مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الغرب يحاول إيجاد موطئ قدم في سوريا مجددا” 

سوريا
في هذه الصورة الزعيم الفعلي لسوريا أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم أبو محمد الجولاني، إلى اليمين، يلتقي بوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك، إلى اليسار، ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في الوسط، في دمشق، سوريا، الجمعة، 3 يناير 2025. سانا عبر أسوشيتد برس

تواجه سوريا بعد أكثر من شهر على سقوط نظام بشار الأسد، تحديات كبيرة تتراوح بين الانتقال السياسي، والعلاقات الدبلوماسية، وعملية المصالحة الوطنية. فما هي تبعات الإطاحة بنظام عائلة الأسد؟

المزيد
نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

المزيد

نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

اشترك.ي في النشرة الإخبارية لدينا، واحصل.ي على بريد إلكتروني كل يوم جمعة يحتوي على أخبار من الدول الناطقة بالعربية تم جمعها بواسطة وسائل الإعلام السويسرية. معلومات من منظور سويسري خصّيصًا من أجلك.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

استقبلت دمشق بعد أيام قليلة فقط من سقوط نظام الأسد، الذي حكم لأكثر من خمسين عامًا، سلسلة من الزيارات الدبلوماسية المتتالية. ويسعى جميع الممثلات والممثلين من أوروبا، وأوكرانيا، وتركيا، إلى لقاء رجل البلاد القوي الجديد، أحمد الشرع، المعروف باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، زعيم الجماعة الإسلامية المتمردة، ”هيئة تحرير الشام“، التي أطاحت في 8 ديسمبر، إثر هجوم مفاجئ، بنظام بشار الأسد. وتعدّ هذه الهيئة سابقًا فرعًا لتنظيم القاعدة في سوريا، قبل أن تنشق عنه في عام 2016. 

ويحلّل سهيل بلحاج كلاز، المتخصص في الشأن السوري والأستاذ في المعهد العالي للدراسات الدولية والإنمائية في جنيف، في سياق مشاركته في برنامج “جيوبوليتيس”، الذي تبثه القناة السويسرية العمومية الناطقة بالفرنسية (RTS ) كل يوم أحد، فيقول: “يكمن التحدّي بالنسبة إلى الغرب ودول الخليج في تحديد الموقف من هذه السلطة الجديدة، واستعادة النفوذ في سوريا التي لا تزال تحتفظ بأهميّة استراتيجيّة كبيرة في المنطقة”.  

نحو تقارب مع الغرب؟

«ويضيف هذا الخبير بجيواستراتيجية المنطقة ككل: “في ظل نظام بشار الأسد، لم يكن للدول الغربية أي تأثير في سوريا، حيث لم يبقَ سوى ثلاثة أطراف فاعلة هي روسيا، وإيران، وتركيا”. وتوفر الانتكاسة السياسية الأخيرة فرصة لاستعادة النفوذ في المنطقة، إذ تسعى سوريا إلى الحصول على أموال لإعادة إعمارها. 

ويؤكّد سهيل بلحاج كلاز قائلا: “توجد معظم الأموال والخبرات الفنية الممكنة لإعادة إعمار سوريا، في أوروبا والولايات المتحدة. وأما التمويل فيوجد أيضاً في دول الخليج”. ويرى أنّ أي تقارب من هذا القبيل، يمكن أن يعود بالفائدة خاصة على تعددية الأطراف، فيقول: “تمثّل الدول الأوروبية أعمدة المجتمع الدولي، لذلك يمكن أن تستعيد الأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الدولية الكبرى الأخرى، مثل صندوق النقد الدولي، موطئ قدم لها في المنطقة”. 

ورغم اعتبار روسيا من أبرز الخاسرين في هذا السياق الجديد، لا تزال موسكو، ملجأ بشار الأسد، محافظة على مكانة استراتيجية. ويبدو أن الحكومة الجديدة تسعى للحفاظ على علاقتها مع هذا الحليف القديم. 

>> اقرأ.ي أيضًا: هل ستستضيف جنيف جولات أخرى من المفاوضات حول سوريا؟

المزيد
سوريا

المزيد

أي مستقبل لمحادثات السلام السورية في جنيف بعد سقوط نظام بشار الأسد؟ 

تم نشر هذا المحتوى على استضافت جنيف جولات من المفاوضات حول سوريا ويمكن أن تستضيف، بعد سقوط بشار الأسد، محادثات جديدة حول تحقيق الاستقرار في البلاد، وفقًا لما ذكره أحد المحللين السياسيين.

طالع المزيدأي مستقبل لمحادثات السلام السورية في جنيف بعد سقوط نظام بشار الأسد؟ 

سوريا بين الآمال والمخاوف

وعموما، ينظر الشعب السوري إلى سقوط الأسد على أنه تحرر من نير القمع. ويؤكد كلاس ” تدخّل جهاز الاستخبارات السوري (…) في تفاصيل حياة الناس اليومية على جميع المستويات، صباحا مساء”. 

لكن يثير صعود ائتلاف إسلامي إلى السلطة القلق لدى بعض الأقليّات، رغم تأكيدات قادة النظام الجديد على التسامح. وينطبق ذلك خاصّة على نحو 10% من السكان المسيحيين والمسيحيات. فقد تظاهر المئات في دمشق في 24 ديسمبر، بعد إحراق شجرة عيد الميلاد قرب مدينة حماة، وإثر سلسلة هجمات استهدفت مقابر وكنائس. 

وتتقاسم هذه المخاوف أيضًا عدّة نساء، خشيةَ إسكاتهن من جديد بعد معاناة الآلاف منهن لسنوات طويلة من السجن، والتعذيب، والاعتداءات الجنسية. 

سوريا
رجلان يسيران على طول رواق الزنازين في سجن صيدنايا العسكري سيء السمعة في ضواحي دمشق، سوريا، الأحد 12 يناير 2025. Copyright 2025 The Associated Press. All Rights Reserved

أما المجتمع الكردي في سوريا، الذي عانى طويلًا من القمع، وتستهدفه حالياً الغارات التركية في شمال شرق البلاد، فإنه يخشى أيضاً على سلامته في مواجهة تركيا التي يُنظر إليها على أنها أحد أكبر الرابحين من التحوّل السياسي في سوريا.

ويقول سهيل بلحاج كلاز:” رغم الأيديولوجية الإسلامية الراديكالية التي لطالما شكلت دافعا لهيئة تحرير الشام، يدعو خطاب القادة الجدد إلى التعددية، ما يطمئن إلى حد ما“، قبل أن يستدرك قائلاً: “تتحدّث الحكومة الجديدة عن نظام مركزي موحد، عوضا عن الفدرالية أو الحكم المحلّي، الذي كان يمكن لهذه الأقليات أن تعبّر به عن نفسها وإدارة شؤونها الخاصة. (…) ويجب الحذر عند مواجهة خطاب تعدديّ وشامل للغاية من جهة، ومن جهة أخرى نية تنظيم السلطة بطريقة مركزية“. 

توثيق الفظائع 

ولا شكّ أن إعادة بناء المجتمع السوري الذي دمرته عقود من الحرب، تظلّ أحد أكبر التحديات التي تواجه سوريا الجديدة. وبعد مرور شهر على تحرير السجون من قبل الثوار، بما فيها سجن صيدنايا سيء السمعة، لازالت عشرات الآلاف من العائلات لا تعرف أخبار ذويها. ويبحث البعض في الزنزانات، وحتى في المقابر الجماعية المكتشفة مؤخراً، التي تكشف عن جحيم سجون نظام الأسد. 

ويبدو الأمر بالنسبة للجنة الدولية للصليب الأحمر على وجه الخصوص، التي لم تتوصّل حتى الآن إلى أماكن الاحتجاز، بمثابة سباق مع الزمن لجمع الأدلة على هذه الفظائع وحفظها. وقد سجلت حتى الآن أكثر من 43 ألف تقرير عن المفقودين والمفقودات. وتحذر من أن هذا ليس سوى جزء بسيط من العدد الإجمالي. 

ويوضح الخبير: “يعاني المجتمع السوري من صدمة نفسية بسبب فظائع الحرب.  فتكتسي مسألة الصحة النفسية أهميّة بالغة، وكذلك مسألة التعليم“. 

ويرى أنّ جنيف جاهزة لاستضافة مفاوضات مستقبلية لوضع إطار للمصالحة وإعادة الإعمار. إذ ”يعمل مجلس حقوق الإنسان، وكذلك مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، منذ سنوات على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. وبالتالي، فإنّ خبايا الملف السوري والمرحلة الانتقالية معلومة. والأهم من ذلك كله، أنّه سيضمن عدم انحراف النظام نحو التطرف، عبر وضع المجتمع الدولي المتمركز هنا في جنيف الضمانات “. 

كما شهدت جنيف في عام 2024 تأسيس مؤسسة مستقلة تابعة للأمم المتحدة، تهدف إلى الكشف عن مصير الأشخاص المفقودين في سوريا. 

هذا المقال هو ثمرة تعاون بين موقع سويس إنفو وبرنامج جيوبوليتيس التابع للإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بالفرنسية.  

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: عبد الحفيظ العبدلي

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية