“العالم الإسلامي لابد أن يكون ممثلا في مجلس الأمن”
يبدأ وزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي يوم 28 يونيو اجتماعات في صنعاء لمناقشة مطلب إسناد مقعد دائم للبلدان الإسلامية في مجلس الأمن.
الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام للمنظمة، قال لسويس انفو بأنه “لا يستقيم إصلاح مجلس الأمن إذا بقي خُمُس البشرية غير ممثل فيه”.
يبدأ وزراء خارجية البلدان أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي الثلاثاء والأربعاء (28 و29 يونيو) اجتماعات تستمر يومين في العاصمة اليمنية صنعاء لمناقشة مطلب إسناد مقعد دائم للبلدان الإسلامية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى تطورات القضية الفلسطينية ووضع القدس والمسجد الأقصى والملف العراقي.
ويناقش الوزراء تداعيات تدنيس المصحف الشريف في ضوء الرد الأمريكي على مذكرة كان تقدم بها الأمين العام للمنظمة الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي للسلطات الأمريكية، إلى جانب الأخطار التي تهدد القدس والتي وجهت المنظمة في شأنها رسالة إلى اللجنة الرباعية. أما الملف العراقي، فسيناقش بحضور وفد حكومي يقوده وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة هوشيار زيباري.
الدكتور أوغلي الذي درَس في جامعة القاهرة، وألف كتبا عديدة عن الحضارة الإسلامية وتقلد مناصب رفيعة في منظمة المؤتمر الإسلامي قبل أن يُـصبح أول أمين عام تركي لها، ألقى الضوء في هذا الحديث الخاص لسويس أنفو على المسائل الحساسة التي يناقشها الوزراء في اجتماعاتهم، والتي تمهد للقمة المقرر عقدها في موفى العام الجاري في المملكة العربية السعودية.
بدأ الحديث من السؤال عن دوافع الدعوة لتمثيل الدول الإسلامية في مجلس الأمن، فأتى الجواب بعربيته الفصيحة والمبسطة كالتالي:
سويس إنفو: ما هي دوافع الدعوة لتمثيل الدول الإسلامية في مجلس الأمن؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: هذه نقطة هامة في جدول الأعمال السياسي، إذ أننا طرحنا فعلا فكرة تمثيل العالم الإسلامي في مجلس الأمن لأننا نعتقد أن أي عملية إصلاح لا يمكن أن تكون مثمرة في ظل استمرار التوازنات الراهنة.
الصورة التي عليها مجلس الأمن الآن هي نتيجة الوضع الذي كان عليه العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديدا التوازنات التي كرّستها اتفاقات سان فرانسيسكو، وها هي الأصوات ترتفع بعد ستين عاما في مختلف أنحاء العالم لتُـنادي بتجاوز تلك الصيغة والتعبير عن الرغبة بتعديلها.
وأعتقد أن العالم الإسلامي الذي يمثل خُـمس سكان المعمورة لا يمكن أن يكون بعيدا عن تلك التعديلات. لذا، نعتبر أن العالم الإسلامي لابد له أن يكون ممثلا في مجلس الأمن، وكان هذا الموضوع محور مشاورات بين البلدان الإسلامية في مستوى كبار المسؤولين وممثليها في الأمم المتحدة، وسندرس في صنعاء الأفكار المتعلقة بهذه المسألة ونتبادل وجهات النظر للخروج بموقف موحد.
سويس إنفو: ما هي الصيغ المطروحة لتمثيل العالم الإسلامي؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “هناك احتمالان، إما الاتفاق على دولة معيّـنة تشغل مقعدا يخصص للدول الإسلامية أو اللجوء للتمثيل الدوري في مجلس الأمن. وهناك تقاليد معيّـنة في منظمة المؤتمر الإسلامي بالنسبة للدورية يُـمكن البناء عليها في هذا الصدد”.
سويس إنفو: ما هي المسائل الأخرى المُـدرجة على جدول الأعمال؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “الجدول مثقل بقضايا سياسية مثل الوضع في فلسطين، ودعم العراق وكشمير وما إلى ذلك، بالإضافة لمسائل اقتصادية واجتماعية، في مقدمتها مسار التنمية الذي يجب أن نُـوليه أهمية كبيرة، إذ لابد من تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين بلدان العالم الإسلامي. فحجم التجارة البينية لا يتجاوز حاليا 13%، ونحن الآن بصدد قفزة جديدة في هذا المجال من خلال العمل على خفض الضرائب والرسوم الجمركية، ولدينا أهداف كثيرة انتهينا من بلورتها، ونعتبر أن الانتهاء من هذه الأمور سيؤدّي إلى تنشيط التعاون بين البلدان الإسلامية”.
وتابع: “هناك أيضا مسائل التعاون العلمي والتكنولوجي داخل المنظمة، إذ توجد دول متقدمة ولديها فروع معيّـنة من العلوم والتكنولوجيات، ودول أخرى أقل تطورا، ونحن نسعى لتجسير الفجوة بين الاثنين، كي نحقق للعالم الإسلامي تقدّما علميا وتكنولوجيا شاملا. وهناك أيضا، آفاقا جديدة لتطوير التعاون مع منظمات الأمم المتحدة في مجالات معينة، مثل شلل الأطفال، الذي بدأ للأسف ينتشر من جديد في دولنا، بدأ في خمس دول وهاهو يتوسّع الآن، فعلينا تجنيد الطاقات والأموال لمكافحته”.
