حماس تواجه اقتصادا متعثرا وإعادة إعمار بطيئة في غزة بعد عام على التصعيد الأخير
بعد عام على التصعيد الدامي الأخير بين إسرائيل وحماس، تسعى الحركة إلى إنعاش الاقتصاد المتعثر في قطاع غزة المحاصر وإعادة إعمار ما دُمّر خلال 11 يوما من المواجهة بينما تجد نفسها أمام خيارين إما التهدئة أو المقاومة.
في تمام السادسة من مساء العاشر من أيار/مايو 2021، أطلقت حركتا حماس والجهاد الإسلامي مئات الصواريخ في اتجاه الدولة العبرية وذلك في أعقاب تهديد أطلقه الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، طلب فيه “سحب” عناصر الشرطة الإسرائيلية من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح بالقدس.
وسبق ذلك خوض الفلسطينيين عدة أسابيع من الصدامات مع الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية بسبب تهديد إسرائيلي بطرد عدة عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح في المدينة، ثم انتقل التوتر إلى باحات المسجد الأقصى وخلف عدة مئات من الإصابات في صفوف الفلسطينيين.
طوال 11 يوما من المواجهة العسكرية التي تعتبر الأعنف منذ سنوات، قتل 260 فلسطينيا، بينهم 66 طفلا ومقاتلون، وفي الجانب الإسرائيلي قتل 14 شخصا بينهم طفل وفتاة وجندي.
وقال الجيش الإسرائيلي إن منظومة “القبة الحديدية” لاعتراض الصواريخ اعترضت نحو 90 في المئة من صواريخ حماس والجهاد التي أطلقت في اتجاه الدولة العبرية.
وامتدت المواجهة إلى داخل إسرائيل حيث اندلعت أعمال شغب في المدن المختلطة التي يقطنها يهود وعرب، بالإضافة إلى مواجهات في الضفة الغربية المحتلة.
– بطئ إعادة الإعمار –
خلال الحرب دمرت إسرائيل 1600 منزل فلسطيني في قطاع غزة بشكل كلي، فيما تضرر بشكل كبير أو جزئي أكثر من ستين ألف منزل آخر في القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا منذ أكثر من خمسة عشر عاما.
بعد دخول اتفاق التهدئة الذي توصلت إليه إسرائيل وحماس بوساطة مصر وآخرين حيز التنفيذ، تعهد الرئيس المصري بدفع 500 مليون دولار ومثلهما قطر بهدف إعادة إعمار قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن 360 كيلومترا.
لكن عملية إعادة البناء لا تزال تسير بشكل بطيء، بحسب ناجي سرحان وكيل وزارة الإسكان والأشغال العامة في قطاع غزة الذي تديره حماس.
ويرد سرحان ذلك إلى “أسباب سياسية ومالية” بدون تقديم مزيد من التفاصيل.
ويذكر سرحان أن المنحة المصرية “تسير بشكل جيد”.
ويشير إلى أن “الأولوية لدينا في توزيع شقق المنحة المصرية ستكون لمن هدمت منازلهم خلال الحرب الأخيرة وذوي الدخل المحدود وعائلات فقيرة”.
وتبني مصر حاليا في شمال ووسط القطاع ثلاث مدن سكنية تضم نحو ألفي وحدة سكنية.
ويتوقع وكيل الوزارة “الانتهاء من إعادة إعمار 500 منزل منتصف هذا العام، وهو ثلث العدد الإجمالي للمنازل المهدمة”.
ويعيش في القطاع 2.3 مليون فلسطيني نحو ثلثيهم من اللاجئين الفقراء.
وتتولى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الإشراف على إعادة ترميم وبناء منازل اللاجئين المتضررين في القطاع.
ووفقا للناطق باسم الوكالة في غزة عدنان أبو حسنة فإنها انتهت من ملف الأضرار الجزئية تماماً، ويضم هذا الملف 7000 منزل طالتها أضرار إما بسيطة أو متوسطة أو جسيمة”.
– تسهيلات اقتصادية –
تعمل إسرائيل على تخفيف التوتر على حدودها مع قطاع غزة، عبر جملة من التسهيلات الاقتصادية وزيادة عدد العمال الغزيين العاملين في إسرائيل وخصوصا أن نسبة البطالة في القطاع تتجاوز 50 بالمئة.
الشهر الماضي زادت إسرائيل عدد تصاريح العمل التي تعطيها لعمال من القطاع إلى 12 الفا وخصصت معظمها للعاملين في قطاعي الزراعة والبناء داخل الدولة العبرية.
وسبق أن أعلنت مصادر في حماس أنها أبلغت عن طريق وسطاء مصريين وقطريين عزم الدولة العبرية على رفع حصة عمال قطاع غزة من التصاريح إلى 20 ألفا بواقع 8 آلاف تصريح جديد وذلك بفعل “الاستقرار الأمني” الذي يسود المنطقة.
بالنسبة لخبير شؤون الشرق الأوسط في معهد هربرت سي كيلمان عوفر زالزبيرغ فإن “قادة حماس خارج غزة مثل صالح العاروري (نائب رئيس الحركة)، يفكرون بطريقة أيديولوجية ويعتقدون أن الاستراتيجية يجب ألا تركز على غزة”.
أما استاذ العلوم السياسية في غزة جمال الفاضي فيرى أن أمام حماس “تحديات كبيرة تتمثل في التهدئة والمقاومة”.
ويضيف لوكالة فرانس برس أن من بين التحديات أيضا “اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى والتوتر في الضفة الغربية والقدس، وفي الوقت نفسه هل ستختار حماس الهدوء مقابل تحسين الاقتصاد الذي يواجه صعوبات جمة” في القطاع.
اقتصاديا، يؤكد الخبير الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان أن “الاحتلال سيراقب منع انفجار الأوضاع في غزة من خلال بعض التسهيلات الاقتصادية وزيادة عدد العمال”.
ويتوقع شعبان أن تبقى عملية الإعمار في غزة “بطيئة ما لم يتم التوصل إلى مسار سياسي واستقرار أمني”.
وهذا بحسب شعبان “يقتضي مصالحة فلسطينية فلسطينية” لأن “العالم ملّ من إعادة إعمار ما يتم تدميره في كل مرة قبل أن تندلع مواجهة جديدة”.