بلوخر والمسلمون ولقاء مثير للجدل
يلتقي وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر بعد ظهر 27 مارس مع 20 شخصية من المهتمين بالجالية المسلمة في سويسرا، في لقاء هو الأول من نوعه الذي يجمع مسؤولا فدراليا بهذا العدد مع ممثلين عن الجالية المسلمة في الكنفدرالية.
ورغم أهمية اللقاء إلا أن تسريب خبر انعقاده أثار زوبعة من الانتقادات من أطراف عدة، انصبت كلها ضد بلوخر.
ما أن أعلنت صحيفتا (24 ساعة) الصادرة بلوزان و(تريبون دو جنيف) في 23 مارس الجاري عن اعتزام وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر عقد لقاء “خاص” مع 20 شخصية من المعنيين بالشأن الإسلامي في الكنفدرالية، حتى ثار وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان وانتقد هذا الموقف، لأن بلوخر لم يقم بإحاطة الحكومة الفدرالية علما بهذا الشأن مسبقا.
وأوضح كوشبان في حديث أدلى به لصحيفتي (تاغس انتسايغر) الصادرة من زيورخ في 24 مارس و(24 ساعة)، أن هناك على الأقل “3 جهات فدرالية يقع ملف الاندماج تحت مسؤوليتها، هي الشباب والرياضة والشؤون الداخلية والخارجية”.
ويستند الوزير الفدرالي في انتقاداته إلى أن مسئولية الجانب الديني والثقافي تقع تحت اهتماماته، بدليل “لقاءاته شبه الدورية مع ممثلي الكنائس المختلفة في سويسرا” حسب قوله، ولذا سيقوم باسكال كوشبان بطرح الموضوع أمام المجلس الفدرالي في جلسته الأسبوعية صباح الأربعاء 28 مارس.
ويعتقد الوزير المنتمي إلى الحزب الراديكالي أن عدم مناقشة هذا الاجتماع مع أعضاء الحكومة الفدرالية ليس نقطة الخلاف الوحيدة بينه وبين بلوخر، بل أيضا اختلاف وجهات النظر بينهما فيما يتعلق بشأن ملف اندماج المسلمين في البلاد. إذ يعتقد كوشبان ضرورة التعامل مع المسلمين على اعتبار أنهم أحد الأطياف الدينية المتواجدة في الكنفدرالية وليس على أساس أنهم فئة أجنبية تثير المشكلات.
وقال كوشبان في حواره مع (تاغس أنتسايغر) “إن من يريد التعامل مع المسلمين على أنهم شأن خاص، أو يفكر في دفعهم إلى التكوم في ركن معزول، فسيعمل على الأرجح في خلق مشكلات جديدة، بدلا من حل تلك القائمة حاليا”، معربا عن قناعته بأن حل مشكلة الاندماج “يجب أن يكون منفصلا عن العامل الديني، إذ يجب النظر إلى هذه المشكلة والتعامل معها من المنطلق القومي والانتماء العرقي للأجانب، وليس من الجانب الديني”، حسب قوله.
حوار لابد منه
في المقابل، دافع المفكر الإسلامي السويسري طارق رمضان عن وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر، ورفض التهم الموجهة إليه وذلك في حديث نشرته له صحيفتا (لا تريبون دو جنيف) و(24آور) صبيحة يوم الاجتماع المرتقب، إذ تتفق الصحيفتان على أن وزير العدل والشرطة يتعامل مع ملف المسلمين في سويسرا “بشكل غامض”.
ويعترف رمضان في الحوار على أن ترتيب لقاء أو مؤتمر حول موضوع حساس بهذا الحجم في سويسرا، وبهذه الطريقة هو إشكالية في حد ذاته، مؤكدا على أن سبب مشاركته في هذا اللقاء هو “الحديث من نفس المكان الذي يتكلم منه بلوخر حول قضية المسلمين في البلاد”.
