الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتبنى قرارا ينتقد إيران بعد وقف طهران عمل كاميرات مراقبة
أعلنت إيران الأربعاء وقف العمل بكاميرتَين على الأقل لمراقبة نشاطاتها النووية تابعتَين للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ردّت بعد ساعات بتبني قرار انتقدت فيه عدم تعاون طهران.
وقبل تبني القرار كانت طهران قد بادرت إلى وقف عمل كاميرتين وضعتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.
وكانت الوكالة قد أصدرت مؤخرا تقريرا اعتبرت فيه أن طهران لم تقدم ايضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاث مواقع غير مصرّح عنها.
وهذا النص الذي قدمته الولايات المتحدة ومجموعة الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) هو أول انتقاد لطهران تصوّت عليه وكالة الأمم المتحدة منذ حزيران/يونيو 2020، على خلفية تسريع البرنامج النووي الإيراني وتوقف المفاوضات الرامية إلى إحياء اتفاق العام 2015.
ووافق 30 عضوا على القرار الذي عارضته روسيا والصين، وفق دبلوماسيين، فيما امتنعت الهند وليبيا وباكستان عن التصويت.
وحضّت واشنطن ولندن وباريس وبرلين الأربعاء في بيان مشترك إيران على “الوفاء بالتزاماتها القانونية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
ورحّبت وزارات خارجية الدول الأربع في بيان مشترك بقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي جاء “ردا على عدم تعاون إيران بشكل كاف” معها في ما يتعلق بـ”ضمانات جدية وعالقة” على صعيد أنشطتها النووية.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد اعتبرت في وقت سابق أن خطوة إيران، إذا ثبتت صحتها، “مؤسفة للغاية” وستكون لها “نتائج عكسية” على مساعي إحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
ورحّبت إسرائيل بقرار الوكالة الدولية معتبرة أنه “سابقة وخطوة أولى ضرورية نحو” تحقيق هدف إعادة إيران للامتثال إلى واجباتها على صعيد الضمانات”.
وعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت على القرار بالقول “إنه قرار هام يكشف الوجه الحقيقي لإيران”.
وقال إن “البلدان الكثيرة التي صوّتت لصالح القرار تعاونت في ما بينها لمنع إيران من حيازة سلاح نووي”.
واعتبر أن تصويت الوكالة هو بمثابة “تحذير” لطهران، مضيفا “إذا واصلت إيران أنشطتها سيتوجب على البلدان الكبرى أن تحيل المسألة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
ويأتي ذلك في ظل تعثر مباحثات إيران والقوى الكبرى لإحياء اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي الذي انسحبت واشنطن منه في 2018.
وأفادت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية في بيان أن “جمهورية إيران الإسلامية تواصل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى اليوم على نطاق واسع ولسوء الحظ، فإن الوكالة لم تتجاهل هذا التعاون الذي يعود الى حسن نية إيران فحسب بل اعتبرته أيضًا واجباً على إيران”، بحسب وكالة “ارنا” الرسمية للأنباء.
ورأت أن الوكالة، ومقرها فيينا، “لم تقدّر (…) حتى الآن تعاون إيران المكثف فحسب، بل اعتبرته أيضا واجبا”، وعليه “صدرت أوامر للمسؤولين المعنيين بفصل كاميرات قياس خط السطح OLEM ومقياس التدفق الخاص بالوكالة” بدءا من اليوم.
وأعلنت المنظمة “قطع كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في احدى المنشآت النووية الإيرانية”، دون تحديدها.
وبينما لم يحدد البيان عدد الكاميرات التي تم فصلها، أوضح “بالطبع، أكثر من 80 % من الكاميرات الحالية للوكالة هي كاميرات حماية، والتي ستستمر في العمل كما كانت من قبل” بموجب اتفاق الضمانات المرتبط بمعاهدة الحد من الانتشار النووي التي تلتزم بها إيران منذ عقود.
وأكدت المنظمة أن الناطق باسمها بهروز كمالوندي “راقب عملية إغلاق كاميرتين تابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشأة نووية”.
وأكد الأخير في تصريحات متلفزة أن طهران “أوقفت التعاون في ما يخص بعض المجالات التي تتجاوز أطر اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك بعد تعاوننا معها انطلاقا من مبدأ حسن النية”.
وأكد أنه “تم لحد الآن إلغاء كاميرتين اثنتين من مجموع كاميرات المراقبة التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية داخل البلاد”، وأن طهران “تدرس إجراءات أخرى”، آملا في عودة الغربيين والوكالة “الى رشدهم وأن يردوا على تعاون طهران بالتعاون”.
– “لا أنشطة نووية سرية” –
أبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقا بشأن برنامجها النووي في 2015، أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.
الا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة “ضغوط قصوى”. وردت إيران بعد عام ببدء التراجع عن العديد من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.
ومنذ مطلع 2021، فرضت إيران قيودا على عمل مفتشي الوكالة، واتخذت اجراءات شملت خصوصا عدم تزويد الوكالة بتسجيلات كاميرات المراقبة.
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي الأربعاء أنه “ليس لدى إيران اي انشطة نووية سرية وغير مدونة ومواقع أو أنشطة مجهولة الهوية… الوثائق التي تم تقديمها مزورة وهي خطوة سياسية للضغط الأقصى على طهران”، وفق وكالة “إرنا”.
ورأى أن “التحرك الأخير للدول الاوروبية الثلاث وأميركا وتقديم مسودة قرار ضد إيران هو في الواقع خطوة سياسية تتماشى مع سياسة الضغط الأقصى”.
ويحض مشروع القرار الغربي إيران على التعاون التام مع الوكالة، وهو الأول من نوعه منذ تم تبني إجراء مشابه ضد طهران في حزيران/يونيو 2020.
ويشجع البيان المشترك “إيران على وقف تعزيز برنامجها النووي وابرام الاتفاق الموجود على الطاولة بشكل عاجل”، في إشارة الى ما تم التفاهم عليه في مفاوضات إحياء اتفاق 2015.
وأبدت الدول الغربية امتعاضها جراء الجمود الذي طرأ على محادثات إحياء اتفاق 2015 منذ آذار/مارس، لاسيما مع مواصلة إيران أنشطتها النووية وعدم توضيح مسألة المواقع غير المعلنة.
وأتى مشروع القرار الغربي بعد تقرير للوكالة الدولية الشهر الماضي، أكدت فيه عدم الحصول على “توضيحات” بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة في إيران.
وتوقع دبلوماسيون أن يصوّت مجلس محافظي الوكالة الدولية على النص في وقت لاحق الأربعاء أو الخميس.
وفي تقرير منفصل، أكدت الوكالة أن إيران باتت تملك مخزونات كبيرة من اليورانيوم المخصب، بكميّات ونسب تخصيب أعلى بكثير من تلك المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015.
وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي الإثنين من أن “مجرد أسابيع قليلة فقط” تفصل إيران عن الحصول على مواد كافية لصنع سلاح نووي اذا استمرت على هذا المنوال في تخصيب اليورانيوم، وهو ما تنفي إيران باستمرار سعيها إليه.
وقالت الحكومات الغربية الأربع في بيان مشترك ليل الثلاثاء إن برنامج ايران النووي الآن “أكثر تقدما من أي وقت مضى”، وأن مراكمة إيران لليورانيوم المخصب ليس “مبررًا على نحو موثوق للاستخدامات المدنية”.