حضور سويسري متميز
أعلنت الحكومة السويسرية يوم الأربعاء موافقتها على التقرير السنوي حول العلاقة مع حلف شمال الاطلسي، الذي أظهر وضوح الحضور السويسري في اتفاق الشراكة من أجل السلام إلى جانب الاعتراف الدولي بهذا الدور.
وقد اعتبرت الحكومة أن التقرير إيجابي، ورأت في هذا التعاون من خلال اتفاق الشراكة من أجل السلام والشراكة اليورو أطلسية، دعما للجهود السويسرية للحفاظ على السلام و الاستقرار في أوروبا، كما أشارت إلى نجاح الحلف الأطلسي في البلقان واستعداده الحاضر لمكافحة الإرهاب.
النقاط الأساسية في العلاقة بين سويسرا وحلف شمال الأطلسي لن تتغير و ستبقى على ما هي عليه حسب رؤية الحكومة الفدرالية، فأوجه التعاون بين الجانبين ستتركز على التدريب في مجال السياسة الأمنية والمراقبة الديموقراطية للقوات المتحاربة أثناء المعارك، ودعم القانون الإنساني والحرص على تطوير عمليات الإسعاف والبحث عن المصابين أثناء العمليات العسكرية، ومراقبة التسلح والتخلص من أسلحة الدمار الشامل.
وترى الحكومة السويسرية أن اتفاق الشراكة من أجل السلام ساعد على رفع كفاءة القوات السويسرية ومقدرتها على دعم عمليات السلام في إطار الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وبصفة خاصة في قوات حفظ السلام العاملة في البلقان KFOR من خلال الوحدة السويسرية المعروفة باسم swisscoy .
التميز السويسري في التعاون المشترك بدا واضحا في مجال تقنية المعلومات المتطورة التي قدمها الخبراء السويسريون في هذا المجال، وبدا هذا من خلال خط مفتوح على شبكة الإنترنت لتبادل المعلومات بين قيادة حلف شمال الأطلسي وسويسرا.
وقد شهدت العلاقات بين سويسرا وحلف شمال الأطلسي في إطار الشراكة من أجل السلام اتصالات على مستوى وزراء الخارجية والدفاع وقيادات الجيش لدى الطرفين، وهو ما تنوي سويسرا الحفاظ عليه مستقبلا لعميق العلاقة بين الجانبين والتشاور المتواصل في المتغيرات الطارئة على الساحة الدولية.
علاقة فرضتها المتغيرات
وتعود فكرة إنشاء هذه الشراكة إلى مرحلة ما بعد الحرب الباردة ونهاية حلف وارسوا وتفرد حلف شمال الأطلسي بمركز القوة العسكرية في أوروبا، فكان لزاما على سويسرا أن تعيد حساباتها وتحديد علاقتها مع الحلف من منطلق جديد، فولد مشروع الشراكة من أجل السلام الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي عام ستة وتسعين.
ونظرا لان سويسرا تسعى للحفاظ على حيادها التاريخي، فلابد وأن تكون علاقتها مع الحلف من نوع خاص فلا هي انضمام كامل ولا هي تباعد تام، في اتفاق شراكة يسمح للكونفدرالية بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي في إطار محدود، تحاول فيه سويسرا أن تكسب مناورات الحلف بعض اللمسات الإنسانية، إذا صح القول.
وقد شهدت سويسرا لأول مرة في تاريخها في عام ألفين مناورات مشتركة مع حلف شمال الأطلسي شارك فيها أربعمائة وخمسون من تسع عشرة دولة من أعضاء الحلف في مركز تدريب الجيش في كانتون لوتسرن، وكان الدور السويسري في هذه المناورة متميزا نظرا لتقديمه للمرة الأولى مناورة حول إنقاذ المدنيين تحت القصف كما قدمت سويسرا في هذه المناورة برنامجا متميزا للتدريب العسكري متعدد الاوجه ولكن على الحاسب الآلي.
ولم يقتصر هذا التعاون الفريد من نوعه على المناورات وتبادل الزيارات بل تخطى ذلك إلى عدد من المشاريع البحثية مثل مركز جنيف للسياسة الأمنية، ومركز جنيف الدولي لنزع الألغام، ومشروع المراقبة الديموقراطية للقوات المسلحة، ومنتدي الامن الدولي، ومعهد أكاديميات الدفاع والدراسات الامنية ودراسات متخصصة في القانون الدولي الانساني والمراقبين العسكريين.
لكن هذه المعاهد والمنتديات والندوات تبقى في إطار نظري لا يخرج إلى حيز التطبيق العملي، فعدا نشاط مركز جنيف الدولي لنزع الألغام لم يتم عمليا تطبيق ما تمخضت عنه هذه الدراسات والمناقشات والمؤتمرات حتى الآن، التي قد لا تتعدى سوى الاوراق التي طُبعت عليها والأرفف التي صفت فوقها، ومن يدري لعلها تضيف مستقبلا دراسة حول كيفية فك أسر رئيس، أو إطعام شعب تأبى القوى المحتلة إلا أن تبيده جوعا وعطشا.
تامر أبو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.