تعزيزات أمنية في غرب سوريا بعد تقارير عن قتل أكثر من 700 مدني علوي

أعلنت السلطات في سوريا السبت تعزيز انتشار قوات الأمن في منطقة الساحل بغرب البلاد وفرض “السيطرة” على مناطق شهدت مواجهات إثر مقتل أكثر من 700 مدني علوي على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها منذ الخميس، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
وأفاد سكّان في المنطقة الساحلية بعمليات قتل طالت مدنيين، خلال عمليات تمشيط واشتباكات مع موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بدأت قبل يومين، هي الأعنف منذ إطاحته في الثامن من كانون الأول/ديسمبر.
وأورد المرصد في حصيلة جديدة أن “745 مدنيا علويا قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة” منذ الخميس. وبذلك، ترتفع حصيلة أعمال العنف إلى أكثر من 1018 قتيلا، بينهم 273 عنصرا من قوات الأمن ومسلحين موالين للأسد، وفق المصدر نفسه.
وتحدث المرصد عن “عمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي” و”عمليات إعدام ميدانية” ترافقت مع “عمليات نهب للمنازل والممتلكات”.
ونددت فرنسا السبت “بأكبر قدر من الحزم بالتجاوزات التي طالت مدنيين على خلفية طائفية، وسجناء” في سوريا.
ودعت الخارجية الفرنسية في بيان “السلطات السورية الانتقالية إلى ضمان إجراء تحقيقات مستقلة تكشف كامل (ملابسات) هذه الجرائم، وإدانة مرتكبيها”.
ودانت الكنائس السورية في بيان مشترك السبت “المجازر التي تستهدف المواطنين الأبرياء”، داعية إلى “وضع حدٍّ لهذه الأعمال المروعة”.
من بانياس، روى سمير حيدر (67 عاما) أن “مجموعات مسلحة” بينها “عناصر أجنبية” قتلت شقيقيه وابن أحدهما بإطلاق النار عليهم مع رجال آخرين.
وأكد الرجل اليساري الذي قضى أكثر من عقد من حياته في سجون النظام السابق أنه هرب في اللحظة الأخيرة إلى حيّ سنيّ في المدينة. وقال في اتصال مع فرانس برس “لو تأخرت خمس دقائق لكنت في عداد الموتى (…) لقد أُنقذنا في الدقائق الأخيرة”.
وفي وقت تراجعت حدة الاشتباكات السبت، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية سانا بأنّ قوات الأمن عززت انتشارها، ولا سيما في مدن بانياس واللاذقية وجبلة بهدف “ضبط الأمن”.
وأعلن المتحدّث باسم وزارة الدفاع السورية حسن عبد الغني أن قواتها “أعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام”.

المزيد
صحف سويسرية: أي مستقبل ينتظر سوريا تحت قيادة أحمد الشرع؟
ودعا في تصريح مصور لسانا “جميع الوحدات الميدانيّة الملتحقة بمواقع القتال إلى الالتزام الصارم بتعليمات القادة العسكريّين والأمنيّين”، مشددا على أنه “يمنع منعا باتا الاقتراب من أي منزل أو التعرض لأي شخص داخل منزله إلا وفق الأهداف المحدّدة من قبل ضباط وزارة الدفاع”.
وأظهرت مشاهد بثتها الوكالة ما قالت إنها قافلة لقوات الأمن تدخل بانياس في محافظة طرطوس.
ونقلت الوكالة أيضا أن عنصرا في قوات الأمن قتل وأصيب اثنان آخران في كمين نصبه مقاتلون موالون لنظام الأسد في منطقة اللاذقية.
وأعلن وزير التربية السوري نذير القادري إغلاق المدارس في محافظتي اللاذقية وطرطوس الأحد والاثنين، بحسب سانا.
من جهتها، طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بـ”احترام أرواح المدنيين” و”السماح للمسعفين والعاملين في المجال الإنساني بالوصول الآمن لتقديم المساعدة الطبية ونقل الجرحى والجثامين”.
وحضّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، السبت، الأطراف على “وقف الأعمال العدائية فورا وتجنّب استهداف المدنيين”.
– “فرض السيطرة” –
بدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علويّة في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد.
وقالت السلطات في اليوم الأول إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق.
وإثر تعرض قوة تابعة لها لكمين في محيط بلدة جبلة أوقع 16 قتيلا، أرسلت قوات الأمن تعزيزات عسكرية إلى الساحل وفرضت حظر تجول.
وتصدّت قوات الأمن فجر السبت “لهجوم من قبل فلول النظام البائد” استهدف المستشفى الوطني في مدينة اللاذقية، وفق سانا.
وأعلن مصدر في وزارة الدفاع لوكالة سانا “بالتنسيق مع إدارة الأمن العام، تم إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تدريجيا إلى المنطقة”.
وقال إن الوزارة “شكلت سابقا لجنة طارئة لرصد المخالفات، وإحالة من تجاوز تعليمات القيادة خلال العملية العسكرية والأمنية الأخيرة، إلى المحكمة العسكرية”.
وحضّ الرئيس الانتقالي أحمد الشرع المقاتلين العلويين ليل الجمعة على تسليم أنفسهم “قبل فوات الأوان”.
– “ذبحوا جميعا”-
ونشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا موقع فيسبوك، منشورات تتحدّث عن قتل مدنيين من أفراد عائلات ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة، لم تتمكّن فرانس برس من التحقق منها بشكل مستقل. وقالت ناشطة إن والدتها وأخوتها “ذبحوا جميعا في منزلهم”.
ووجّه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك.
وشارك ناشطون والمرصد السوري الجمعة مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بملابس مدنية مكدّس بعضها قرب بعض في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع دماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان.
وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو آخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يرديه.
ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.
ومنذ إطاحة الأسد، نفّذت السلطات الجديدة حملات أمنية بهدف ملاحقة “فلول النظام” السابق، شملت مناطق يقطنها علويون، خصوصا في وسط البلاد وغربها.
وتخللت تلك العمليات اشتباكات وحوادث إطلاق نار، يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للأسد بالوقوف خلفها.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالا انتقامية بينها مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تُدرجها السلطات في إطار “حوادث فردية” وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.
لو-جوص/ب ق-جص/سام