العصر الجليدي .. سيعود!
على الرغم من تحذير العلماء من الارتفاع الطفيف في درجة حرارة الأرض وتأثيره السلبي على نواحي الحياة، إلا أن علماء جامعة برن أكدوا أن العصر الجليدي قادم، ولكن بعد 15000 سنة.
وكان علماء الأرصاد الجوية السويسريون قد شاركوا في مشروع أوروبي للأبحاث على الجليد في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية.
يعتني المشروع الأوروبي لدراسة تكوين الجليد في القطب الجنوبي بالبحث في تكون هذا الجليد الأبدي الهائل وتأثير التغيرات المناخية العالمية عليه، وينظر البحاثة إلى تلك القارة وطبقات الثلوج التي تغطيها على أنها تحمل بصمات علمية تمثل سجلا أمينا لما عرفته الكرة الأرضية من تطورات مناخية على مدار ملايين السنين.
وقد تركز دور العلماء السويسريين المشاركين في المشروع الأوربي على تحديد أساليب قياس وتحديد نسبة الغازات والربط بين البيانات مستخدمين في ذلك أدق التجهيزات وطرق التحليل، وهو ما أهلهم للعب الدور الرئيس في هذا المشروع، حسب ما أفادت به مصادر قسم الأرصاد الجوية والبيئة في معهد الفيزياء بجامعة برن إلى وكالة الأنباء السويسرية.
كما قام علماء جامعة برن بتصميم آلة الحفر المستخدمة في التنقيب داخل الكتل الجليدية الصلدة في القطب الجنوبي، وتم تصنيعها في إحدى الشركات السويسرية أيضا.
وفي مقال نشرته مجلة “الطبيعة” (Nature) العلمية المتخصصة الصادرة من بريطانيا، قال هاينتس ميللر مدير معهد الفريد فيغينر للأبحاث في بريمرهافن إن ما تخبئه الكتل الجليدية الصلدة في القطب الجنوبي يعكس تاريخ تطور الطقس على مدى 740000 عام على سطح الكرة الأرضية.
وقد تمكن العلماء من إحداث فجوة في عمق هذا الجليد الأبدي تصل إلى 2500 متر لتلامس الرقائق الأولى التي عاصرت مختلف التغيرات المناخية عبر مئات الآلاف من السنين.
سـجـل أمين للتحولات
وتوصل العلماء من خلال أبحاثهم إلى أن الأرض مرت بثمان عصور ثلجية وأخرى دافئة، إلا أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من معرفة ما إذا كان إعمار الكرة الأرضية بالانسان قد أثر على تلك العصور.
ويقول البروفيسور ميللر إن العصر الدافئ الذي تعيشه الأرض الآن ومنذ حوالي 12000 سنة، هو أطول فترة زمنية شهد فيها الكوكب الأزرق ارتفاع درجة الحرارة على مدى 420000 عام، حيث كانت فترة العصور الدافئة أو الباردة على حد سواء تتراوح بين 12000 و15000 عام.
ويرى علماء جامعة برن المشاركون في هذا المشروع أنه كلما ازداد عمق الفجوة التي صنعها البحاثة في الجليد الأبدي في القطب الجنوبي، كلما ارتفع عدد السنوات التي يتعرفون من خلالها على تغيرات المناخ والطقس على سطح الأرض.
فعندما يزيد عمق تلك الفجوة 100 متر أخرى، فإن هذا يعني أن المعلومات الموجودة حاليا ستعود بهم إلى 200000 عام إلى الوراء، مع العلم أن تحليل طبقات سمكها 3 أمتار يستغرق سنوات طويلة من العمل لربط البيانات والتنسيق بين مختلف المعطيات التي تفصح عنها.
ويقول البروفيسور ميللر إن النتائج التي تعطيها تحليل عينات من قاع القارة القطبية الجنوبية أدق من تلك التي يتم الحصول عليها من قاع المحيطات، فطبقات الثلج الرقيقة التي تتراكم فوق بعضها بمرور السنين هي سجل للتحولات المناخية في كل حقبة، وذلك على عكس الطبقات الموجودة في قاع البحار والمحيطات.
الثورة الصناعية وراء تغير الطقس
من أهم النتائج التي حصل عليها العلماء من تحليلهم لطبقات الجليد الأبدي أن تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في طبقات الجو قد زاد مع تطور الحياة الصناعية على وجه الأرض.
ففي العصور الجليدية الأولى كان 200 جزء من مليون، وفي العصور الدافئة وصل إلى 280، ومنذ عام 1750، أي مع بداية النمو الصناعي ارتفع التركيز إلى 370 جزء من مليون، وهو أعلى تركيز على مدى 500000 عام.
وعلى الرغم من دقة التحليلات وربطها مع فترات زمنية بعيدة جدا، إلا أن البروفيسور ميللر يؤكد عدم استطاعة العلماء التوصل إلى تأثير ذلك التركيز على قلب الجليد الأبدي المتجمد في قاع القطب الجنوبي من الأرض.
تجدر الإشارة إلى أن الجامعات السويسرية تحرص على المشاركة في الابحاث الأوروبية التي تضم أكثر من دولة، ويكون الدور السويسري فيها مميزا، ولا يكتفي بالمتابعة أو المساهمة المالية، إذ يرى العلماء السويسريون أن تلك المشروعات الجماعية فرصة لإبراز الكفاءات العلمية السويسرية وتبادل الخبرات مع الآخرين، فضلا عن أنها إمكانية لإبراز القدرات السويسرية في مجالات متعددة من بينها الصانعات التقنية الدقيقة.
سويس انفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.