زيورخ: بادرة ثقافية جديدة للتعريف بالإنتاج السينمائي العربي
في مدينة زيورخ، عاصمة المال والأعمال بسويسرا، تشق جمعية ثقافية عربية طريقها - برغم قلة التمويل والدعم الرسمي والخاص - بكثير من التصميم، نحو بناء تجربة جديدة في مجال التعريف بالثقافة العربية وبالإنتاج السينمائي العربي خاصة.
ويشرف على حظوظ هذه الجمعية ثلة من المختصين في المجال السينمائي من مخرجين ومنتجين، ومسوّقين للفيلم العربي، من المقيمين في سويسرا وخارجها، وترأس هذه الجمعية عايدة شلافّر، خريجة اكاديمية الفنون بزيورخ.
وللإطلاع على هذه التجربة، وكذلك إلقاء الضوء على فعاليات الدورة الثانية لليالي الفيلم العربي بزيورخ التي تنظّم في الفترة المتراوحة بين 24 و27 سبتمبر 2009، كان لـ swissinfo.ch هذا الحديث الصريح مع رئيسة الجمعية المشرفة على تنظيم هذه الفعاليات.
swissinfo.ch: في أي سياق ظهرت جمعية الفيلم العربي بزيورخ؟
عايدة شلافّر: لاحظنا، انا ومجموعة من المهتمين بالمسرح والسينما، أن هناك غيابا كبيرا للفيلم العربي بسويسرا، وبشكل خاص في زيورخ. أنا طبعا مخرجة سينمائية، وأهتم بالأفلام، فأردت مع زملائي الآخرين في جمعية الفيلم العربي بزيورخ أن ننشئ مهرجانا للفيلم العربي الدولي بزيورخ، وهدفنا أن نوصل الثقافة العربية للجمهور السويسري هنا، وأن نبني جسرا بين العرب وأوروبا، وتصحيح الأفكار الشائعة عن منطقتنا، بكونها مسرحا للحروب وللإرهاب، ولا يعرفون شيئا عن حضارتنا المتسامحة وقيمنا الإنسانية، فأردنا ان نوصل كل ذلك عن طريق الصناعة السينمائية.
هل يشاطرك بقية أعضاء هذه الجمعية هذه الإنشغالات، وهذه القضايا الهامة؟
عايدة شلافّر: نعم عدد منهم ايضا سينمائيون، والجزء الآخر يهتم بالفنون، كالأستاذ عون اللبابيدي، وهو موزّع افلام في دبي، ومخرج سينمائي في نفس الوقت، والأستاذة ناريمان فاغنر، ممثلة سابقة بالمسرح الفلسطيني، والأستاذ صالح غامكين، خريج المعهد السينمائي العالي بسويسرا، ويانّا فانيخ، كذلك خريجة أكاديمية الفنون بزيورخ، بالإضافة للأستاذ رشاد القنواتي، المهتم بالثقافة العربية بشكل خاص.
كيف استقبلت الساحة الفنية في زيورخ فكرة إنشاء مهجان جديد للفيلم العربي الدولي؟
عايدة شلافّر: إلى حد الآن، لا يزال المشروع في بدايته، لكن الذين علموا به شجّعونا كثيرا، ماديا ومعنويا. وكانت ردود الفعل في أغلبها إيجابية.
تنظيم مهرجان دولي للفيلم العربي في مدينة مثل زيورخ، يتطلب لا شك دعما ماليا قويا، كيف تموّلون ليالي الفيلم العربي بزيورخ؟
عايدة شلافّر: المهرجان يبدأ نشاطه الفعلي سنة 2001، لكننا ومنذ العام الماضي ننظم “ليالي الفيلم العربي بزيورخ” تحت رعاية المهرجان نفسه. ولقد اخترنا هذه السنة السينما الفلسطينية ضيفا على هذ الليالي، تماما كما كان الحال العام الماضي بالنسبة للسينما المصرية. وكما تعلم، اختيرت القدس هذه السنة عاصمة للثقافة العربية، فأردنا في زيورخ أن لا تضيع هذه الفرصة، فاخترنا فلسطين.
أما بالنسبة للتمويل، صحيح انه صعب جدا، ولكن في الحقيقة وصلتنا بعض المساعدات من جهات مختلفة، ونحن بدورنا في “جمعية الفيلم العربي الدولي بزيورخ” قدّمنا ما باستطاعتنا أيضا. هذه التمويلات التي وصلتنا سويسرية بالأساس، منها ما هو من جهات رسمية، ومنها ما هو من جهات خاصة، وهي جهات ترفض الكشف عن نفسها.
ما هو تقييمكم لفعاليات دورة السنة الماضية من ليالي الفيلم العربي بزيورخ؟
عايدة شلافّر: الدورة الأولى نظمت ضمن نطاق أيام السينما بمدينة فينترتور (القريبة منزيورخ – التحرير)، وامتدت ايضا أربعة أيام خصصت لعرض الأفلام المصرية. كان الحضور كثيفا، وهو مما شجّعنا على الإستمرار في هذه التجربة، وكثيرون أعجبوا بالأعمال التي قدمت، وهي في مجملها أعمال مختلفة عن تلك التي تعرضها القنوات التلفزية، ويهتم بها الإعلام العربي. كانت ردود الفعل إجمالا إيجابية.
