المدير الجديد للمؤسسة يخرج عن صمته
بعد خمسة أيام من نشر خبر فصل أربعة موظفين لدى المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف، والتساؤلات التي أثارها هذا القرار المفاجئ، خرجت الإدارة الجديدة عن صمتها وتحدثت إلى الإعلام.
السيد فتحي نعمة الله، المدير الجديد للمؤسسة، أكّـد أنه لم يأت إلى جنيف لتحقيق أهداف ذات طابع “أيديولوجي”، بل للإشراف على الشؤون الإدارية على المؤسسة، التي تستحق أن “تُـدار بشكل أفضل”، على حد تعبيره.
أدى اهتمام وسائل الإعلام الروماندية (الناطقة بالفرنسية) بتتبّـع أبعاد القرار الذي كشفت عنه للمرة الأولى القناة الأولى السويسرية الناطقة بالفرنسية مساء السبت 7 أبريل في نشرتها الإخبارية المسائية، إلى انتشار تأويلات وتخمينات متعددة حول أسباب فصل الموظفين الأربعة من مناصبهم.
وفي ظل اكتفاء الإدارة الجديدة للمؤسسة بتبرير القرار بأسباب اقتصادية بحتة، وتأكيد المعنيين به وعدد من المراقبين باحتمال وجود أسباب أخرى قد يكون من بينها “محاولة السعودية استعادة السيطرة على المؤسسة” أو “مناورات يقوم بها أشخاص معزولون”، ظل الغموض سيد الموقف.
يوم الجمعة 13 أبريل، كشف محامي المؤسسة الأستاذ رضا العجمي في تصريحات نشرتها صحيفتا تريبون دو جنيف (الصادرة في جنيف) و24 ساعة (الصادرة في لوزان) عن بعض الأسباب التي دفعت الإدارة إلى اتخاذ القرار.
فقد نفت المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف وجود أي علاقة بين القرار وبين ما زُعِـم من أن الأمر يتعلق بـ “تصفية للحسابات ذات علاقة بالتوجهات الدينية” للأشخاص المفصولين عن العمل، وأكّـد المحامي أن “القرار استند إلى ما توصلت إليه نتائج عمليتي تدقيق ومراجعة للحسابات (طلبت إجراءها رابطة العالم الإسلامي، المسؤولة مباشرة عن المؤسسة)، كشفت عن وجود مشاكل مالية وأخرى تتعلق بالشفافية”.
ومع أن وثيقة، أعدها أحد المدققين في الحسابات يعود تاريخها إلى عام 2005 قد أوصت باتخاذ “سلسلة من الإجراءات لمعالجة الاختلالات”، إلا أن شيئا لم يتغيّـر منذ ذلك الحين، حسب قول المحامي.
كما أكّـد الأستاذ رضا العجمي أن “المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف، تعاني من عجز مالي مزمن، في حين أن ميزانيتها تبلغ حوالي مليون فرنك في السنة”، وهو ما يعني ضمنيا، أن المآخذ على الموظفين المفصولين، تتعلّـق أساسا بعدم تمكّـنهم من معالجة الخلل القائم.
ويضيف محامي المؤسسة في تصريحاته لصحيفتي تريبون دو جنيف و24 ساعة: “لقد قرعنا ناقوس الإنذار على إثر نتائج فحص الحسابات، لذلك، فإن قرارات الطرد لم تكن مفاجئة، فمن الضروري تطهير وتحديث المؤسسة”.
إضافة إلى ذلك، تطرق المحامي إلى التأخير المسجّـل في دفع أجور عدد من المدرسين العاملين لدى المؤسسة ونوه أيضا إلى أن الموظفين الأربعة المفصولين، كانوا “يحصلون على أعلى المرتبات في المؤسسة”.
