برد قارس … وذوبان الكتل الجليدية
تعيش سويسرا هذه الأيام موجة من البرد القارس غير معهود بها في هذا الوقت من السنة، وعلى الرغم من ذلك فقد لاحظ العلماء ذوبان الكتل الجليدية في المرتفعات السويسرية.
فمن بين 64 كتلة جليدية في جبال الألب لم يتبق منها سوى 58، وهذا العدد في طريقه إلى التقلص.
وقد احتاج العلماء عاما كاملا للانتهاء من قياس الكتل الجليدية – أو التي يُطلق عليها أيضا الجلادات – المتبقية في جبال الألب السويسرية، حيث تقلصت بشكل ملحوظ في كانتون غراوبوندن أقصى شرق سويسرا وفي كانتون فاليه في الجنوب الغربي.
ويقول الخبراء أن تراجع أعداد هذه الكتل الجليدية يرجع إلى عدة عوامل، من بينها عدم سقوط الثلوج بشكل منتظم مثلما كان في العقود السابقة، و بالتالي لا تتراكم كميات جديدة منه على الكتل السابقة، التي تحفظ درجة حرارته وتعمل على تجميده ليصبح بمرور الوقت صلدا.
كما أن ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بصفة عامة خلال السنوات الماضية، وهطول كميات كبيرة من الأمطار بدلا من الثلوج، يقلل من فرص بقاء هذه الكتل الجليدية.
ومن أهم الاضرار المترتبة على انهيار تلك الكتل، ارتفاع مستوى المياة في الانهار والبحيرات بشكل أكثر من العادي مما يهدد في كثير من الاحيان بحدوث فيضانات، لا سيما إذا تزامن هذا مع أمطار غزيرة تزيد عن المعدلات المتعارف عليها.
علاوة على ذلك، فقد يؤدي فقدان هذه الكتل الثلجية إلى حدوث عدم توازن بيئي في قمم الجبال، وهو ما سينعكس بطبيعة الحال على البيئة النباتية والحيوانية هناك.
تكرار الرقم 6 .. من قبيل المصادفة؟
ومما لا شك فيه، أنه لا يمكن الفصل بين عدة عوامل مختلفة أظهرت تأثيرها الواضح على المدي البعيد، من بينها ارتفاع درجة حرارة الأرض بنسبة 0.6 درجة مئوية مما انعكس على حركة هجرة الطيور إلى الشمال فتوغلت بمسافة 6 كيلومترات، وظهرت نباتات جديدة على ارتفاع 6 أمتار عن المناطق التي تنمو فيها عادة.
وفي واقع الأمر فإن نصيب سويسرا من ارتفاع درجة حرارة الأرض تراوح ما بين 1.3 و 1.6 درجة مئوية، وهو ما يمكن أن يفسر اتجاه الكتل الجليدية الجبلية نحو الذوبان، مع ملاحظة أنه من المتوقع أن يتواصل ارتفاع درجة الحرارة سنويا بمعدل يتراوج بين 0.3 و0.5 درجة مئوية.
وإذا كانت التغيرات في المناخ ودرجة الحرارة في طبقات الجو العليا وقمم الجبال تأخذ حيزا هاما من وقت العلماء، فإن درجة الحرارة المتدنية التي تشهدها سويسرا على الأرض الآن تشد انتباه المؤسسات والجمعيات الخيرية لرعاية من لا مأوى لهم، وتقديم المساعدات العاجلة من كساء أو طعام للمحتاجين، قبل أن يُفجَع الرأي العام بالعثور على جثة متجمدة في حديقة عامة أو دورة مياه.
ويتزامن هذا التغيير في الطقس مع انطلاق أول قمر أصطناعي أوروبي مخصص دراسة التغيرات المناخية، والذي يأمل العلماء في الاستفادة من البيانات التي يوفرها كنوع من جهاز الانذار المبكر للكوارث المناخية مثل الأعاصير والفيضانات أو موجات الحرارة والبرودة الغير عادية. ولكنها بيانات لا تفيد إلا في أخذ الحيطة من المخاطر، ولا تساعد على التغلب عليها أو تفادي وقوعها.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.