تراكم الديون: دوامة جارفة
لم تعرف الدوائر السويسرية المتخصصة في مساعدة المقترضين على تسديد ديونهم إقبالا مثل الذي شهـدته خلال السنوات الثلاث الماضية.
فقد أدت الأوضاع الاقتصادية الصعبة والارتفاع المتزايد لنسبة البطالة إلى لجوء المزيد من السويسريين إلى الاقتراض لتلبية حاجيات قد تكون ضرورية أو كمالية.
يقول المثل الشعبي الغربي: “من يسدّد دينه يجد طريقه إلى الثراء”. لكن هذه المقولة لم تعد تجد صدى واسعا لدى غالبية السويسريين التي لم تعد قادرة على مقاومة الرغبة الشديدة في شراء سيارة بالتقسيط، واقتناء الملابس عبر المراسلة، واقتراض ديون صغيرة، وتأجيل أداء الأقساط الضريبية.
لكن الإغراء وحده ليس دائما الدَّافع الأساسي للسلف، حيث أوضحت إحصائيات رسمية صدرت في شهر نوفمبر الماضي أن حوافز إقبال السويسريين على السلف والقروض قد تغيرت نوعا ما، وأن الناس أصبحوا يلجئون إلى الدين لتلبية الحاجيات الأساسية وليس بالضرورة لشراء الكماليات.
غير أن رئيس الرابطة السويسرية المتخصصة في المساعدة على سداد الديون يورغ غشفاند ينوه إلى أن “الناس باتوا يستدينون اليوم بسهولة أكبر”، معربا عن اعتقاده أن الميول إلى الاقتراض ناجم عن ظاهرة الفردية والشعور بضرورة امتلاك مثل أو أكثر مما يمتلكه الغير لفرض وجود الذات في المجتمع.
“الدين هم باللليل وغم بالنهار”
وعندما تثقل الديونُ كاهل المُستدين ويُهدَّدُ باقتطاع راتبه الشهري كاملا ومباشرة من قبل دوائر الملاحقة المالية، حينئذ لا يجد مناصا من استشارة المكاتب المتخصصة في المساعدة على سداد الديون. وغالبا ما يلجأ المقترض لهذه المكاتب وهو مدين بعشرات آلاف الفرنكات.
وللخروج من دوامة الديون المُتراكمة، تقترح هذه المكاتب أن يلتزم المستدين بإحداث تغيير جذري في نمط حياته، وأن يتحلى بكثير من الصبر لأن عملية “تطهير” وضعيته المالية ستتطلب سنوات عديدة، ولأن الإقبال على دوائر المساعدة المنتشرة في جميع أنحاء سويسرا كبير جدا لدرجة أنها لم تعد قادرة على تتبع كافة الملفات وفقا للآجال المحددة.
ويشير السيد غشفاند في هذا السياق إلى أن دائرة المساعدة على تسديد الديون في لوزان أجرت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 220 لقاء مع المديونين مقابل 350 لقاء خلال الـ15 شهرا التي سبقت تلك المدة.
ويُعتقد أن 10% من العائلات السويسرية تعاني من مشاكل متعلقة بالديون، لكن نسبة قليلة منها تلجأ إلى خدمات المكاتب الاستشارية للتخلص من الدَّيْن. ولا تستطيع هذه المكاتب مساعدة أي فرد يقصدها لأنه يتوجب على المستدين –بالإضافة إلى إبداء الرغبة الصادقة في تسديد السلف- ضمان دخل مالي منتظم.
الدوامة تجرف الشباب أيضا!
وتبدأ المرحلة الأولى من المساعدة بتحديد ميزانية تتوافق مع الدخل. وهنا يقول ماريو رانكوروني، رئيس دائرة المساعدة على سداد الديون في برن: “يجب أن تكون الميزانيات واقعية، فعلى سبيل المثال، من الطبيعي أن تدفع أمٌٌّّ بوسنية في سويسرا لديها طفل في البوسنة مبلغا هاما لأداء فاتورة الهاتف، ولا يُُعقل أن يُطلب منها أن تكف عن الاتصال بابنها”. وفي مثل هذه الحالات، يرى يورغ غشفاند، رئيس الرابطة السويسرية لدوائر المساعدة على سداد الديون أن الأهم هو إرشاد هؤلاء الناس ليتحكموا في نفقاتهم.
ولا تجرف دوامة الديون أرباب الأسر فحسب بل تطال حتى الشباب، حيث يقول رينو سامي من المكتب الاستشاري في شؤون الميزانية والديون في بازل إن حوالي 30% من شبان المنطقة مديونين، وأن عدد طلبات المساعدة التي تلقاها المكتب من قبل الشبان خلال الـ18 شهرا الماضية ارتفع من 15 إلى 65%.
ويقول السيد سامي إن الشباب يقع في فخ الديون بسبب الرغبة في ارتداء أزياء التقليعة أو “الموضة”، وفي تبني نمط حياة يتطلب إمكانيات مادية تفوق إمكانياتهم. ويساهم السيد سامي في تنظيم حملة وطنية تهدف إلى الوقاية من ظاهرة السلف في أوساط الشباب. ويأمل المسؤول أن تنطلق الحملة في شهر ديسمبر القادم.
سويس انفو مع الوكالات
يُعتقد أن 10% من العائلات السويسرية تعاني من مشاكل مرتبطة بالديون لكن نسبة ضئيلة منها تلجأ لخدمات المكاتب المتخصصة في المساعدة على سداد الديون
عندما تقصد هذه العائلات مكاتب المساعدة تكون ديونها قد تجاوزت عشرات آلاف الفرنكات
30% من شبان مدينة بازل مديونين
تعتزم الرابطة السويسرية لدوائر المساعدة على سداد الديون تنظيم حملة وطنية للوقاية من ظاهرة القروض والسلف في أوساط الشباب
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.