حكومات الغرب توسع اتصالاتها مع القيادة الجديدة في سوريا
دمشق (رويترز) – من المقرر أن يجتمع مسؤولون ألمان مع ممثلين عن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا في العاصمة دمشق يوم الثلاثاء، كما التقت البعثة الدبلوماسية الفرنسية بممثلين عينتهم السلطات الانتقالية السورية، وذلك في إطار توسيع الاتصالات الغربية مع الإدارة الجديدة بعد أن التقى دبلوماسيون بريطانيون بقائدها أحمد الشرع في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين.
وبعد تسعة أيام من الإطاحة ببشار الأسد، قال محمد البشير رئيس الوزراء الجديد الذي عينته هيئة تحرير الشام إن الحكومة تعاني من احتياطيات منخفضة جدا من العملة الأجنبية، ودعا إلى رفع العقوبات عن سوريا.
وتفتح الدول الغربية تدريجيا قنوات للتواصل مع السلطات الجديدة في دمشق بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، على الرغم من أنها لا تزال تصنفها جماعة إرهابية.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا الذي كان يعرف بأبو محمد الجولاني، التقى في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين بوفد من وزارة الخارجية البريطانية. وشدد على ضرورة استعادة العلاقات ورفع العقوبات عن سوريا حتى يتمكن اللاجئون السوريون من العودة إلى ديارهم.
وأظهرت صور نشرتها الوكالة الشرع، الذي كانت مجموعته جزءا من تنظيم القاعدة حتى قطع العلاقات معه في عام 2016، جالسا مرتديا بذلة وقميصا خلال الاجتماع، وهو أعلى تواصل له حتى الآن مع مسؤولين من حكومة غربية منذ سيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة.
وتسلط الصور الضوء على التحول الجيوسياسي الذي حدث منذ الإطاحة بالأسد على يد قوات تقودها هيئة تحرير الشام، وهي ضربة لحلفاء الأسد الروس والإيرانيين وقد تفتح الطريق أمام الدول الغربية لإعادة الاتصالات مع دمشق.
ولكن في الوقت الحالي على الأقل، تتطلب أي مبادرات غربية المناورة في ظل تصنيف الإرهاب الذي فرض على هيئة تحرير الشام خلال أيامها كجماعة تابعة لتنظيم القاعدة، والعقوبات المالية المفروضة على دمشق في عهد الأسد.
كما ذكرت وكالة سانا أن الشرع تحدث عن “ضرورة بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء الأمن، كما تحدث عن دور بريطانيا الهام دوليا وضرورة عودة العلاقات”.
وقبيل الاجتماع، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن بلاده أرسلت وفدا من كبار المسؤولين البريطانيين “إلى دمشق هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع السلطات السورية المؤقتة الجديدة وأعضاء من جماعات المجتمع المدني في سوريا”.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن دبلوماسيين من البلاد يعتزمون أيضا إجراء محادثات مع ممثلين عن هيئة تحرير الشام في دمشق يوم الثلاثاء.
وذكر متحدث باسم الوزارة أن المحادثات ستركز على عملية انتقالية في سوريا وحماية الأقليات.
وأضاف في بيان “كما يجري استكشاف الإمكانيات لوجودٍ دبلوماسي في دمشق”، مؤكدا أن برلين تراقب هيئة تحرير الشام عن كثب بالنظر إلى أن جذورها تعود لأيديولوجية تنظيم القاعدة.
وأردف المتحدث يقول عن الجماعة “يمكن القول في ضوء المتاح، إنهم يتصرفون بحكمة حتى الآن”.
ولم تكشف الإدارة الجديدة في دمشق إلا عن تفاصيل قليلة عما تفكر به بشأن الخطوات المقبلة في سوريا، حتى مع إحكام سيطرتها سريعا على مؤسسات الدولة.
* عدالة الإسلام
قال البشير في مقابلة على قناة الجزيرة مباشر إنه سيتم إعادة هيكلة وزارة الدفاع من خلال “الفصائل الثورية والضباط المنشقين” عن جيش الأسد.
وردا على سؤال عما سيقوله لمن يخشون من سيطرة جماعة دينية أو سياسية واحدة على سوريا، قال البشير إن من يخشون من ذلك لا يفهمون حقيقة الإسلام ولا تسامحه ولا عدالته.
وأضاف أن سوريا لكل السوريين وأن الجميع شركاء في بناء مستقبل البلاد.
وكان البشير، الذي قاد من قبل حكومة تابعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب، قد ذكر أنه سيبقى في منصبه حتى مارس آذار.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس يوم الاثنين إن من الضروري أن يستعد الاتحاد الأوروبي لتخفيف العقوبات على سوريا إذا اتخذت القيادة الجديدة للبلاد “خطوات إيجابية” لتشكيل حكومة شاملة واحترام حقوق المرأة والأقليات.
واندلع الصراع السوري بعد انتفاضة عام 2011 ضد الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، وأدى إلى لجوء ملايين السوريين لدول أخرى من بينهم نحو مليون سوري لجأوا إلى ألمانيا.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الثلاثاء إن البعثة الدبلوماسية الفرنسية الموفدة إلى دمشق التقت بممثلين عينتهم السلطات الانتقالية السورية، ودعتهم إلى الالتزام بعدم إقصاء أحد في عملية الانتقال السياسي.
كما قالت الوزارة إن باريس ستكون مهتمة بقضايا الأمن الجماعي، خاصة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين أن الحكومة الأمريكية أجرت أكثر من اتصال مع الجماعة الإسلامية خلال الأسبوع الماضي.