سويس إنفو: أنشئت المنظمة ردا على إحراق المسجد الأقصى، فماذا ستفعل اليوم من أجل إنقاذه وهو يتعرض لتهديدات بالغة الخطورة؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “المسجد الأقصى والقدس الشريف بوجه عام منطقة حساسة، وعلى كل طرف أن يتعامل معها بدقة وحذر، فلا يمكن تغيير الواقع بعنجهية السلاح ولا يمكن أيضا تجاهل حق الفلسطينيين والأمة الإسلامية في القدس التي حماها المسلمون طيلة أربعة عشر قرنا ولم يسمحوا لأحد بتدنيسه”.
“قمت بزيارة لفلسطين وقابلت الرئيس محمود عباس وعدة مسؤولين فلسطينيين. وفي الزيارة نفسها، زرت القدس الشريف وأحمد الله أني صلّـيت فيه وقابلت هناك القيادات الدينية. وأحب أن أنبّـه في هذا الصدد أن الوضع هناك خطر وعمليات الاستيطان حول القدس أخذت أبعادا كبيرة جدا، فهي تكاد تخنق المدينة من جميع الجهات. وعلى إثر الزيارة، كتبت رسالة باسم منظمة المؤتمر الإسلامي إلى أعضاء اللجنة الرباعية لأطلب منهم اتخاذ موقف سياسي وأخلاقي تجاه ما يجري في القدس”.
سويس إنفو: لماذا لم تجتمع لجنة القدس حتى الآن؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “حان الوقت لعقد اجتماع للجنة، ونتمنى أن تجتمع فعلا في أقرب الأوقات، ونحن ننتظر من إخواننا في المغرب أن يشعرونا بآخر التطورات على هذا الصعيد”.
سويس إنفو: وماذا عن تدنيس المصحف الشريف، كيف ردت المنظمة الفعل على تلك الأعمال؟
د. أوغلي: هذا عمل شنيع لا أعرف في تاريخ الإنسانية مثيلا له، ولست أدري كيف يمكن لإنسان لديه احترام لأي قيمة إنسانية أو تقدير لأي دين، أكان سماويا أم وثنيا، أن يقدم على مثل تلك الجريمة؟ منظمة المؤتمر الإسلامي تحركت في شكل عاجل وطلبت التحقيق، فأتانا الرد الأوّلي، ومفاده أن الخبر الأول المنشور في مجلة “نيوزويك” لم يكن موثوقا وتم سحبه، لكن ذلك لم يُـقنعنا، خاصة أن التحقيق أثبت لاحقا حصول عمليات تدنيس أخرى. وفي كل الأحوال أعتقد أن الحالات التي تم الاعتراف بها ليست أقل شناعة ودناءة من التي سحبت.
بعد ذلك، طالبنا بإحالة مرتكبيها على المحاكمة وحذرنا من أن العالم الإسلامي لا يمكن أن يسكُـت على تلك الجرائم، وفعلا مازال المسلمون يشعرون بأسى كبير ويخرجون في مظاهرات استنكار لتلك الجرائم الوحشية. وأقول، إذا لم يقم المسؤولون بمتابعة الموضوع، ستكون له آثار سلبية، لأن جموع المسلمين في أنحاء العالم لا يمكن أن تقبل الأعذار الواهية التي بها تم تبرير تلك الجرائم”.
سويس إنفو: ألا ترى أن المواقف الرسمية بدت دون ردود الفعل الشعبية بكثير؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “خلال جولتي الأخيرة في البلدان الأعضاء التي سبقت اجتماعات صنعاء، وجدت تجاوبا رسميا في أعلى مستوى، وتناولت الموضوع بشيء من التفصيل مع عدد من الرؤساء، وسنطرحه في اجتماعات وزراء الخارجية غدا وبعد غد، ونحن نطلب من الحكومة الأمريكية ردّا واضحا، ورسميا من وزارة الخارجية لأن الرد الذي وصلنا كان باسم الجيش”.
سويس إنفو: ما هو مضمون مشروع إصلاح منظمة المؤتمر الإسلامي الذي سيناقشه الوزراء؟
د. أكمل الدين إحسان أوغلي: “المنظمة تمر بفترة تحوُّل كبيرة هي نتاج لظروف موضوعية، وأيضا لمبادرة شخصية. فالأوضاع الدولية الجديدة فرضت على جميع المنظمات أن تراجع نفسها، ومن ضمنها منظمتُـنا التي أنشئت عام 1969 لمواجهة تحدّيات معيّـنة، داخلية وخارجية، وعليها اليوم أن تُـعيد النظر في أسلوب عملها وأهدافها ووسائل تنفيذ مشاريعها.
أما العامل الآخر، فيتمثل في كوني انتخبت في يونيو الماضي بناء على برنامج إصلاحي من بين ثلاثة مرشحين، ومن خلال انتخاب حر وديمقراطي لأول مرة في تاريخ المنظمة، وكنت أول أمين عام يأتي من داخل المنظمة، لكني لم أباشر إلا منذ بداية العام الحالي. ويمكن تلخيص عناصر خطة الإصلاح في تغيير نمط العمل داخل المنظمة، وتعزيز الهياكل الداخلية المختلفة بعناصر ذات كفاءة عالية، ورفع الأداء الداخلي للعمل، وزيادة الموازنة وتحسين ظروف العمل. بالإضافة إلى ذلك، يجري التفكير أيضا في المسائل الكبيرة التي تنتظم العمل الإسلامي من خلال نظرة جديدة للتضامن الإسلامي في عالم متغير.
أجرى الحوار لسويس إنفو: رشيد خشانة في العاصمة التونسية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.