أول تصريحات للمدير الجديد
في سياق متصل، أدلى السيد فتحي نعمة الله، المدير الجديد للمؤسسة، بأول تصريحات إلى وسيلة إعلامية سويسرية منذ تقلّـده المنصب. وأكّـد لصحيفة لوتون (الصادرة في جنيف) أنه ظل صامتا في الفترة الماضية، لأنه لم يكن يتصوّر، عندما قبِـل هذه الوظيفة كمدير للمؤسسة الثقافية الإسلامية، “أن يثير اهتمام وسائل الإعلام”.
وردّا على اتهامات بعض الأطراف في جنيف، التي زعمت أنه كُـلِّـف بمهمة “إعادة المسك الأيديولوجي” بالمؤسسة، قال “إن قدومي إلى هنا، لا علاقة له بالسياسة أو بالدين، وأكرر مرة أخرى، إنني خبير إداري وجئت لأقوم بشؤون الإدارة”.
ومثلما سبق أن أكّـدته سويس انفو يوم 11 أبريل، أوضح السيد فتحي نعمة الله لصحيفة لوتون أنه عمل لعشرات السنين كمترجم ومترجم فوري لدى المحاكم في ألمانيا وأنه يحمل جنسية أوروبية (فرنسية)، إضافة إلى جنسيته السعودية، وإلى أنه صاحب خِـبرة طويلة في مجال إدارة المؤسسات وشؤون الموظفين.
من جهة أخرى، أشار المدير الجديد في تصريحاته لصحيفة “لوتون” إلى أن مسؤولين في رابطة العالم الإسلامي قد اتصلوا به في أحد الأيام، وطلبوا منه الإشراف على المؤسسة التابعة للرابطة في جنيف. بعد ذلك، انكبّ على مدى شهور طويلة على دراسة كمية كبيرة من الوثائق لفهم وضع المؤسسة، وقال: “توصلت إلى استنتاج مفاده، أن المؤسسة تحتاج – إن صح التعبير – لأن تُـدار بشكل أفضل”.
وبعد أن وافق السيد نعمة الله على تحمّـل هذه المسؤولية، التي “أصبحت تمثل تحديا جديدا بالنسبة لي”، على حد قوله، أكّـد للصحيفة أن “الذين يزعمون أنني اتخذت إجراءات طرد دون معرفة كافية بالوضعية، يرتكبون خطأً فادحا”.
اهتمام الرأي العام
هذه التصريحات تأتي لتفنيد الاتهامات التي روّجها المحامون المدافعون عن المفصولين الأربعة، الذين ندّدوا بالقرار المفاجئ، الذي “اتُّـخذ دون تشاور مُـسبق”، على حد قولهم وعزوه إلى “مبررات سياسية”.
وكان السيد حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول الوطن العربي ودول المتوسط (مقره جنيف)، قد أشار إلى أن رابطة العالم الإسلامي (التي تتبع لها إداريا المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف)، تقع تحت تأثير المملكة السعودية وتدعو إلى إسلام متشدد. وتساءل السيد عبيدي عمّـا إذا كان الطرد المفاجئ للموظفين الأربعة يعني إعادة إمساك بالمؤسسة، ملاحظا بأن الإدارة القديمة، وخاصة الناطق باسمها عبد الحفيظ الورديري، عُـرفت بحرصها على الحوار بين الأديان وعلى الانفتاح على بقية المجتمع السويسري.
الخبير ستيفان لاتيون، رئيس مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا، اعتبر من جهته في تصريحات لسويس انفو أن “رابطة العالم الإسلامي لا تدعو إلى تيار محدد في الإسلام”، وأعرب عن عدم اقتناعه بأن هذه القضية تُـخفي وراءها رغبة في تحويل مسجد جنيف إلى مقر لنشر الدعوة يُـسيّـر عن بُـعدٍ انطلاقا من المملكة العربية السعودية.
وأضاف ستيفان لاتيون لسويس إنفو: “لتفسير هذه القضية، لا يمكن استبعاد وجود صِـراع بين أشخاص أو مشكلة تتعلّـق بالتصرّف أو إعلاما سيئا من طرف المسؤول الجديد عن المؤسسة الثقافية الإسلامية”.
مع ذلك، ما كان لهذه القضية أن تأخذ هذا الحجم، لو لم تتحول المسائل المرتبطة بوضع الإسلام والمسلمين في سويسرا إلى إحدى القضايا السياسية الكبرى في الكنفدرالية في السنوات الأخيرة، بعد أن احتلّـت الديانة الإسلامية، التي وصل عدد أتباعها إلى حوالي 350 ألف شخص، المرتبة الثانية في البلاد.
هذا التواجد الكبير للمسلمين، تزامن مع تزايد الشكوك والمخاوف من الإسلام في البلدان الغربية، إثر أحداث 11 سبتمبر 2001 الإرهابية وهو ما دفع بالجاليات المسلمة – التي أضحت محلّ اهتمام كبير ومتابعة دقيقة من طرف وسائل الإعلام والرأي العام عموما – إلى البحث عن أشكال جديدة تساعد على تمثيلها بشكل أفضل لدى السلطات في الكانتونات وعلى المستوى الفدرالي.
لكن هذه العملية تظل طويلة ومعقّـدة، نظرا لتعدّد الانتماءات العرقية والوطنية للجاليات المسلمة المقيمة في سويسرا، والتي تعوّدت أن تعيش لعشريات طويلة في الظل بعيدا عن الأضواء.
سويس انفو – كمال الضيف في برن وفريديريك بورنان في جنيف
(مع صحيفة لوتون الصادرة في جنيف وتريبون دو جنيف الصادرة في جنيف)
ولد سنة 1939 في جدة بالمملكة العربية السعودية، تابع دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه، ثم تحول إلى مصر لمتابعة دراسته في مجال الزراعة.
بعد 3 أعوام في مصر، سافر إلى ألمانيا، حيث استقر في شتوتغارت وحصل على دبلوم في مجال الجيولوجيا (علوم الأرض).
أقام في ألمانيا على مدى 40 عاما وعمل في مجالي الترجمة والترجمة الفورية، ثم عمل لحسابه الخاص وتعاون مع شركات ألمانية تعمل في عدد من بلدان العالم العربي (العربية السعودية والعراق والكويت وليبيا)، كما عمل مترجما فوريا لدى المحاكم الألمانية في القضايا التي يمثُـل فيها عرب.
تزوج من سيدة فرنسية أنجبت له ولدين. تجوّل كثيرا في أوروبا وزار ألمانيا والنمسا وسويسرا وبلجيكا واللوكسمبورغ، وتنقّـل عبر فرنسا “طولا وعرضا ومن الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب”، لكنه “لا يعرف من المملكة العربية السعودية إلا جدة”، على حد قوله.
عاد للإقامة في المملكة العربية السعودية عامي 1988 و1989 وعمل حينها لدى رابطة العالم الإسلامي، ثم رجع إلى ألمانيا وأقام فيها إلى حدود عام 2000.
إثر ذلك، عاد مجددا إلى السعودية للإقامة في جدة، حيث تقلّـد مسؤوليات إدارية في مؤسستين، تُـعنى الأولى بتربية النّـعام وتنشط الثانية في مجالات متعددة تشمل البناء والتغذية والصحة.
قبل بضعة أشهر، طلب منه بعض المسؤولين في رابطة العالم الإسلامي الإشراف على فرعها في جنيف (أي المؤسسة الثقافية الإسلامية)، فقبل العرض بعد دراسة الملف بعناية وأبرم عِـقد عمل لفترة تستمر ثلاثة أعوام.
(المصدر: معظم هذه المعلومات مستقاة من حديث أدلى له السيد فتحي نعمة الله لصحيفة لوتون الصادرة في جنيف يوم 13 أبريل 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.