البوادر الجديدة، من ضمنها واحدة تدعو لمنع تام على المصنعات التناسلية في الزراعة والأغذية.
وقال ناطق بلسان الخضر: إن هذه البادرة المطروحة للنقاش والجدل خلال عطلة نهاية الأسبوع، تطالب بفرض حظر شامل على التعامل بالمصنعات التناسلية أو استخدام مثل هذه المصنعات في جميع مراحل الإنتاج للمحاصيل الزراعية والمواد الغذائية.
إن هذا الحظر الذي يطالب به السويسريون الخضر، لا يقتصر على المحاصيل والأغذية الموجهة للاستهلاك الإنساني وحسب وإنما للاستهلاك الحيواني أيضا. لا بل ويطالبون في نفس البادرة الشعبية المقترحة، بإلغاء السماح باستيراد أي نوع من العلف إذا خضع للفنون التكنولوجية التناسلية في الخارج.
ويؤكد الخضر أن هذه البادرة الشعبية الجديدة ليست موجهة ضد الأبحاث العلمية والتقنيات التناسلية بحد ذاتها، علما بأنه ستكون لها بعض المضاعفات السلبية ولا شك، على الأبحاث في هذه المجالات في سويسرا.
ويعلن الخضر عن شن هذه البادرة الجديدة في الوقت الذي تتواصل فيه المناقشات في البرلمان الفيدرالي لمشروع قانوني يتحكم بالأبحاث والإنتاج والنشر والتسويق والاستهلاك للمواد الحيوانية والزراعية التي تحتوي على الجُسيمات الحية المعدلة أو المحوّرة تناسليا.
التقنيات التناسلية بين الأخلاقيات والمصلحة..
ويأتي هذا الإعلان أيضا في لحظة تتصاعد فيها التوترات بين السلطات الصحية الفيدرالية السويسرية وبين الأوساط العلمية وأوساط البحث العلمي، بعد الاستقالة الجماعية لأعضاء اللجنة الفيدرالية للأمن البيولوجي، وعلى رأسهم الأستاذ ريكاردو ويتيك، أستاذ العلوم البيولوجية الحيوانية بجامعة لوزان.
وقد استقال الخبراء الخمسة في أواخر الشهر الماضي احتجاجا على الرفض المتكرر للدائرة الفيدرالية السويسرية للشؤون البيئية، للدخول في أي نقاش حول إمكانيات السماح بتجريب بعض البذور الزراعية التي تم تصنيعها تناسليا في المراكز العلمية السويسرية، في البيئة الطبيعية تحت الرقابة بطبيعة الحال.
ويثير هذا الرفض إلى جانب رفض الدائرة الفيدرالية للشؤون الصحية المتكرر أيضا، للسماح باستيراد خلايا الأجنة المصنعة تناسليا من الخارج لأغراض البحث العلمي، قلقا كبيرا بين الأوساط العلمية والصناعية، لما لهذه الأبحاث من مضاعفات لا تنكر على مستقبل البحث العلمي ومستقبل الصناعات المهتمة بالتقنيات التناسلية في سويسرا.
لكن السلطات الفيدرالية المعنية تؤكد أنها ليست ضد هذه التقنيات العصرية الهامة ولكنها لا ترغب في اتخاذ القرارات السابقة لأوانها في هذه المجالات، قبل أن تحدد اللجنة الفيدرالية للعلوم ولأخلاقيات البحث العلمي والتكنولوجي مواقفها من هذه القضايا.
ومن شأن الإعلان عن بادرة جديدة لفرض منع عام وشامل بكل بساطة على المصنعات أو المحورات التناسلية، أن يزيد الطين البلة بالنسبة للأوساط العلمية والصناعية التي تخشى التخلف وخسارة طاقات المنافسة في هذه الميادين العلمية والاقتصادية الهامة التي ستكون حاسمة للتقدم والرخاء في القرن الحالي.
لا بل وتثير هذه المعارضة العنيدة للتقنيات التناسلية قلق الأوساط الجامعية والنقابية التي تخشى رحيل الكفاءات والأدمغة ورحيل الصناعات إلى تلك البلدان التي لا تعارض ولا تمانع التقنيات التناسلية ولا تخشى كثيرا المجازفات في هذا الميادين العصرية رغم عدم الإلمام بها تماما.
جورج انضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.