هنري دونان: فيلم يروي قصة حركة
عرض مؤخرا فيلم ":هنري دونان: أحمر على صليب"، وهو إنتاج سويسري ودولي مشترك في افتتاح الدورة الرابعة لمهرجان فيلم حقوق الإنسان في بجنيف.
الفيلم يستعرض بشكل رومانسي مسار حياة مؤسس حركة الصليب الأحمر الذي دفعته أهوال معركة سولفارينو إلى تأسيس نواة حركة إنسانية أصبحت عالمية.
كثيرا ما أذكت حياة هنري دونان، مؤسس حركة الصليب الأحمر، وابن مدينة جنيف، فضول العديد من المخرجين السويسريين من أجل تخليد حياة هذا الرجل الذي شاءت الأقدار أن يكون شاهدا على ضراوة بني البشر عندما تقوده العداوة في ساحة الحرب الى ارتكاب أبشع المجازر.
وبإنتاج التلفزيون السويسري الرومندي بالاشتراك مع العديد من المؤسسات التلفزيونية ومن ضمنها التلفزة الجزائرية، لفيلم “:هنري دونان: أحمر على الصليب” تصبح الفكرة واقعا ملموسا تم عرضه لأول مرة مساء يوم الجمعة 10 مارس 2006 أثناء افتتاح الدورة الرابعة لمهرجان الفيلم حول حقوق الإنسان الذي تحتضنه جنيف حتى الثامن عشر من الشهر.
الصدفة ومجازر سولفيرينو
ركز المخرج السويسري دومينيك اوتنان جيرار وقائع فيلمه على الخمسة أعوام من حياة هنري دونان التي سبقت تأسيس نواة حركة الصليب الأحمر، وبالأخص شهر يونيو من العام 1859 الذي قاد فيه القدر رجل الأعمال السويسري المقيم في الجزائر المستعمرة، وصاحب “مطاحن جبل جميلة” التي مقرها في مدينة سطيف الجزائرية، الى السفر الى شمال إيطاليا بغرض مقابلة نابليون الثالث للتوسط لنشاطاته التجارية.
ولكن هول معركة سولفيرينو وما خلفته من دمار وأشلاء لجنود نمساويين وفرنسيين، جعلت الرجل يتخلى عن مشروعه الرئيسي ويقدم على بناء مستشفى ميداني لعلاج جرحى المعارك من الطرفيين وبدون تمييز.
ولا شك أن ما يلخص بحق لب الفيلم، ذلك المشهد الذي يتوقف فيه المقاتلون من الطرفين للسماح بمرور قافلة محملة بالجرحى والقتلى من الطرفيين يتزعمها شاب يحمل علما أبيض وضعت عليه شارة صليب رسمت بدم الجرحى.
ولا شك أن السؤال الذي دار في ذهن هنري دونان والعديد ممن رافقوه، هل سيحترم المقاتلون، ولو لبرهة، رفقائهم القتلى والجرحى وهل سيحترمون هذه الشارة التي رفعت لجلب الانتباه الى كون العملية إنسانية؟ وهو التساؤل الذي لا زال يطرح لحد اليوم رغم تحول حركة الصليب والهلال الأحمر الى حركة معترف بها دوليا.
هذه التجربة هي التي دفعته الى تأسيس حركة إسعاف يسهر عليها متطوعون. وهي الفكرة التي أدت الى تأسيس “اللجنة الدولية الدائمة لعلاج العسكريين الجرحى أثناء الحروب”، والتي تحولت فيما بعد الى ما يعرف اليوم باللجنة الدولية للصليب الأحمر.
تجميل تطلبته الضرورة
لكن تركيز المخرج على هذا الفترة من حياة هنري دونان، تعمد تبسيط الوقائع التاريخية لتسهيل فهم الفيلم من قبل العامة وتسهيل عرضه على شرائح متعددة. ولا شك أن تهافت عشرين محطة تلفزيونية على شراء حق عرضه حتى قبل الانتهاء من إعداده يعتبر نجاحا كبيرا.
لكن مخرج الفيلم دومنيك اوتنان جيرار يعترف أيضا بأن عملية التجميل “تستهدف عرض شخصية مثالية لتجنب الجوانب القاتمة والمعقدة من حياة ههنري دونان”.
فرجل الأعمال السويسري في الجزائر المستعمرة كان في نظر الجزائريين إلى جانب المعمر ويعد من الطبقات الأوربية التي تحظى بحقوق لا يتمتع بها المواطن الأصلي. كما أن رجل المال والأعمال السويسري عرف فيما بعد الإفلاس والتقهقر الاقتصادي مما جعله يغامر في مشاريع مثل إعمار فلسطين بمساعدة المهاجرين اليهود والمسحيين من بلدان أوربا الشرقية على الاستيطان. وهذا كله قبل ان يعترف له بصنيعه في العام 1901 بمنحه جائزة نوبل للسلام.
سابقة تاريخية
فيلم “ههنري دونان: أحمر على صليب” يعتبر سابقة في تاريخ الإنتاج التلفزيوني السويسري نظرا لكونه استهلك أكثر من 8,5 مليون فرنك سويسري. وقد ساهمت في أعمال تصويره التي تمت في كل من سويسرا والنمسا والجزائر، أربع شركات إنتاج خاصة، وأربع محطات تلفزيونية وطنية مكن بينها السويسرية والجزائرية. ولاشك ان مساهمة الاتحاد الأوربي للإذاعات والتلفزيونات قد سهل بيع حقوق التوزيع الى أكثر من 18 محطة تلفزيونية.
وتكليف المخرج السويسري دومنيك اوتنان جيرار بإخراج الفيلم هو اعتراف له بكونه ممن يحسنون تمرير رسالة عنف المشاهد دون إظهار التفاصيل. وقد سبق له أن أخرج العديد من الأفلام التي تخاطب المشاعر والأحاسيس، وأخرها فيلم عن الأطفال المعوقين.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.