هناك أزيد من أربعة مهرجانات دولية في سويسرا، ومهرجانان للفيلم العربي والشرقي في جنيف لوحدها، ماذا تأملون أن يضيف مهرجان جديد للفيلم العربي بزيورخ؟
عايدة شلافّر: نحن نريد أن يتيح المهرجان الجديد الفرصة لجميع الدول العربية لكي تشارك، وليس فقط الدول العربية الكبرى. في كل دورة ستكون هناك دولة عربية ضيفة على المهرجان، ولكن كذلك تعمّدنا ان يكون هناك ضيوف من خارج الدول العربية، حتى يكون المهرجان دوليا فعلا وحتى تكون هناك فعلا الوان فنية متميّزة، كأن تكون تلك الدولة اليابان، او إيران أو تركيا،…
ما هي المعايير الفنية المعتمدة في اختيار الأعمال المشاركة في دورة هذه السنة من ليالي الفيلم العربي بزيورخ؟
عايدة شلافّر: كان هدفنا أن نقدّم بقدر المستطاع صورة مختلفة عمّا هو رائج عن الحياة الفلسطينية. كان من المهم أن يكون الفيلم (المشارك في المهرجان) قد أخرج بشكل جيّد، لكن الموضوع بالنسبة لنا له أهمية أكبر لأنه يهمّنا أن تصل إلى الجمهور السويسري صورة عن فلسطين مخالفة للكليشيهات السائدة التي دأب الإعلام على ترديدها. فلسطين بالنسبة لنا ليست فقط وطن متنازع عليه، بل أيضا أرض لها ثقافة وحضارة وتاريخ.
هذه الليالي تحتضنها هذه السنة اكاديمية الفنون بزيورخ، ما شكل التعاون بينكم كجمعية، وهذه المؤسسة الفنية العريقة؟
عايدة شلافّر: أنا شخصيا خريجة هذه الأكاديمية، وكذلك زميلتي في الجمعية يانّا فانسيك، وفكّرنا الإثنان في التوجه إلى إدارة هذه المؤسسة فطالبناهم بإعارتنا مكانا لعرض الأعمال المشاركة في هذه الدورة، فقبلوا بترحاب، وسمحوا لنا باستخدام كل المرافق والتسهيلات طيلة ليالي الفيلم العربي، بل قدّموا لنا كل اشكال المساعدة الفنية. لقد كانوا مسرورين جدا باستضافة هذه الفعاليات.
هناك مؤسسات ثقافية عربية عاملة في سويسرا، وهناك ايضا سفارات وهيئات رسمية، هل تنوون التوجّه إليها لطلب الدعم والمساعدة؟
عايدة شلافّر: لقد أصبت بصراحة، ومنذ البداية بخيبة امل من الجهات العربية، لأننا حاولنا في السنة الماضية اللجوء إلى الأهل كما يقال قبل اللجوء إلى الجار. لقد كاتبت جهات في قطر، وفي بلدان عربية أخرى، لكنهم لم يردّوا علينا حتى بالسلب.
في سويسرا، أبعث الطلب فلا يتاخّر الرد بالقبول أو بالرفض أو بالإعتذار. لكن الجهات العربية ولا أقول كلها كانت تتجاهل الرسائل، حتى الجهات الفلسطسنية، ولكن لا زال أملنا قائما في أن تستجيب بعض الجهات العربية خاصة في أفق سنة 2011، حيث ستنظم الدورة الأولى الموسعة لمهرجان الفيلم العربي الدولي بزيورخ.
برن – عبد الحفيظ العبدلي- swissinfo.ch
“ليالي الفيلم العربي”، مشروع غير رِبحي لعرض الأشرطة السينمائية العربية في زيورخ برعاية جمعية “مهرجان الفيلم العربي الدولي في زيورخ”.
يُـقـام في الفترة الواقعة من 24 إلى 27 سبتمبر 2009، في مدرسة ف + ف للفيلم والفن في زيورخ.
بمناسبة اختيار القُـدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009، تتمحور الأشرطة المعروضة في هذه الدورة، حول الفيلم الفلسطيني المعاصِـر، وتشمل الأفلام الروائية والقصيرة والوثائقية.
تعرض الأفلام المُـنتخبة، أوجُـها متعدِّدة من القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية، حيث يُـبرِز مخرجون سينمائيون فلسطينيون من كل أنحاء العالم، اختلاف وجهات النزر وتنوّعها حول هذه المواضيع.
توفِّـر التظاهرة مجالا للنقاش مع المخرجين المدعوين، كما تُـقام أمسية ثقافية موسيقية بالعربية والألمانية، تُـقدَّم فيها المشروبات والمأكولات الشرقية.
ولدت عايدة شلافّر في بغداد بالعراق سنة 1970، وهي تحمل الجنسية السويسرية أيضا.
متحصلة على الإجازة الجامعية في الفن والتصميم الإعلامي بزيورخ، كما درست وتخرّجت من أكاديمية الفنون بزيورخ، وأيضا من المعهد العالي للسينما بأكاديمية القاهرة، ومنها حصلت على شهادة عليا في الإدارة والإخراج السينمائي.
من أعمالها السينمائية الأفلام التالية: الظل الأسود والأبيض (2002)، والرقص الشرقي والغربي (2003)، والصمت (2001)، وبحث في جوهر إمرأة (2005)، وماريونات (2007)، وفرق الموت في بغداد (2008).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.