النظام الصحي في حاجة للتطبيب!
يعاني النظام الصحي السويسري من أمراض مزمنة، من ضمنها الزيادات اللولبية في التكاليف الصِحية واضمحلال الاحتياطي والخسائر في البورصة في الآونة الأخيرة.
ولمعالجة الوضع العسير للغاية منذ سنوات، أعلنت التأمينات الصحية عن زيادات دسمة في رسوم الاشتراك للعام المقبل.
أعلنت روت دريفوس وزيرة الشؤون الداخلية، والتي ستغادر منصبها في أواخر العام، عن زيادة في رسوم الاشتراك في التأمين الصحي الأساسي والإجباري، تقع بحدود %9،6 عوضا عن زيادة %10،5 طالبت بها الشركات. وحال إعلان ذلك في مطلع الشهر، تفجّر الجدل الدوري والمألوف حول التكاليف الصحيّة في هذا البلد.
هنالك إجماع بين مختلف الأطراف المعنية بالنظام الصحيّ السويسري، على أن التكاليف الباهظة لهذا النظام، أصبحت فاحشة بالنسبة لأغلبية الناس، خاصة بالنسبة للعائلات الضعيفة الدخل والتي يزيد عدد أفرادها على أربعة أو خمسة أشخاص.
ولم يكن في وسع وزيرة الداخلية الاشتراكية، التي كافحت ضد الغلاء المتصاعد للتكاليف الصحية منذ انضمت للحكومة الفدرالية قبل عشر سنوات، سوى الإعراب عن الأسف لهذه التطورات والتحذير من محاولات التوفير في التكاليف الصحية على حساب جودة الخدمات الأساسية أو على حساب مفاهيم التضامن بين الأجيال.
ويلاحظ المحللون أن تكاليف الخدمات الصحية الأساسية والإجبارية في سويسرا قد ارتفعت بنسبة %30 منذ دخلت قوانين التأمين الصحي الأخيرة حيّز التنفيذ في عام 1996. وقد وصفت وزيرة الشؤون الداخلية هذه الزيادة بأنها تبعث على القلق، على ضوء ارتفاع رسوم الخدمات في الكماليات الصحية وفي الوسائل العلاجية العصرية الباهظة التكاليف.
وحسب أوتو بيللر مدير الدائرة الفدرالية للتأمينات الاجتماعية، يتوقع الخبراء زيادة في التكاليف الصحية الأساسية والإجمالية لعام 2003 تتراوح بين %4 و%5، تضاف إليها نسبة %2 بسبب متطلبات الحد القانوني الأدنى لاحتياطيّ شركات التأمين الصحي، وهو الاحتياطي الذي أصبح دون ذلك المستوى في حالات عديدة.
الكعكة الصحية غير قابلة للمساومة
ومجددا، يتركز الجدل بين مختلف الأوساط السياسية والشعبية، وبين التنظيمات المهنية المعنية بالنظام الصحي وتنظيمات المرضى وحماية المستهلكين وغيرها، على وسائل الحد من التصاعد اللوبي في تكاليف النظام الصحي، دون التقليل من جودة الخدمات الأساسية ودون أن يكون ذلك على حساب جيل من الأجيال أو فئة معينة من الناس.
علاوة على ذلك، يلاحظ كريستوفل برادلي رئيس الاتحاد العام لشركات التأمين الصحي Santésuisse، أن ارتفاع التكاليف يرجع في حالات كثيرة للفوائض الكبيرة في طاقات مجالات صحية عدة، ولعدم وجود أية مغريات اقتصادية للتوفير في حجم الخدمات الصحية ولحقيقة أن حاجة المستهلكين للخدمات الصحية في سويسرا تتصاعد باستمرار. ولم يقلل رئيس الاتحاد من شأن دحر التكاليف تدريجيا عن الخزائن العامة إلى محافظ المستهلكين.
في هذه الأثناء، تواصل الحكومة الفدرالية المجهودات منذ سنوات لخفض التكاليف الصحية عن طريق الحد من افتتاح عيادات طبية جديدة لثلاث سنوات، أو اشتراط موافقة أخصائييّ شركات التأمين الصحي لإجراء بعض الدورات العلاجية، أو فرض استخدام البطاقات الصحية الشخصية لتجنب تكرار الفحوصات لدى تحوّل المريض من طبيب إلى طبيب آخر، على سبيل المثال.
حرية الرأي والإقتراح حق مشروع!
في هذه الأثناء، ينظر البرلمان الفدرالي في مشروع حكومي يعيد النظر في العلاقات بين الأطباء وشركات التأمين الصحي، مما قد يترك تأثيرا على حرية المرضى في اختيار الأطباء، في حالة وضع البرلمان حدا للعلاقة الإجبارية بين الأطباء والتأمينات. لكن هذا المشروع قد لا يدخل حيز التطبيق قبل عام 2005 حسب مختلف الأوساط المقربة من البرلمان الفدرالي في برن.
ومن المشاريع المعروضة على البرلمان أيضا، هنالك مشروع يعيد النظر في سبل تمويل المستشفيات، وآخر لتعديل نسب مساهمة التأمينات ومساهمة المشتركين في التأمين الصحي، في حالة الاتفاق على زيارة العيادة الطبية الجماعية عوضا عن الطبيب الخاص.
وعلى خلفية هذا كله، تطالب بعض الأوساط السياسية بابتكار نظام صحي جديد على الإطلاق، يقيم علاقات جديدة تماما بين مختلف الأطراف المعنية بالتكاليف الصحية. وهنالك أيضا مَن يدعو لتشجيع العناية العائلية أو المنزلية بالمرضى مقابل مغريات مالية تقلل الوطأة عن النظام الصحي وعن المستهلكين للخدمات الصحية وأوليائهم على حد سواء.
لكن جميع هذه المجهودات، كما تبيّن خبرات السنوات الست الماضية، لم تبعث على طمأنة المشرفين على النظام الصحي السويسري الذي يعاني من النسب المتصاعدة للعجزة والمعمّرين، ومن أعباء جديدة كتغطية التكاليف الصحية للمدمنين الذين يقبلون العلاج طوعا في المراكز الرسمية لمكافحة الإدمان.
جورج أنضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.