مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الرهان على حصان.. على أمل أن يكون رابحا!

السيد نهاد عَـوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية swissinfo.ch

يوم 20 يناير عام 2001، أدّى الرئيس جورج بوش اليمين الدستورية ليُـصبح الرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة بعد فوزه بأغلبية ضئيلة من الأصوات على منافسه الديمقراطي آل غور.

وفي تلك الانتخابات، ساند المسلمون الأمريكيون، سواء كانوا ديمقراطيين أم جمهوريين، المرشح الجمهوري جورج بوش الذي وعَـدهم بحماية حقوقهم المدنية، ووقف العمل بقانون الأدلة السرية الذي بدأ العمل به في عهد الرئيس كلينتون واستهدف العرب والمسلمين.

وفي انتخابات بالغة التقارب، من المرجّـح أن تكون أصوات المسلمين الأمريكيين، هي التي رجّـحت كفّـة بوش على خصمه، ولكن المسلمين الأمريكيين أدركوا بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية أنهم راهنوا على الحصان الخاسر.

فقد انقلبت إدارة بوش رأسا على عقِـب وعصفت بكل وعود الرئيس بوش للمسلمين واستهدفتهم بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الأمريكي، خاصة من خلال التنصّت عليهم والتحلّـل من القيود الدستورية، باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب وقانون “الباتريوت”، الذي أعطى السلطات الأمنية صلاحيات واسِـعة تنتهك الحقوق المدنية للمسلمين بشكل خاص، لذلك، يصمِّـم معظم الناخبين من المسلمين الأمريكيين على التخلّـي عن تأييدهم السابق للجمهوريين، وتعتزم أغلبيتهم التصويت لصالح المرشح الديمقراطي، وخاصة إذا فاز السناتور باراك أوباما بترشيح الديمقراطيين له لخوض معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية.

ويقول السيد نهاد عَـوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، المعروف اختصارا باسم “كير”، إن 49% من المسلمين الأمريكيين، الذين يتراوح عددهم بين 7 و8 مليون شخص، يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين، بينما يشعر 36% أنهم مستقلّـون، وتراجعت نِـسبة الجمهوريين بين المسلمين الأمريكيين من 17% عام 2006 إلى 8% فقط حاليا.

ويرجع السيد عوض هذا التآكل في مساندة الجمهوريين إلى انحدار مستوى الحقوق المدنية للمسلمين، وتورّط زعماء ومسؤولين ينتمون للحزب الجمهوري وإدارة الرئيس بوش في إشاعة جوّ من الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا، والترويج لأفكار تربط بين الإسلام والإرهاب، مما أدّى إلى ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين والإسلام في أمريكا.

أحدث استطلاع لآراء المسلمين الأمريكيين

وقد أجرى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية استطلاعا لآراء الناخبين المسلمين الأمريكيين، والذين يزيد عددهم عن مليون ناخب، لمعرفة توجّـهاتهم في انتخابات الرئاسة في نوفمبر القادم، حيث سألت سويس إنفو السيد نهاد عوض عن أبرز نتائج الاستطلاع فقال:

“بغضّ النظر عن توجهاتهم الحزبية، أبدت نسبة تصل إلى 64% من الناخبين المسلمين الأمريكيين مُـساندة للحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة، وأوضحت غالبيتهم أنها ستُـصوت لصالح السناتور أوباما لانفتاحه على العالم ورغبته في الانسحاب من العراق والحوار مع سوريا وإيران وتحسين صورة أمريكا في العالم، وخاصة في الدول الإسلامية، بالإضافة إلى وعوده باستعادة الحقوق المدنية لكل الأمريكيين”.

وأوضح السيد نهاد عوض أن الاستطلاع أظهر أهمية قضية الحقوق المدنية بالنسبة للمسلمين الأمريكيين، لأن التآكل الذي عانت منه تلك الحقوق خلال عهد بوش أدّى إلى زيادة جرائم الكراهية ضدّ المسلمين في المجتمع الأمريكي، وارتفعت الطنطنة الإعلامية التي تستهدِف الإسلام والمسلمين، كما أن شعور الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا قد انتشر بشكل تناسَـب طرديا مع انتشار المشاعر المُـعادية للولايات المتحدة في العالم الإسلامي.

وقد انعكس ذلك في نتائج الاستطلاع الذي أظهر أن 77% من المسلمين الأمريكيين يعتقدون بأن تنامي المشاعر المُـناهضة للولايات المتحدة في العالم الإسلامي أصبح مشكلة خطيرة، وأعربت نفس النِّـسبة عن قناعتها بأن الأحكام السلبية المُـسبقة والإجحاف بالمسلمين في المجتمع الأمريكي باتا يشكِّـلان تهديدا للمسلمين في أمريكا.

تأثير المسلمين الأمريكيين في الانتخابات

وردا على سؤال لسويس إنفو حول الكيفية التي يمكن بها ظهور تأثير أصوات المسلمين في انتخابات الرئاسة الأمريكية، قال السيد نهاد عوض: “هناك ولايات تتأرجَـح فيها أصوات الناخبين بين الحِـزبين، الجمهوري والديمقراطي، وفي عدد من تلك الولايات، توجد أعداد كبيرة من الناخبين المسلمين الأمريكيين، مثلما هو الحال في ولايات بنسلفانيا وفلوريدا وأوهايو، وعادة ما تكون نتائج التصويت في تلك الولايات المتأرجِـحة، متقاربة إلى حدٍّ بعيد، ولذلك، يمكن لأقليات مثل المسلمين الأمريكيين ترجيح كفّـة المرشح المفضّـل باستخدام أصواتهم الانتخابية. وعلى الجانب الآخر، تسعى الحملة الانتخابية لكل من المرشح الديمقراطي والمرشح الجمهوري لكسب ودّ تلك الأقليات والاستماع إلى وجهات نظرها والتعرف على اهتماماتها والقضايا التي تشغل بالها”.