ولا يعتقد طارق رمضان أن الأمر سيتعلق بمشكلة إندماج المسلمين في البلاد، بقدر ما هو تعبير عن شكوك ومخاوف من الحزب الذي ينتمي إليه الوزير (حزب الشعب السويسري – يمين متشدد)، ويعترف رمضان ان هناك توجسات من الغالبية في سويسرا من المسلمين، ولذا يؤيد ضرورة فتح أبواب الحوار الاجتماعي لإزالة تلك المخاوف.
خلفيات حزبية أم مصالح فدرالية؟
على الصعيد السياسي تفاوتت التعليقات على هذا اللقاء، بين مؤيد ومعارض ومحذر.
فقد استطلعت صحيفة (لوتون) في عددها الصادر يوم 24 مارس رأي مجموعة من الخبراء، إذ قال جان كلود ميرمو، النائب البرلماني في حكومة كانتون فو عن حزب الشعب، “إنه من المهم فتح باب الحوار مع الجالية المسلمة، لوجود بعض الخصوصية الدينية التي تتسبب في مشكلات مع نظامنا القانوني”، وقال أن هذا شريحة من الرأي العام تؤمن بذلك.
بينما ينظر رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي كريستوف داربيلاي إلى هذا اللقاء على أنه مهم لأن السلطات أخذت بعين الاعتبار الحديث مع الجالية المسلمة، مشيرا إلى أن الحزب كان قد طالب بإجراء حوار مع الجالية المسلمة منذ خريف 2006.
في حين رأي النائب البرلماني اولي لوينبرغر من حزب الخضر أن هناك غموضا يشوب تحركات بلوخر وأن نواياه غير واضحة، مستشهدا بعدم استشارته زملائه في تلك الخطوة قبل القيام بها، ومتهما حزب الشعب بأنه يمارس حملته العنصرية ضد الأجانب والمسلمين، وبالتالي فإن وزير العدل والشركة ينظر إلى المشكلة من منظور الأمن والإندماج فقط.
في المقابل، تساءل فرانسيس ماتي، رئيس اللجنة الفدرالية للأجانب والمستشار الإجتماعي الخاص لحكومة كانتون نيوشاتيل، عن الهدف من هذا اللقاء، لكنه يرى “بأن فتح باب الحوار في هذا الملف أمر ايجابي في حد ذاته، في حين أن المشكلة تبقى في أن الجالية المسلمة مشتتة، وأن المدعويين للحوار ربما ليسوا ممن يمثلون الجالية المسلمة بكل أطيافها”.
ويضيف ماتي “المرء لا يعلم إن كان حزب الشعب (الذي ينتمي إليه بلوخر) سيواصل سياسته في وصم المسلمين دائما”، مشيرا إلى الملصقات التي نشرها حزب الشعب بمناسبة مشكلة بناء مئذنة فينغين، واختتم تعليقه قائلا “لا يمكن أيضا أن يكون الحوار حول المسلمين مصبوغا بصبغة دينية، فالإحصائيات تشير إلى أن 80% من مسلمي سويسرا ليسوا من الملتزمين، وأن هناك أيضا سويسريين اعتنقوا الإسلام.”
سويس انفو – تامر أبوالعينين
بلتقي وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر بعد ظهر يوم الثلاثاء 27 مارس 2007 مع 20 من ممثلي الجالية المسلمة في سويسرا في مقر المكتب الفدرالي للإندماج بالعاصمة برن.
ورغم التعتيم الكامل على أهداف وإعداد هذا المؤتمر، فقد تسرب نبأ انعقاده إلى الصحافة، ما اثار مجموعة من ردود الأفعال على الصعيد السياسي حول الهدف الحقيقي منه.
بعض الأطراف رأت أن الحوار بمثل هذا المستوى أمر مقبول، وسيكون له نتائج إيجابية، بينما يرى آخرون أن عدم الشفافية في إعداده والإعلان عنه يعطي صورة سلبية عن أهداف قد تكون خفية من ورائه.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.