جون زيغلر يتحدث إلى العرب
عالم الاجتماع السويسري جون زيغلر شخصية سويسرية معروفة بكفاحها من أجل عالم أكثر عدالة، وبدفاعها عن قضايا العالم الثالث وانتقاد النظام الرأسمالي. وبصدور كتاب "جون زيغلر يتحدث للعرب" للكاتب والصحفي التونسي رياض الصيداوي، نتعرف على موقف هذه الشخصية السويسرية من القضايا العربية ومن بعض الشخصيات القيادية العربية.
تـعـوّد المتتبع لنشاط جون زيغلر، الأستاذ الجامعي السويسري وعالم الاجتماع والشخصية السياسية المعروفة بانتقاداتها الصريحة للنظام الليبرالي، على التوقف من حين لآخر أمام تصريحات حارقة ينتقد فيها الرأسمالية وهيمنتها على العالم وهضم حقوق الشعوب النامية.
ولئن كان القارئ العربي يجد في مؤلفات جون زيغلر العديدة ما يشفي غليله لدفاعه عن بعض قضاياه كما لو كان ينتمي الى العالم النامي، فإن الكتاب الذي صدر مؤخرا للكاتب والصحفي التونسي رياض الصيداوي تحت عنوان “جون زيغلر يتحدث إلى العرب”، يُـعد بمثابة كشف النقاب لأول مرة عن مواقف هذه الشخصية السويسرية من القضايا العربية الهامة، كالقضية الفلسطينية التي ساندها منذ مدة، ورفضه لما يسميه “العنهجية الإسرائيلية”، أو نظرته الى تهديد الولايات المتحدة بضرب العراق.
جاء الكتاب الصادر باللغة العربية عن مركز الوطن العربي للنشر، والمتضمن 109 صفحة، على شكل حوارات ساخنة مع المفكر السويسري العالمي، والذي يشغل حاليا بعد اعتزاله التدريس، منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في الغذاء.
أفشى جون زيغلر في هذه الحوارات ببعض إنطباعاته عن القادة العرب ممن إلتقى بهم في مناسبات مختلفة، كالرئيس العراقي صدام حسين او الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة او الزعيم الليبي معمر القذافي أو زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط، الذي تربطه به علاقات وثيقة، دون أن ننسى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
لماذا لا تطبق الشرعية الدولية في فلسطين؟
من اللقاءات مع القادة العرب التي تطرق لها رياض الصيداوي بالتفصيل في حديثه مع جون زيغلر، مقابلته مع الرئيس العراقي صدام حسين قبيل حرب الخليج الثانية، وتوسطه للإفراج عن 18 رهينة سويسرية كان العراق يحتجزهم ضمن الرهائن الدوليين. وقد افلح في اقناع الرئيس العراقي بعدم جدوى احتجاز “أصدقاء للعراق قدموا لمساعدته في نهضته الصناعية”.
أما عن نظرته للوضع الحالي وتهديد الولايات المتحدة بضرب العراق بدعوى امتلاك اسلحة الدمار الشامل، يقول جون زيغلر “يجب التنديد بالعجرفة الأمريكية ومحاولة توظيفها لأجهزة الأمم المتحدة لمصالحها الخاصة دون أخذ بقية الشعوب والدول الأخرى في الأعتبار”.
لكن جون زيجلر لم يتجنب انتقاد الرئيس العراقي معتبرا “أنه رئيس غير منتخب بشكل ديموقراطي، إذ وصل الى السلطة عن طريق انقلاب عسكري ويواصل حكمه عن طريق العنف وإشاعة الرعب ضد أغلبية شعبه، وخاصة في الجنوب الشيعي والشمال الكردي.
وحتى وإن اعترف جون زيغلر بوجود قانون دولي يجيز التدخل في شؤون الدول لأسباب إنسانية، ومن أجل إنقاذ شعب من بطش دكتاتور مثلما وقع لميلوزيفيتش، فإنه يتمسك بأن يكون ذلك عن طريق قرار لمجلس الأمن الدولي. كما يتساءل عالم الاجتماع السويسري، لماذا لا يتم تطبيق نفس المنطق من أجل حماية الفلسطينيين؟
حزب الله.. والرئيس بوتفليقة!
وتطرق الكتاب أيضا إلى موقف جون زيغلر من صامويل هنتنغتون صاحب نظرية صراع الحضارات، وإلى رؤيته لعلاقة الإسلام بالغرب ونظرته لطبيعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وعن سبب انهيار الشيوعية وعن مستقبلها…”
ويعتبر جون زيغلر من المفكرين الغربيين القلائل الذين يُقيّـمون تجربة حزب الله اللبناني تقييما إيجابيا، وهذا بحكم العلاقة الوثيقة التي تربطه بشخصيات لبنانية تاريخية مثل وليد جنبلاط زعيم الدروز الذي يقول عنه “إنه يمثل فعلا مرجعية اليسار في لبنان”. كما يرى في الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات “زعيما لا يشك في شجاعته وذكائه الوقاد”، ويعترف “أنه انتخب من قبل الشعب الفلسطيني ولا يحق لأي كان ان يتدخل في اختيار الشعب الفلسطيني”، ولكنه ينتقد ما يروج عن “وجود فساد في الإدارة الفلسطينية”.
ويروي جون زيغلر في هذا الكتاب، قصة لقائه لأول مرة في جنيف بالرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة حيث يقول “ذات صباح وفي شارع سانت أورش في بداية الثمانينات، إذ كان الطقس باردا، دخل مكتبي بوتفليقة مرتديا معطفا أزرقا متواضعا، وقال لي:”أريد أن أنجز أطروحة دكتورا معك”. تناقشنا في هذا الموضوع واقترحت عليه أن تعتمد رسالته على تجربته السياسية والدبلوماسية. كما اقترحت عليه أن يكون موضوعها “إنشاء اتحاد المغرب العربي”. ويضيف جون زيغلر “منذ أول لقاء معه، وجدته رجلا متواضعا، يحاسب نفسه بشدة قبل أن يطلب من الآخرين، ويتميز باستقلالية كبيرة في تفكيره وتحليله للأشياء..”.
رياض الصيداوي من مواليد 1967 في سيدي عمر بوحجلة بتونس.
حصل على الأستاذية في الصحافة بتونس ويُعد رسالة دكتوراه في علم الاجتماع السياسي بجامعة جنيف.
من مؤلفاته: “حوارات ناصرية”، “هيكل او الملف السري” “للذاكرة العربية” و”قصة الجزائر من الثورة الى اغتيال بوضياف”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.