“هل يُعيد الفلسطينيون ارتكاب الخطأ التاريخي برفض صفقة القرن”؟
في الوقت، الذي أعلنت فيه السلطة الفلسطينية قطع علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، يشير الفلسطينيون في المقابل إلى الدعم الدولي ولا سيما الأوروبي لمطالبهم التاريخية في دولة فلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة. لكن نظرة على الإعلام السويسري وطريقة تغطيته لصفقة القرن تظهر أن موقف الغرب وإعلامه ليسا متجانسيْن وليس بالضرورة مؤازريْن للموقف الفلسطيني الرافض لخطة السلام في الشرق الأوسط. في ما يلي عرض لأبرز ما جاء في الصحف السويسرية عن الشؤون العربية لهذا الأسبوع، وفضلا عن "صفقة القرن"، هناك تقارير عن سوريا والعراق..
“خطأ الفلسطينيين”
تحت هذا العنوان، رأى مراسل صحيفة لوتسرنر تسايتونغ رابط خارجيفي تل أبيب بيير هويمان أن “الفلسطينيين يتحملون المسؤولية في ما يحدث، فهم منقسمون على أنفسهم وليس لهم أصدقاء في العالم العربي. وعلى مدى عقود، ظل الرؤساء الأمريكيون يعملون على حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والآن يواصل دونالد ترامب هذا النهج. ولم يملك أي شعب آخر فرصاً مثل الفلسطينيين لتأسيس دولة، لكن هذه المحاولات فشلت وذلك لخمسة أسباب”.
السبب الأول وفق المراسل هو “تمسك الفبسطينيونبمطالب غير واقعية، فالقيادة الفلسطينية وعدت مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين مما يعرف الآن بإسرائيل بحق العودة إلى ديارهم. وطالما تمسكت بهذا الهدف غير الواقعي المتمثل في “حق العودة” لجميع اللاجئين، فلن تكون السلطة قادرة على الوصول إلى حل وسط”.
“أما السبب الثاني، فهو رفض الفلسطينيين أي اقتراح لحل وسط للنزاع مع إسرائيل. فقد عرض عليهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك منحهم 95 % من الضفة الغربية وكل غزة ونصف القدس. وطرح عليهم إيهود أولمرت 97٪ من الضفة الغربية وكل غزة ونصف القدس. وفي السابق رفض الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عرضا من اسحاق رابين لتأسيس دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية. وكان الفلسطينيون قد رفضوا بالفعل خطة التقسيم التابعة للأمم المتحدة في عام 1947”.
“والسبب الثالث هو الانقسام الداخلي، فبدلاً من اتخاذ موقف مشترك تجاه إسرائيل، تقاتل الفصائل الفلسطينية بعضها البعض بشراسة وهذا الانقسام يسمح لإسرائيل بالتلاعب بهم. كما يفتقر الفلسطينيون إلى قائد يتمتع بالكاريزما ويوحّد جميع الأطراف لتحقيق هدف مشترك”
السبب الرابع هو أنه منذ عام 1994، ونتيجة لاتفاق أوسلو، يعيش الفلسطينيون في “شبه دولة”، وتسيطر السلطة الفلسطينية على حوالي 40٪ من الضفة الغربية، وهي مسؤولة عن الشؤون المدنية، مثل المدارس والصحة. وفي بعض المناطق، تتحمل السلطة مسؤولية الأمن. ورغم أن الفلسطينيين تلقوا الكثير من المال من العديد من البلدان لبناء دولتهم، إلا أنهم فشلوا في فعل ذلك. ومنع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات إنشاء هياكل ديمقراطية لأنه لا يريد تقاسم السلطة. هناك تحسن مؤقت في عهد خليفته محمود عباس. لكن آخر انتخابات أجريت في الأراضي الفلسطينية كانت قبل 15 عامًا. وفقد الرئيس محمود عباس البالغ من العمر 84 عامًا شرعيته الديمقراطية منذ فترة طويلة، مما يُضعف موقفه التفاوضي مع إسرائيل والولايات المتحدة. وهو ما خلق فراغًا في السلطة في الأراضي الفلسطينية والذي تستخدمه إسرائيل لتوسيع المستوطنات غير القانونية”.
