مئات آلاف الاسبان يشاركون في أول تظاهرة ضد استقلال كاتالونيا في برشلونة
بعد أسبوع من الاستفتاء الذي منعت مدريد اجراءه والذي تسبب بأزمة سياسية غير مسبوقة في اسبانيا منذ 40 عاما، نزل مئات آلاف الاسبان الى الشوارع الأحد، للتعبير عن معارضتهم لاستقلال هذه المنطقة الاسبانية.
وهتفت الحشود التي كانت تحمل آلاف الأعلام الاسبانية، “لتحيا كاتالونيا! لتحيا اسبانيا!”في مشهد غير مسبوق منذ انتهاء نظام الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو في 1975.
وجرت أول تظاهرة كبيرة مناهضة لاستقلال كاتالونيا في برشلونة منذ بدء الأزمة بين الانفصاليين ومدريد، تحت شعار “كفى! لنتعقل”. وأعلنت شرطة البلدية أن نحو 350 ألف شخص شاركوا في التظاهرة فيما قال المنظمون أن العدد راوح بين 930 و950 ألف شخص.
وأكد الكاتب ماريو فارغاس ليوسا الحائز جائزة نوبل للأدب عام 2010 والذي يحمل الجنسيتين الكوبية والبيروفية، أمام الحشود الأحد في برشلونة، أن “الديموقراطية الاسبانية هنا وستبقى هنا وأي مؤامرة انفصالية لن تقضي عليها”.
ويعتبر المتظاهرون، الذين حملوا أيضا أعلام كاتالونية وأوروبية، أنفسهم “غالبية صامتة” لم يتم الأخذ برأيها منذ ان نظمت السلطات الانفصالية الاستفتاء في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وقال سانتياغو مارتن البالغ 37 عاما والذي أتى بسيارته من تاراغونا، الواقعة على بعد 100 كلم جنوب غرب البلاد، لوكالة فرانس برس “من المهم بالنسبة إلينا أن نثبت نحن أيضا أن عددنا كبير. لم نسمع إلا صوت الآخرين (الانفصاليون)”.
وقدم كثير من المتظاهرين من اقاليم اسبانية اخرى الى برشلونة.
وقال خوان جيل سيزارز القادم من مدريد للمشاركة في التظاهرة “ان هذا المساس الفاضح بالقانون اساء للاسبان كافة. علينا ان نكون جميعا موحدين”.
ويهدد الانفصاليون الذي يؤكدون انهم حصلوا على تأييد 90,18 بالمئة من الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء (43 بالمئة)، باعلان استقلال المنطقة في الايام المقبلة.
وقد يحدث ذلك اثناء جلسة للبرلمان الكاتالوني الثلاثاء الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي (16,00 ت غ) من المقرر ان يلقي فيها رئيس اقليم كاتالونيا كارليس بوتشيمون كلمة.
وتشير استطلاعات الرأي الى ان غالبية الكاتالونيين يريدون استفتاء بحسب الاصول، والى انهم منقسمون نصفين تقريبا بشأن الاستقلال.
-“لستم وحدكم”-
وقدم رئيس الحكومة الاسبانية المحافظ ماريانو راخوي الذي لم يشارك في التظاهرة، في تغريدة دعمه للمتظاهرين وقال “سنحافظ على وحدة اسبانيا. لستم وحدكم”.
لكن بعض المتظاهرين هاجموا شرطة كاتالونيا التي اتهموها بانها تجاهلت يوم الاستفتاء، الامر باغلاق مكاتب التصويت ومصادرة صناديق الاقتراع. وصرخوا في وجوه عناصر الشرطة المحلية “خونة” وحاصروا شاحنتين تقلانهم.
وتبدو الازمة بين حكومة راخوي والسلطات الانفصالية حتى الان في طريق مسدود.
ويريد الزعيم الكاتالوني كارليس بوتشيمون “وساطة دولية”. لكن راخوي يعتبر ان من غير الوارد الدخول في اي حوار ما لم يتراجع القادة الانفصاليون في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، عن نيتهم اعلان الاستقلال.
وقال رئيس الحكومة المحافظ لصحيفة “ال باييس” اليومية الاحد “ما اريده هو سحب التهديد بالاستقلال في اسرع وقت” لانه “لا يمكننا بناء شيء اذا لم يتبدد التهديد للوحدة الوطنية”.
وكان راخوي لوح بتعليق الحكم الذاتي للمنطقة وهو اجراء لم يطبق يوما في المملكة البرلمانية الاسبانية التي تتمتع بنظام حكم لا مركزي. ويمكن لقرار من هذا النوع ان يسبب اضطرابات في كاتالونيا.
وردا على سؤال حول تطبيق المادة 155 من الدستور التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كاتالونيا، قال راخوي “لا استبعد شيئا، لكن يجب ان افعل الاشياء في وقتها”.
– رحيل شركات –
واثارت الازمة مخاوف الاوساط الاقتصادية. ونقلت عدة شركات كبرى مقراتها خارج كاتالونيا ما يمكن ان يثير شكوكا لدى بعض القوميين المحافظين المقربين منها.
وقررت نحو 15 شركة بينها المصرفان العريقان “كايجابنك” و”بانكو دي ساباديل” نقل مقريهما خارج كاتالونيا التي تمثل 19 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي.
وسيبحث مجمع البرتيس للطرقات السريعة امكانية نقل مقره في اجتماع لمجلس ادارته الاثنين.
وأكد رئيس أكبر منظمة لارباب العمل في اسبانيا خوان روزيل لصحيفة “آ بي ثي” المحافظة، ان الشركات المتمركزة في كاتالونيا “قلقة جدا. لم نتصور يوما اننا سنصل الى هذا الحدّ”.
وتقدم التيار الداعي للاستقلال في كاتالونيا منذ 2010، بسبب الأزمة الاقتصادية والالغاء الجزئي للحكم الذاتي الذي كان يمنح صلاحيات أوسع للمنطقة، التي لديها شرطتها ونظامها الصحي والتعليمي الخاص.
وبلغت الأزمة مستوى غير مسبوق منذ اجراء القادة الانفصاليين في كاتالونيا الاستفتاء، الذي منع القضاء اجراءه وتخللته اعمال عنف مارستها الشرطة ضد المشاركين فيه وشاهدها العالم باسره.
وقالت حكومة كاتالونيا ان 2,04 مليون شخص صوتوا بنعم للاستقلال يوم الاستفتاء وان نسبة المشاركة بلغت 43 بالمئة بحسب نتائج لا يمكن التحقق من صحتها في غياب لجنة انتخابية حيادية.