تجربة ناجحة .. “تحت التهديد”!
رغم فوائدها التي يؤكد عليها الخبراء المستقلون، تبدو البرامج التنموية السويسرية في أوربا الشرقية وآسيا الوسطى معرضة للخطر.
فبعد إعلان برن اعتزامها تقديم دعم مالي إلى بروكسل مقداره مليار فرنك سويسري، سيكون برنامجها التنموي في دول المعسكر الشرقي سابقاً أبرز المتضررين.
كانت الحكومة السويسرية قد تقدمت في شهر أبريل الماضي بمقترح إلى البرلمان، طالبت فيه بتخصيص مبلغ 800 مليون فرنك سويسري لفائدة مشاريعها التنموية في أوربا الشرقية للفترة الممتدة من 2005 إلى 2008.
لكنها، وبسبب رغبتها في التوصل إلى اتفاق بشأن الحزمة الثانية من الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، اقترحت على بروكسل تقديم مساهمة مالية قدرها مليار فرنك سويسري إلى صندوق الاتحاد، لدعم الدول العشر الجديدة التي انضمت إليه رسميا منذ الفاتح من مايو الماضي.
ولأنها نجحت بالفعل في إبرام ذاك الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فإنها تواجه اليوم معضلة مردها برنامج التقشف الحكومي الذي تتبناه سويسرا، وهو ما يعني عملياً أن برن سوف تضطر إلى تأمين المبلغ الذي التزمت بتقديمه إلى الاتحاد من موارد ميزانية وزارتي الخارجية والاقتصاد.
تقرير إيجابي..
وبطبيعة الحال، استقبلت وزارتا الخارجية والاقتصاد، اللتان تشرفان على برامج سويسرا التنموية في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى على مدى الأربعة عشر عاماً الماضية، الخبر السيء بقدر كبير من الفتور.
وقد عمق من ذلك الشعور صدور تقرير أعدته مجموعة من الخبراء المستقلين أكد على أهمية العمل الذي تنجزه مصالح الوزارتين في تلك المناطق.
شدد التقرير، الذي تم إعداده بتكليف من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية، على الحاجة إلى مواصلة تلك المشاريع في الدول المستقلة حديثاً في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
وأتفق الخبراء العشر الذين أعدوا التقرير على أن الدعم التنموي السويسري في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى كانت له فوائد عدة، لكنهم قالوا أيضا إنه من المستحسن في المستقبل تمويل عدد أقل من المشاريع في عدد محدود من الدول.
ويسعى الدعم السويسري المقدم لتلك الدول إلى تعزيز تحولها إلى النظام الديمقراطي، وتقوية مسارها التنموي الاقتصادي والاجتماعي بناءاً على مبادئ نظام السوق الحر، إضافة إلى تأمين الاستقرار السياسي فيها.
وفيما يتعلق بهدف الاستقرار السياسي يشرح السيد ثوماس جيناتش من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون قائلاً “هذا (الدعم) يقلل من احتمالات النزاع، وحركة الهجرة، والجريمة المنظمة”.
ولها فوائد .. أيضاً!
هنا لابد من الإشارة إلى أن تقديم سويسرا الدعم التنموي للبلدان السائرة في طريق النمو هو أمر إجباري، نص عليه القانون الفدرالي، وألزم الحكومة مسؤولية تطبيقه.
وقد استثمرت برن منذ عام 1990 نحو 3 مليارات فرنك سويسري في أوروبا الشرقية، لكن تلك الاستثمارات لم تقتصر فوائدها على بلدان ذلك الإقليم، بل استفادت منها أيضا سويسرا.
ويشرح المتحدث باسم كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية كريستيان هوفر: ” كل فرنك يتم استثماره في الدعم التنموي هناك (أوروبا الشرقية) يعود على سويسرا بـ 1.50 فرنك سويسري”.
أما تفسير ذلك فيتصل بشرط تم ربطه بالدعم التنموي السويسري، وهو حصول الشركات السويسرية على 50% من كل المشاريع الخاصة بالبنية التحتية.
ويضيف السيد هوفر بأن القطاع الخاص السويسري استفاد أيضا من التقدير الذي لقيته سويسرا بسبب مشاريع التعاون التي ساهمت فيها “تمكنت الشركات من الدخول إلى تلك الأسواق بفضل عملنا”.
يجدر التذكير بأن الميزانية الخاصة بتلك البلدان، التي سعت الحكومة إلى تأمينها في شهر أبريل الماضي، والبالغ قدرها 800 مليون فرنك سويسري، تقل بنحو الثلث عن المبلغ الذي تم اعتماده قبل أربع سنوات.
لذلك أدى الحديث عن احتمال تعرض تلك الميزانية إلى مزيد من التخفيض إلى إشاعة قدر كبير من القلق. ويعبر عن هذا الموقف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السيد إرفين يوتزيت الذي قال “لا أحد يشعر بالسعادة من هذا الوضع. لكن من الواضح أن الحكومة قد قررت أن تنفق المبلغ في مكان أخر”.
معارضة!
لكن السيد يوتزيت، الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي، حذر من أن الاتحاد الأوروبي قد لا يحصل على المال الذي يتوقعه. ويقول “نواب الكتلة اليمينية الذين يعترضون أساساً على اتفاقيتي شنغن ودبلن سيتساءلون عن سبب قيامنا بدفع ذلك المبلغ نظير الانضمام إليهما”.
كما أن المنظمات غير الحكومية تحذر هي الأخرى من أن أي تخفيض في التمويل سيؤثر على الدول الأكثر فقراً، مضيفة بأن تقديم المزيد من الأموال إلى الدول الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي أمر غير ضروري.
رغم ذلك، بدأ المسؤولون في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية فعلاً في الإعداد لإدخال التغييرات المطلوبة على سياساتهما.
ويقول السيد هوفر “سيكون علينا أن نغير من إستراتيجيتنا، لكننا لا نريد الحديث عن تخفيضات في الميزانية. سيكون علينا أن نعيد التفكير في منهجنا، أو ربما سنركز على بعض المشاريع في بعض البلدان، مثلما اقترح التقرير المستقل”.
سويس إنفو
قدمت سويسرا على مدى 14 عاماً اكثر من 3 مليارات فرنك سويسري كدعم تنموي إلى أوربا الشرقية ودول الاتحاد السوفياتي سابقا.
تعتزم الحكومة السويسرية تقديم مليار فرنك سويسري إلى صندوق الاتحاد الأوروبي على مدى 5 سنوات قادمة لدعم دول الاتحاد التي يعاني اقتصادها من الكساد.
كل فرنك يتم استثماره في الدعم التنموي لدول أوروبا الشرقية يعود على الكنفدرالية بفرنك ونصف فرنك سويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.