السبب الخامس والأخير، هو أن الفلسطينيين معزولون بشكل متزايد في العالم العربي. على سبيل المثال، رحبت المملكة العربية السعودية ومصر وقطر بـ “صفقة القرن” – أو على الأقل لم ترفضها، كما كان يتمنى محمود عباس. على عكس السنوات السابقة، فإن مشاكل الفلسطينيين في المنطقة العربية لم تعد أولوية. وبالنسبة لمعظم العرب، تعد مواجهة الهيمنة الإيرانية في المنطقة أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية. وهذا ما تتفق فيه الرياض وأبو ظبي مع إسرائل. ويأمل العرب في الهيمنة على الخليج الفارسي بدعم إسرائيل في حالة نشوب حرب مع إيران. ولهذا السبب تحرص هذه الدول على عدم استفزاز ترامب بالنقد”.
“الفلسطينيون يراهنون على الدعم الدولي”
بدورها رأت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي في عددها الصادر يوم 1 فبراير الجاري أن موقف القيادة الفلسطينية المتمثل في رفض التفاوض حول خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصميمها على إفشالها، في المقابل، تراهن على الدعم الدولي لحل الدولتين.
مراسلة الصحيفة انغا روغ، أوضحت في تقرير لها وهي بالقرب من حاجز قلنديا في مدينة رام الله بالضفة الغربية بأن الأوضاع الأمنية لم تتغير عند حاجز قلنديا، الذي يفصل القدس عن الضفة الغربية، بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته المثيرة للجدل لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأشارت إلى أنه “إذا تم تنفيذ خطة ترامب، فإن قلنديا ستصبح معبراً حدودياً بين دولتين ذات سيادة، على الأقل من الناحية النظرية. ومع ذلك، بالنسبة للفلسطينيين، فإن هذا يعني أنه يتعين عليهم الاعتراف بأكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس أقامتها إسرائيل في مناطق تقع خارج خط الترسيم المتفق عليه بعد حرب الشرق الأوسط عام 1967. وفقا لبيانات الاتحاد الأوروبي، بنت إسرائيل 143 مستوطنة منذ ذلك الحين، 11 منها في القدس الشرقية. وفقا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن عدد المستوطنين الآن أكثر من 750 ألف، يعيش حوالي ثلثهم في القدس الشرقية. وبجرة قلم قرر الحاكم الأوحد ترامب حرمان الفلسطينيين من القدس الشرقية كعاصمة لهم في المستقبل. ومنحهم بدلاً من ذلك عاصمة أخرى يمكن لهم تسميتها “القدس”، كما تُنطق باللغة العربية، وذلك في الضواحي الشرقية لمدينة القدس ومحاطة بالكيان الإسرائيلي”.
والسؤال الأهم هو كيف يمكن ربط أجزاء الدولة الفلسطينية الجديدة المتقطعة الأوصال؟ هذا يتطلب بناء عشرات الشوارع والجسور والأنفاق، فعلى عكس الادعاء الوارد في خطة ترامب، فإن الدولة الفلسطينية ليست سوى دولة متماسكة بالاسم فقط ولا توجد دولة في العالم بهذا الشكل، كما كتبت صحيفة جيروساليم بوست.
غسان الخطيب، الذي شارك في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أوائل التسعينيات والمحاضر في جامعة بيرزيت في رام الله، واثق من أن الفلسطينيين لديهم الدعم اللازم دوليًا وإقليميًا وحتى في واشنطن، وبالتالي فإن خطة ترامب ستفشل. ويرى الخطيب أن ترحيب الحكام في الخليج ومصر بصفقة القرن لا يعني الكثير، فالغالبية العظمى من الدول العربية تتمسك بموقفها السابق ونجاح إسرائيل في إيجاد حلفاء جدد محدود للغاية. ويعترف الخطيب بأن أحد أكبر نقاط ضعف الفلسطينيين بلا شك انقسامهم الداخلي والذي يغذيه الصراع الإقليمي بين إيران والمملكة العربية السعودية “الخلاف يضعفنا، وبالنظر إلى التحديات الجديدة، يجب أن نتغلب عليه. لكنني لست متفائلا “.
تختم المراسلة بالقول “تجدد الاشتباكات بين إسرائيل والفلسطينيين واندلاع أعمال العنف ورهان حركة فتح على الاحتجاجات السلمية تعيد إلى الأذهان حقيقة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يمكن أن يتجدد في أي وقت، طالما لم يتم إيجاد حل نهائي يرضي الطرفين. من وجهة نظر الخطيب فإن صفقة القرن ليست أكثر من مقترح وضعه الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة من الاثنين لتشتيت الانتباه عن مشاكلهما القانونية – ترامب من إجراءات عزله ونتنياهو من تهمة الفساد، فهي إنها صفقة بين رجلين غارقين في مستنقع قذر”.
ناشطون يهود يهاجمون خطة ترامب
نشرت صحيفة “لوتون”، الثلاثاء، 4 فبرايررابط خارجي وجهة نظر بقلم ماسيا كانيمان – بوغاتش، الناطقة باسم الفرع السويسري من “ائتلاف نداء اليهود الأوروبيين من أجل التعقّل”، (وهو شبكة من الجمعيات الأوروبية الممثلة ليهود أوروبيين أو لأصدقاء إسرائيل الذين يطمحون إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط بناءً على اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفق مبدأ “شعبيْن ودولتيْن”). بالنسبة لهذه الناشطة “خطة السلام التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تدّعي أنها تقود الإسرائيليين والفلسطينيين “من السلام إلى الازدهار” ليست خطة سلام، فهي تتناقض مع الاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية السابقة التي تناولت العناصر الأساسية للصراع: الحدود والمستوطنات والقدس، وقضية اللاجئين”.
ثم تضيف “خطة ترامب تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة والمبدأ الأساسي المتمثّل في أن تسوية النزاع في الشرق الأوسط يجب أن يقوم على الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعبيْن وعلى التعايش السلمي بين دولتيْن ذات سيادة”. ثم تواصل ممثلة الفرع السويسري لهذا الائتلاف اليهودي: “هذه الخطة جزء من سلسلة من الإجراءات التي سبق أن اتخذتها الإدارة الامريكية: “التنصّل من التزامات الولايات المتحدة السابقة برعاية حل الدولتيْن، والاعتراف بالقدس الموحّدة عاصمة لدولة إسرائيل، ودون ترك أي مجال للتفاوض بشأن وضع المدينة، وقطع تمويلات المؤسسات الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية العملة لصالح الفلسطينيين، أو خفضها إلى أدنى مستوى، ودعم قيام إسرائيل بإنشاء مستوطنات يهودية على الأراضي الفلسطينية”.
وعن العواقب السلبية لهذه الخطة على وضع الفلسطينيين، تقول صاحبة هذا المقال: “تعرض هذه الخطة على الفلسطينيين خلال أربع سنوات، وفي ظل قائمة الشروط الطويلة التي تحددها الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة واحدة، مشروع دولة منزوعة السيادة، وبدون سيطرة على حدودها ومياهها الإقليمية ومعظم مواردها الطبيعية، ومن دون عاصمتها القدس الشرقية، وتحافظ على المستوطنات كجيوب مستقلة داخل هذا الكيان”.
وتختم ماسيا كانيمان – بوغاتش مقالها بأن النتيجة الحتمية لهذه الخطة ستكون “تعزيز الاحتلال الإسرائيلي الدائم، وخلق واقع دولة واحدة مع حقوق غير متكافئة للفلسطينيين مقارنة بالإسرائيليين، ونظام قانوني مزدوج يكون لصالح الإسرائيليين على حساب جيرانهم الفلسطينيين”.