وفي هذا الصّـدد، شدد السيد نهاد عوض على أن هناك أغلبية من المسلمين الأمريكيين تُـعارض فِـكرة أن الإجراءات الاستثنائية التي تتّـبعها الولايات المتحدة في إطار الحرب على الإرهاب وقوانين الأمن الداخلي والتصنيف العرقي، تؤدّي إلى توفير مُـناخ أكثر أمْـنا في الولايات المتحدة.

وأوضح المدير التّـنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية أن الاستطلاع فسَّـر زيادة توجّـه المسلمين الأمريكيين نحو الحزب الديمقراطي، حيث أعربت نسبة 51% منهم عن اعتِـقادهم بأن الديمقراطيين أكثر التِـزاما باحترام الدستور الأمريكي، وقالت نسبة 53% ممَّـن شملهم الاستطلاع إن الديمقراطيين أكثر حِـرصا على حماية حرية العقيدة، بل ووصفت نسبة 59% من المسلمين الأمريكيين الديمقراطيين بأنهم أكثر اهتماما من الجمهوريين بالمُـساواة بين كل المواطنين.

ماذا يريد المسلمون من الرئيس القادم؟

يقول السيد نهاد عوض، إن الاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية أظهر رغبة المسلمين الأمريكيين في تفاعُـلٍ أكثر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، ولكن ليس بزيادة التدخل أو استخدام الغَـزو والاحتلال، وإنما بالعمل على حلّ المنازعات سِـلميا ومساندة الجهود الدولية لحلّ مشاكلَ عالِـقة، مثل المشكلة الفلسطينية ومشكلة دارفور.

كما أعربت نسبة وصلت إلى 83% من المسلمين الأمريكيين عن رغبتها في أن يتوصّـل الرئيس القادم للولايات المتحدة إلى تطبيع للعلاقات مع إيران، كما عارضت نسبة 75% ممّـن شملهم الاستطلاع أيّ استخدام للقوة المسلّـحة بحجة نشر الديمقراطية.

وبمناسبة اتِّـهام المسلمين لإدارة بوش باستخدام معايِـير مُـزدوجة فيما يتعلق بالانتخابات في العالمين العربي والإسلامي، أعربت نسبة 74% من المسلمين الأمريكيين عن رغبتِها في أنْ تتعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع أي حزب سياسي، ولو كان ذو توجّـه إسلامي، على أنه ممثل لشعب الدولة إذا تمكّـن من الفوز بالأغلبية في انتخابات نزيهة وحرة.

ويأمل المسلمون الأمريكيون، وتُشاركهم في ذلك غالبية من أبناء الشعب الأميركي، أن ينأى الرئيس القادم للولايات المتحدة بنفسه عن الأخطاء القاتلة التي وقع فيها الرئيس بوش والسياسات الكارثية التي اتَّـبعها، والتي انبثقت من توجّـهات أيديولوجية للمحافظين الجُـدد، وهو ما يفسر توجّـه الناخبين بأغلبية أكبر إلى المرشح الذي رفع لواء التغيير في الداخل والخارج، وهو باراك أوباما الذي يُـلهم الناخبين بأفكاره الجديدة وفِـكره المستَـقل عن جماعات الضّـغط، حركة شعبية فريدة في التاريخ المعاصر لانتخابات الرئاسة الأمريكية.

محمد ماضي – واشنطن

سان انطونيو (تكساس) (رويترز) – أعرب المرشح الرئاسي الديمقراطي باراك اوباما عن تأييده لسياسة إدارة بوش في رفض التعامل مع حركة حماس الإسلامية في الجهود الدبلوماسية الرامية لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وقال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ايلينوي إنه سيتّـخذ موقفا مختلفا عن موقف الرئيس جورج بوش لرفض الحوار مع بعض الخصوم الدوليين الآخرين، لكن ذلك الموقف لا ينطبق على حماس التي سيطرت على قطاع غزة والتي تسعى إلى تدمير إسرائيل.

وقال اوباما في السابق إنه سيكون على استعداد للالتقاء بزعماء تختلف معهم إدارة بوش بشدّة بمن فيهم الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد والرئيس الكوبي راؤول كاسترو.

وأوضح اوباما، الذي يأمل في الفوز بترشيح حزبه ليواجه السناتور جون ماكين، المرشح المرجح للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر القادم، أن استعداده للالتقاء مع خصوم “لا يشمل حماس”.

وقال للصحفيين في محطة لحملته الانتخابية في سان انطونيو بولاية تكساس “لا يمكن للمرء أن يتفاوض مع شخص لا يعترف بحق دولة في الوجود، ولهذا أنا أتفهم لماذا لا تلتقي إسرائيل مع حماس”.

ولا تعترف إيران هي الأخرى بإسرائيل، وكثيرا ما تحدث رئيسها عن التدمير الوشيك للدولة اليهودية، وهو ما جلب عليه انتقادات من الغرب الذي يخشى أن إيران تسعى لصنع قنابل نووية قد تهدّد المنطقة.

وتوجهت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى الشرق الأوسط لمحاولة إنقاذ محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي ترعاها الولايات المتحدة والتي جمّـدها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مطلع الأسبوع بعد الهجمات التي شنّـها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقال اوباما “أنا فعلا اعتقد أنه من المهم لنا أن نحاول تنشيط عملية السلام… إنها تعرضت لضغوط هائلة مؤخرا”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 مارس 2008)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية