الادعاء يؤكد بمستهلّ محاكمة ترامب استنادها لوقائع “ملموسة” والدفاع يخشى “تمزيق البلاد”
استهلّ المدّعون العامّون الديموقراطيون محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مجلس الشيوخ الثلاثاء بعرض تسجيل فيديو صادم يتضمّن تصريحات نارية للملياردير الجمهوري المتّهم بـ”التحريض على التمرّد” ومشاهد لاقتحام مناصريه مقرّ الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير.
ولم يمثل ترامب المستقرّ حالياً في فلوريدا أمام المجلس في إطار المحاكمة. وهو أعرب عن ثقته بأن المجلس سيبرّئه بفضل الدعم الجمهوري الكبير الذي لا يزال يحظى به.
لكنّ الديموقراطيين بدوا الثلاثاء مصمّمين على تذكير أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذين يشكّلون هيئة المحلّفين في هذه المحاكمة، كما والأميركيين، بالعنف الذي سجّل في ذاك اليوم وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
واعتبر النائب والمدّعي العام الديموقراطي جايمي راسكن الثلاثاء أمام مجلس الشيوخ أنّ ملفّ الاتّهام بحق الرئيس السابق يستند إلى “وقائع ملموسة ومتينة”.
وهو عرض تسجيلاً مدّته نحو عشر دقائق، سلّط الضوء على تسلسل الأحداث التي سبقت اقتحام مقر الكونغرس:
– خطاب ترامب الذي دعا فيه الآلاف من مناصريه المجتمعين المحتشدين أمام البيت الأبيض للتوجّه إلى مقرّ الكونغرس “للتظاهر بشكل سلمي ووطني”. وقال “لن تستعيدوا بلدنا إن كنتم ضعفاء”.
– افتتاح جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس للمصادقة على فوز خصمه جو بايدن بالرئاسة.
– مشاهد المتظاهرين وهم يتخطّون عوائق الشرطة ويقتحمون مقرّ الكونغرس ويجولون في أروقته بحثاً عن برلمانيين في حين تم إجلاء قسم من أعضاء الكونغرس ونائب الرئيس مايك بنس من مجلس الشيوخ فيما احتمى البعض الآخر في قاعات مجلس النواب.
وذكّر راسكن أنّه بعد ساعتين، نشر ترامب تسجيل فيديو جدّد فيه التأكيد على أنّ الانتخابات “مزوّرة”. وفي حين دعا المتظاهرين إلى العودة لمنازلهم قال لهم “نحن نحبكم”.
وقال راسكن “إن لم تكن هذه الأحداث تقتضي العزل، فلا شيء يقتضيه”.
– هيئة محلّفين وضحايا –
ومن المفارقة أنّ أعضاء مجلس الشيوخ المئة هم في آن معاً هيئة المحلّفين وكذلك أيضاً شهود على الهجوم وضحايا له.
وهذا ما شدّد عليه المدّعون العامّون الديموقراطيون الثلاثاء، وقد ندّدوا بـ”أكاذيب” الملياردير الجمهوري الذي اعتبر على مدى أشهر أنّ الانتخابات مزوّرة، من دون أن يقدّم أيّ دليل على ذلك.
وقال جو نيغيوز “على غرار كل واحد منكم، تم إجلائي عندما حاول هذا الحشد العنيف اقتحام الكونغرس”.
وفي معرض ردّه على الحجّة الرئيسية لفريق الدفاع الذي يعتبر أنّه لا يمكن محاكمة رئيس سابق في مجلس الشيوخ، شدّد على أنّ “الرؤساء لا يمكنهم التحريض على تمرّد في الأسابيع الأخيرة (من ولايتهم) ومن ثم الرحيل وكأنّ شيئاً لم يكن”.
بالمقابل، اعتبر فريق الدفاع عن ترامب أنّ الرئيس السابق “لم يحرّض أحد على القيام بأفعال مخالفة”.
وقال ديفيد شون أحد محامي الدفاع عن الملياردير الجمهوري إنّ “هذه المحاكمة سوف تمزّق البلاد”.
واعتبر أن المحاكمة “سياسية” وسوف تجعل الولايات المتحدة “أكثر انقساماً” وستضعف كثيراً مكانتها في العالم.
وكان الفريق القانوني لترامب ندّد الإثنين بالمحاكمة، معتبرا أنها انتهاك للدستور وأنّه من “العبث” تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال العنف.
وكتب المحامون ديفيد شون وبروس كاستور ومايكل تي فان دير فين أن “على مجلس الشيوخ أن يرفض بسرعة هذا العمل السياسي الوقح” لأنّ “من الواضح أن هذا ليس ما أراده واضعو الدستور ولا ما يسمح به الدستور”.
ودخل ترامب التاريخ كأول رئيس في تاريخ الولايات المتّحدة يُحال أمام مجلس الشيوخ مرّتين.
وهو أيضاً أول رئيس تتم محاكمته بعد مغادرته البيت الأبيض. لذلك، يقول محاموه إن المحاكمة مخالفة للدستور وإن مجلس الشيوخ لا يمكنه محاكمة مواطن عادي.
وقال جايمي راسكن “ليس هناك أي شكّ في شرعية آلية العزل” بما أنها أُطلقت عندما كانت ترامب لا يزال يمارس مهامه و”ليس هناك أي شكّ في اختصاص مجلس الشيوخ في محاكمته”.
وفي ختام اليوم الأول من جلسة المحاكمة أقرّ مجلس الشيوخ في عملية تصويت دستورية المحاكمة.
وبأغلبية 56 سناتوراً مقابل 44 صوّت المجلس لمصلحة اعتبار المحاكمة دستورية وبالتالي المضيّ قدماً بإجراءات عزل الرئيس السابق حتى بعد أن انتهت ولايته وغادر البيت الأبيض وعاد مواطناً عادياً.
في المقابل، يفرض الدستور تصويت غالبية الثلثين لإصدار حكم إدانة. وعلى الّرغم من أن بعض الجمهوريين قد يصوّتون مع الديموقراطيين ضدّ ترامب، إلا أن من الصعب جداً الوصول إلى العدد المطلوب (67 سناتوراً)وبالتالي فإن لدى ترامب كل الفرص لتبرئته مجدّداً، ربّما اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل.