مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توجيهُ مُـساعدات التنمية نحـو الشباب

Keystone

دشنت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون توجها جديدا في نشاطاتها المستقبلية من خلال اهتمام أكبر بالشباب سواء في سويسرا أو في الدول المستقبلة لمساعدات الكنفدرالية.

هذا التوجه يأتي ردا على انتقادات الشباب السويسري بعدم أخذ آرائه بعين الاعتبار في مجال مساعدات التنمية، ومحاولة للإجابة على انتقادات الشباب في البلدان المتلقية للمساعدات الذي يرى أن صوته غير مسموع بالمرة.

تميز الاجتماع السنوي لوكالة التنمية والتعاون السويسرية الذي نظم هذه السنة في جنيف بحضور رئيسة الكنفدرالية السويسرية ميشلين كالمي ري، وبتزامن هذا الاحتفال بإعلان المدير التنفيذي للوكالة فالتر فوست عن قراره مغادرةمنصبه في موفى شهر أبريل القادم.

وهو ما لم يفت السيدة كالمي-ري التي نوهت في كلمة الافتتاح بالالتزام الذي أبداه السيد فوست طوال الخمسة عشر عاما التي قضاها على رأس الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، قائلة “لقد تجند بقلبه وعزمه لصالح التنمية”.

توجه جديد لإدماج الشباب في مجال التنمية

ولكن الجديد فعلا في هذا الاجتماع السنوي هو التوجه الجديد الذي أعلن عنه الساهرون على قطاع المساعدات التنموية في سويسرا والرامي الى الاهتمام أكثر بالشباب. إذ كما قال المدير التنفيذي للوكالة السويسرية للتعاون والتنمية فالتر فوست “لقد أولينا اهتماما كبيرا في مجال المساعدات على التنمية للبنية التحتية، ولكننا لم نراعي الشباب كفئة مستفيدة من هذه المساعدات”.

صحوة الساهرين على برامج المساعدة من أجل التنمية في سويسرا لهذا الخلل يعود الى الاجتماع الذي عقد قبل عامين مع عدد من جمعيات للشباب في سويسرا والتي، كما ذكر فالتر فوست، “انتقدت عدم استشارتها في قضايا التنمية وإعطاء الانطباع بإقصاء الشباب في هذا المجال”.

وكانت النتيجة تنظيم اجتماع لإطارات الوكالة مع أكثر من 120 شابا لخوض نقاش صريح ومنتقد، انتهى إلى أن “تصديق الأقوال بوجود سياسة مراعية للشباب لدى وكالة التنمية والتعاون قد يتم عند الإعلان عن تفاصيل هذه السياسة”. وهو ما قال بخصوصه السيد فالتر فوست “ها نحن اليوم نوفي بوعدنا ونعلن عن التركيز على الشباب في سياستنا القادمة”.

ولتقديم بعض التفاصيل عن معالم هذه السياسة، استعان السيد فوست في الندوة الصحفية التي عقدها يوم 14 سبتمبر في جنيف، بالخبيرة ميشال ماران التي شددت على أن “أهداف هذه السياسة الجديدة المراعية للشباب تعني الشباب في سويسرا لكي يتجندوا من أجل مشاريع تنموية، مثلما تعني الشباب في البلدان المستقبلة للمساعدة سواء، في الجنوب او في الشرق لكي يتسلموا تلك المشاريع ويواصلوا إدارتها”.

تكريم في وقت مناسب

وللتحول من القول الى الفعل، تزامن تنظيم الاجتماع السنوي للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون مع تكريم ستة مشاريع تنموية قام بإنجازها شبان وشابات من سويسرا في العديد من مناطق العالم النامي.

المسابقة التي حملت شعار “نحن ملتزمون، وأنتم أيضا”، شملت 100 مشروع يشترط أن يكون متميزا بالإبداع وبإشراك أبناء المنطقة من البلدان النامية لتحسين ظروف معيشتهم.

ويبدو أن الشباب أبدعوا في تصور مشاريعهم بحيث أن العينة التي فازت بالجوائز تظهر جليا نجاعة تضافر الإيمان بالفكرة والرغبة في تحقيقها من أجل تجاوز كل العقبات التي قد تقف في وجه أي مشروع.

بحيث نجد شابة في ربيع العمر تتحدث بثقة في النفس عن مشروع إقامة تعاونية لمزارعي القهوة في شياباس بالمكسيك، وتلقنهم مبادئ التسويق. ولا تكتفي بذلك بل تعود الى سويسرا وتربط لهم اتصالات بمستوردي القهوة لكي يتولوا بأنفسهم تسويق منتوجهم. وتعلن بكل تواضع عن الانسحاب ما داموا قادرين على إكمال المسيرة بأنفسهم.

أو مشروع مجموعة من طلاب جامعة برن الذين يجمعون الحواسب القديمة ويعيدون تركيبها وتزويدها بموزع قوي للسماح لأبناء القارة السمراء بالاتصال بشبكة الإنترنت.

أو شبان وشابات من مدينة فوفي الذين ابتكروا نظاما تعاونيا لسكان القرى في طوغو يسمح لهم بتحمل أعباء الرعاية الصحية بتقاسم الأعباء بين كل المشتركين.

أو ذلك الشاب الذي عاد من زيارة للهند وقد راعه رؤية أبناء السيدات اللواتي يتعاطين تجارة الجنس ينبذن من المدارس. فتحرك مع زملائه في مدرستين من مدارس مدينته لكي يخصصوا فرنكين في كل أسبوع من نفقاتهم اليومية لصالح مشروع بناء مدرسة لهؤلاء الأطفال والسماح بتقديم لوازم الدراسة إضافة الى وجبة غذائية في اليوم.

وسواء ما تميزت به هذه المشاريع أو ما عبر عنه الشباب في المناقشات المختلفة التي نظمت طوال هذا اليوم بمشاركة شباب من دولة بوركينا فاسو، التي تربطها علاقات تنموية مكثفة مع سويسرا، يظهر جليا بأن الشباب قادر على العطاء وقادر على اخذ زمام المبادرة بنفسه لضمان مستقبله إذا ما توفرت له بعض الشروط، وإذا ما أفسح له المجال ووجد آذانا صاغية.

وهذا ما ركز عليه الشباب السويسري والشباب القادم من عدة مناطق وبالأخص من بوركينا فاسو طوال نقاش هذا اليوم لإيمانه كما قال أحدهم بأن “الشباب ليس فقط ضمان المستقبل بل أيضا ضمان الحاضر”.

سويس انفو – محمد شريف – جنيف

ولد في عام 1945، وهو أصيل موزنانغ في كانتون سانت غالن، درس العلوم السياسية ثم تقلد مناصب مختلفة في مؤسسات اقتصادية خاصة، قبل أن يلتحق في عام 1975 بالسلك الدبلوماسي، التابع للكنفدرالية.

بعد أن عمل في بغداد وطوكيو، سُـمي في عام 1984 معاونا شخصيا للوزير الفدرالي كورت فورغلر.

من عام 1986 إلى عام 1989، أشرف على تسيير المكتب السويسري للتوسّـع التجاري، وفي عام 1990، أصبح الأمين العام لوزارة الشؤون الداخلية، التي كان يقودها في ذلك الوقت فلافيو كوتي، الذي سينتقل بعد ذلك إلى وزارة الخارجية، وهو الذي عيّـنه في عام 1993 على رأس الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية