حملة هادئة في انتظار النتائج
بينما توشك حملة الانتخابات العامة المغربية على الانتهاء، تواصل الأحزاب والتيارات السياسية، لاسيما الكبرى منها، الترويج لبرامجها ومرشّـحيها.
وقد جرت الحملة في كنف الهدوء بعد التوصيات الصارمة التي أصدرتها الحكومة بعدم التلاعب، سواء في الحملة أو في العملية الانتخابية.
تنتهي مساء الخميس حملة الانتخابات التشريعية المغربية دون أن تصل إلى السخونة التي كانت تعرفها في الاستحقاقات التشريعية السابقة. فالهدوء كان عنوان الحملة بعد أن تشابهت البرامج والوعود الانتخابية، وبعد أن أبدت السلطات حزما تجاه خارقي القانون أو المسيئين لانتخابات تريد جميع أطرافها أن تكون ديمقراطية وحرة ونزيهة.
الحملة الانتخابية المغربية التي بدأت في 14 سبتمبر، تنوعت أدواتها وتعددت، لكنها تركّـزت بالدرجة الأولى في الصحف الناطقة بلسان الأحزاب، أو تلك التي أصدرتها بعض الأحزاب بمناسبة الانتخابات.
وإلى جانب الصحف، وزّعت الأحزاب الكراسات التي تحمل برنامج الحزب ومرشحيه أو القصاصات الورقية التي تحتوي رمز الحزب وشعاره الانتخابي. وعلى الصعيد المحلي، تكاثرت المنشورات التي تحمل صور مرشحي الحزب في الدائرة وشعاره الانتخابي والخطوط العريضة لبرنامجه.
وفي وسائط الإعلام الأخرى، المسموعة والمرئية، كان التقاسم بين ستة وعشرين حزبا متنافسة تقاسما يشمل تدخلات مباشرة من ممثلي كل حزب، أو مشاركة في مناظرات تلفزيونية أو تغطية لنشاط يقوم به الحزب. التقاسم، رغم صعوبة المهمة، كان عادلا من زاوية اتفاق الأحزاب على ذلك وقبولها التوزيع بين أحزاب كبيرة وأخرى صغيرة، أحزاب ممثلة في البرلمان وأحزاب حديثة الولادة.
حملة هادئة…
في الاتصال مع الناخبين، تقوم الأحزاب بحملتها الانتخابية، إما عبر تجمعات ومهرجانات عامة، أو في اتصال مباشر للمرشحين أو أنصارهم في زيارات للمنازل أو تجمع في منزل مؤيد للحزب أو جولات في الشوارع والمعالم الرئيسية في المدينة من أسواق أو مراكز ترفيه أو مقاه.
الهدوء الذي تميزت به حتى الآن حملة الانتخابات الأولي التي تجري في عهد الملك محمد السادس وتشرف عليها حكومة يسارية، يعود لأكثر من سبب وفاعل. فإضافة لرفع السلطات يدها عن هذه الانتخابات وإقرارها بالحياد الإيجابي والتزامها بالحفاظ على القانون وتطبيقه ومعاقبة المخالفين له وخارقيه، حتى لو كانوا من أبناء السلطة، فإن نمط الاقتراع اللائحي يُـقـلّـص كثيرا من حالة التوتر الشخصي للمتنافسين التي كثيرا ما تكون عاملا لتصعيد التوتر وفقدان الأعصاب في حال الشعور بالهزيمة.
يُـزيل نظام الاقتراع اللائحي الطابع الشخصي عن عملية التنافس، إن كان تنافسا شخصيا أو عشائريا وقبائليا، وهي سمات لا زالت تطبع الكثير من أرجاء المغرب. فالاقتراع اللائحي يجعل التنافس يأخذ طابعا حزبيا في زمن خفتت فيه حمى الإيديولوجيات والتضحية من اجلها، ويصعب أن يقترب مفتاح انتخابي أو نصير حزب بعمل يحاسب عليه القانون، وقد يكون عواقب ذلك سجنا وغرامة باهظة.
في هذه المدينة أو تلك، وفي هذه الدائرة أو تلك، حدث تشابك وصل أحيانا للأيدي بين أنصار هذا الحزب أو ذاك، أو تخلل الحملة خرقا للقانون المنظم، مثل مهاجمة الأشخاص إلى درجة القذف أو الإساءة بنشر صور مركبة. لكن في كل هذه الحالات، وهي قليلة، كانت السلطات تتدخل، وكان حزب المسيئين يعلن اعتذاره وإدانته لسلوك نشطائه.
توصيات صارمة
إن حملة الانتخابات النظيفة جاءت بقرار من السلطات أبلغته لقادة الأحزاب ولوكلاء اللوائح في الدوائر الانتخابية، بلهجة ودية تتضمن تحذيرات قاسية، وحتى الآن الجميع لا يزال ملتزما.
إلى جانب الحملة الانتخابية للأحزاب، دشنت وزارة الداخلية ومنذ عدة أسابيع، حملة دعائية إذاعية وتلفزيونية وفي الشوارع لتشجيع المواطن على التسجيل في اللوائح الانتخابية وسحب بطاقته الانتخابية والمشاركة في التصويت يوم 27 سبتمبر. وتقول السلطات، إن أكثر من أحد عشر مليون مواطن من أصل أربعة عشر مليون، مسجلين باللوائح الانتخابية قد سحبوا البطاقات الانتخابية، وهي أعلى نسبة من البطاقات المسحوبة في تاريخ الاستحقاقات المغربية. إلا أن ذلك لا يعني أن من سحب بطاقته الانتخابية، سوف يتوجه يوم الجمعة 27 سبتمبر إلى المركز الانتخابي ووضع صوته في صندوق الاقتراع. فقد كانت نسبة سحب بطاقات التصويت في انتخابات 1997 توازي تقريبا نسبتها الحالية، لكن المشاركة في الاقتراع كانت، رسميا، اضعف مشاركة في انتخابات منذ بداية المسلسل الانتخابي في منتصف السبعينات.
هدوء الحملة الانتخابية جاء مترافقا مع تشابه البرامج والشعارات واتساع الدائرة الانتخابية التي تمتد أحيانا مئات الكيلومترات، وضخامة الكتلة الناخبة في الدائرة التي تصل أحيانا إلى مائتين وخمسين ألف مسجل.
ولربما أفقد ذلك الانتخابات حرارة كانت بحاجة إليها للمتابعة وأيضا لتحفيز الناخب على الذهاب إلى صندوق الاقتراع للإدلاء بصوته، ولا يظهر في الأفق ما سيؤجج الحملة، رغم أن المواعيد المقررة للتجمعات الانتخابية لازالت مكثفة وجولات المرشحين لازالت تحتاج لجهود جبارة لمتابعتها، ومنشورات وقصاصات الأحزاب لازالت تتناثر في الشوارع والأزقة أو في صناديق بريد المنازل أو يوزعها الأنصار على المشاة أو راكبي السيارات في الشوارع الرئيسية.
الفاعل السياسي المغربي، يلحظ هدوء الحملة ويتعاطى معها إيجابا وليس سلبا، ولا يحبذ الربط بين هدوء الحملة وإمكانية انخفاض نسبة المشاركة، بل يعتبر الهدوء علامة مشجعة للناخب المغربي للثقة في العملية الانتخابية ونضج الأحزاب المتنافسة.
محمود معروف – الرباط
الانتخابات المغربية
عدد المرشحين : 5873
الرجال : 5604
السيدات : 269
القوائم الانتخابية: 1772
الدوائر الانتخابية: 91
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.