تسريــع مســار التطبيـــع
تتجه ليبيا والولايات المتحدة الى تسريع خطوات التطبيع السياسي والدبلوماسي بينهما بعد وضع ملف أسلحة الدمار الشامل على سكة الحل.
ومن المنتظر أن تشهد الأشهر القليلة القادمة اتخاذ إجراءات عملية متدرجة تشمل تبادل السفراء بين البلدين.
تشكل المحادثات التي أجراها وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يوم الجمعة في لندن مع مسؤولين ليبيين الانطلاقة الفعلية لمسار التطبيع الدبلوماسي بين البلدين.
ويتوقع أن ينقل الموفدون الليبيون الأفكار الأمريكية في شأن خطوات التطبيع المقترحة الى قيادة بلدهم لمناقشتها على أن تشفع الجولة الأولى من المحادثات بجولة ثانية في طرابلس الغرب يحضرها من الجانب الأمريكي وليام بيرنز.
وإذا ما تم ذلك، فسيكون بيرنز، الذي يعتبر خبيرا في شؤون شمال أفريقيا، أرفع مسؤول أمريكي يزور ليبيا منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1981.
وسبق لبيرنز أن قام بثلاث جولات على عواصم مغاربية في السنة الماضية، اجتمع خلالها مع الملك محمد السادس، والرئيسين الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والتونسي زين العابدين بن علي، وشكل موضوع التطبيع الأمريكي – الليبي بندا ثابتا في تلك المحادثات.
أما من الجانب الليبي، فأفيد أن السفيرين الحاليين في لندن وروما، محمد بلقاسم الزوي، وعبد العاطي العبيدي، لعبا مع مسؤولين في جهاز المخابرات دورا أساسيا في التحضير لجولة المفاوضات التي جرت يوم 5 فبراير في لندن.
تحسين الصورة
غير أن المهمة التي قام بها عضو الكونغرس توم لانتوس في ليبيا أواخر الشهر الماضي بطلب من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، شكّـلت الحلقة الأساسية في مسار التطبيع، لأن محادثاته مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وضعت الاطار العام للعلاقات المستقبلية بين طرابلس وواشنطن وتركت بحث الخطوات التفصيلية لكبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والمخابرات.
وتم اختيار لانتوس لمناقشة التطبيع الدبلوماسي بين البلدين تحاشيا لارسال مسؤول حكومي الى طرابلس، فيما العلاقات السياسية مازالت مقطوعة بين الدولتين. وأتت زيارة لانتوس الى ليبيا بعد أيام من الزيارة التي أداها وفد من الكونغرس قاده النائب كورت ويلدن والتي كانت الأولى من نوعها منذ 34 سنة.
وعكست الزيارتان حرص الليبيين على تحسين صورتهم لدى أعضاء الكونغرس التي قالوا انها تعرضت للتشويه طيلة ثلاثة عقود، وذلك استعدادا لمناقشة مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين الخطوات العملية لاستئناف العلاقات السياسية بين الحكومتين.
كما طالب الليبيون بالحاح على لسان نجل الزعيم الليبي سيف الاسلام معمر القذافي في مقابلة أجرتها معه صحيفة “الغارديان” البريطانية أواخر الشهر الماضي، الحصول على مساعدة أمريكية من أجل تفكيك برامج الأسلحة غير التقليدية الليبية، ولم يبد الأمريكيون اعتراضا على هذا الطلب الذي يعتبر الكونغرس الجهة المخولة التصديق عليه أو رفضه. لكن مصدرا أمريكيا ربط الاستجابة لهذا الطلب بتكريس تطبيع كامل للعلاقات الثنائية.
إجراءات ومواعيد
وفي مقدمة الخطوات التي ناقشها لانسون، والتي وضعت على مائدة المباحثات في لندن يوم الجمعة ثلاثة اجراءات تشمل:
1 – انهاء الحظر على سفر الأمريكيين الى ليبيا، والذي ينتهي مفعوله أواخر الشهر الجاري، والهدف من هذا الاجراء هو تسهيل اقامة اتصالات بين كبار الموظفين الرسميين من الجانبين في ليبيا، وكذلك افساح المجال أمام ممثلي الشركات الأمريكية للعودة إلى العمل فيها.
2 – سحب اسم ليبيا من لائحة الدول الداعمة للارهاب التي تنشرها سنويا وزارة الخارجية الأمريكية وهي تضم أيضا كوريا الشمالية وسوريا وايران وكوبا.
3 – التخفيف من العقوبات الاقتصادية الأمريكية في حق ليبيا، ويشار هنا إلى ان المسؤولين الليبيين الذين اجتمعوا مع بيرنز حملوا معهم طلبا واضحا ومحددا يقضي بالرفع الفوري للعقوبات وعدم الاكتفاء بالتخفيف منها.
إلى ذلك، شملت المحادثات الأمريكية – الليبية جدولا زمنيا للتطبيع الدبلوماسي بين البلدين، يرجّـح أن يستند على قرار يُـصادق عليه مجلس الشيوخ الأمريكي، على الأقل في المرحلة النهائية، باعتبار أنه هو الذي يوافق عادة على تعيين السفراء الجدد بعد الاستماع لبيانات منهم على تصوراتهم ومشاريعهم للخطط التي يعينون فيها.
في انتظار عودة السفراء
كما يرجّـح أيضا أن يعرض قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية على مؤتمر الشعب العام (البرلمان) الليبي بعد الاتفاق على الجدول الزمني للتطبيع. الا أن كورت ويلدن، نائب رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس أكّـد لسويس انفو خلال توقفه في تونس خلال الشهر الماضي، أن الاطار العام لتنشيط العلاقات السياسية الثنائية تم ضبطه في الجولات الأخيرة من اللقاءات السرية التي شارك فيها، والتي جرت على امتداد تسعة أشهر في لندن بحضور وفد ليبي قاده سيف الاسلام القذافي.
وفي هذا السياق، تتوقّـع المصادر الليبية أن يؤدّي بيرنز زيارة رسمية إلى ليبيا خلال الأسابيع المقبلة، يلتقي خلالها العقيد معمر القذافي، وشكري غانم، أمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء)، وعبد الرحمان شلغم، وزير الخارجية، ويعلن في ختامها عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وستكون الخطوة التالية، تعيين سفير أمريكي في طرابلس، وسفير ليبي في واشنطن يتوقع أن يكون من بين المسؤولين المقربين من الزعيم الليبي الذين تابعوا ملف المفاوضات مع واشنطن.
والاسم الأكثر تداولا في هذا الاطار هو عبد العاطي العبيدي الذي شغل منصب رئيس وزراء في السبعينيات من القرن الماضي قبل أن يُـكلّـف بقيادة الدبلوماسية الليبية في الثمانينات، وهو أبرز خبير ليبي في ملف “لوكربي”، اذ تابعه منذ أن كان سفيرا لبلاده في تونس ثم في روما.
رشيد خشانة – تونس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.