“هزيمة الغرب في سوريا”
صحيفة “لوتون”، الصادرة يوم 5 فبراير الجاريرابط خارجي أجرت حوارا مطوّلا مع سفير فرنسا السابق في سوريا، ثم لاحقا في برن، ميشال دوكلوس، والذي هو الآن المستشار الخاص بمعهد مونتانيه، وبحسب رأيه “أدى الصراع في سوريا إلى تعزيز الأنظمة الإستبدادية، على حساب الأنظمة الديمقراطية”. وكان دوكلوس قد ألّف كتابا بعنوان “ليل سوريا الطويل”، وفيه يحلل جذور النزاع في سوريا وعواقب عجز الغرب على مواجهة هذه الحرب الأهلية. وفيما يلي أبرز ما جاء في هذا الحوار:
يقول متحدثا عن صمت المجتمع الدولي، وخاصة البلدان الأوروبية عما يحدث حاليا في إدلب: “الصمت تجاه ما يحدث الآن في “إدلب” “هو صمت محرج ويعبّر عن عجز العالم إلى حد ما. وهو يثبت أن سوريا قد أصبحت مجالا مفتوحا فقط أمام عدد قليل من الدول أو بعض القوى الفاعلة من غير الدول -روسيا وإيران وحزب الله وتركيا- وجميعهم لا يشاركوننا قيمنا. وفي نفس الوقت يتم استبعاد البلدان الغربية”. وبرأيه، لا يفهم الكثير من الأوروبيين ما يحدث في إدلب هذه الأيام. ويعتقد أن لديهم تعاطف طبيعي مع الضحايا. لكن الشعور بالعجز يجعل المرء يصرف نظره. وينضاف إلى ذلك غموض القراءات الإيديولوجية للظواهر، بحسب طائفة واسعة من الأوروبيين “الجميع إسلاميين”، و”ويل للمهزومين”.. صحيح أن الجماعات الإرهابية تحتجز إدلب، لكن هل أفضل طريقة لمحاربتهم هو قصف جميع المستشفيات، ورمي الأطفال والنساء في العراء؟”.
وعن دوافعه للاعتقاد بأن “الحرب في سوريا مثلت “هزيمة للغرب”، يقول: “أوّلا، لأن المعارضين المعروفين للغرب – روسيا وإيران- هما القوتان المنتصرتان في هذه الحرب، رغم أنه يمكن اعتبار هذا الإنتصار هامشي، إذا نظرنا إلى المحيط ككل. لكن الصراع في سوريا كان المحفّز لصعود أنظمة وحكام مستبدّين- مثل بوتين وأردوغان وخامنئي، بل وحتى لشعبويين في أوروبا مثل أوربان وسالفيني، واللذان شهدت شعبيتهما زيادة كبيرة بسبب عواقب النزاع في سوريا (تدفق المهاجرين، والهجمات الإرهابية)، بالإضافة إلى ارتفاع أصوات مهوّنة من انتهاكات حقوق الإنسان، ومتسامحة مع انتهاكات القانون الدولي، وعودة جرائم الإبادة الجماعية، موضوعات ظن الغربيون أنهم حققوا اجماعا دوليا ضدها في نهاية القرن العشرين”.
وعما إذا كان النزاع في سوريا، بصدد تغيير طبيعة العلاقات الدولية في العالم، يجيب السفير الفرنسي السابق في دمشق: “قلت إن سوريا هي بمثابة المحفّز لصعود أنواع جديدة من الأنظمة المستبدة والقوى الشعبوية. لكن هذه الأنظمة المستبدة، ليس هناك ما يدعو للإعتقاد أنها سوف تستمرّ، خاصة إذا نظرنا إلى ما يحدث في الجزائر والسودان والعراق وهونغ- كونغ، وفي روسيا نفسها، وتركيا، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة هناك. هذا لا يعني أن النزاع في سوريا قد وفّر فرصة لنظام بوتين لتصدّر المشهد في وقت كان فيه ميزان القوى في العالم يتغيّر لغير مصلحة الغرب، خاصة دخلت الليبرالية الديمقراطية أزمة خطيرة في الولايات المتحدة وفي بريطانيا”.
وعن السؤال: بدلا من مهاجمة بشار الأسد، ألا ينبغي للغرب عقد اتفاق معه؟، يجيب السفير والكاتب الفرنسي: “من خلال تجربتي -وقد تعاملت مع الرئيس السوري ثلاث سنوات كاملة- ما كان أن نحصل منه على شيء. القول إنه كان يمكن أن نعدّل ساعة النظام لكي يكون بناءًا فكرة وهمية. لقد أصبح بشار الأسد مع الوقت مجرما متورّطا في مجازر جماعية. هذا ليس تقييمي. هذه هي الحقيقة. لقد قام بعمليات تطهير عرقي. فلا ينبغي لفرنسا- أو دولة مرجعية في مجال حقوق الإنسان مثل سويسرا- أن تتعامل مع هذا النوع من الأنظمة. وسيكون ذلك إشارة كارثية عندما تتمرد شعوب أخرى ضد الطغاة الذين يحكمونها”.
وضع المسيحيين في الموصل
في صحيفة “24 ساعة” الصادرة بالفرنسية ليوم 5 فبراير الجاريرابط خارجي، أجرى الصحفي أندرياس أليمان، حوارا مع رئيس أساقفة مدينة الموصل العراقية، نجيب ميخائيل، على هامش زيارة له إلى مدينة جنيف مؤخّرا، والذي شدّد على “الحاجة الملحة إلى إعادة بناء الثقة بين سكان الموصل بعد صدمة الحرب ضد “تنظيم الدولة””. ومن أبرز ما جاء في هذا الحوار ما يلي:
في ردّه على سؤال بشأن عودة المسيحيين للعيش في مدينة الموصل من عدمه، أجاب رئيس الأساقفة: “ليس لدينا إحصائيات،.. نعتقد أن ثلث المسيحيين في العراق قد غادروا البلاد بشكل نهائي، وأن الثلث الثاني يراقب الوضع في بلدان الجوار، ولم يبق في العراق إلا الثلث الأخير، ويتراوح العدد بين 300 ألف و500 ألف. لكن جزء مهم من الذين فرّوا من الموصل مازالوا في كردستان أو في سهل نينوى. ربما ظل يعيش في المدينة قرابة 30 أسرة، وغالبا ما يكونون موظّفين حكوميين”.
وعمّا إذا كان لايزال يلازمهم الخوف، أجاب نجيب ميخائيل: “المسيحيون يعانون من الصدمة: غالبا ما كان جيرانهم هم الذين يبلّغون عنهم داعش، ثم نهبوا منازلهم. وكانوا هم أنفسهم من زرع القنابل أمام الكنائس، وهذا حتى قبل 2014. أنصار داعش لم يختفوا حتى الآن من الموصل، هم حلقوا لحيهم فقط. وهناك بالتأكيد الكثير من الخلايا النائمة. هؤلاء متعصبون وأسرى إيديولوجيا تسعى إلى القضاء على الآخر وسحقه من الوجود، بدلا من النظر إليه كثراء. حتى المسلمين خابوا ظنهم في داعش: لقد عاملهم الجهاديون ككفار، ظنا منهم أنهم يمارسون إسلاما خاطئا. لقد أدى هذا إلى فتح أعين الكثيرين. وبدأوا يكافحون التطرّف والتشدّد، ولا يسمحون للخطباء بتبرير ما فعله المتشددون ضد اليزيديين مثلا”.
وعما إذا كان رجل الدين المسيحي قلقا مما يحدث في بغداد، يجيب: “على العكس من ذلك، هذه المظاهرات هي منبع أمل. هؤلاء شباب شيعة بالأساس يعارضون تأثير الملالي على النخب السياسية. إنهم يريدون حكم القانون والعلمانية والاستفلال عن القوى الأجنبية في المنطقة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.