الزواج القسري.. آلاف الحالات في سويسرا
أفادت أول دراسة من نوعها حول موضوع الزواج القسري، طلبت إعدادها مؤسسة Surgir، أن آلاف النساء المقيمات فوق الأراضي السويسرية، قد تكُـنّ معنيات بهذه الممارسة.
وتدعو المؤسسة الحكومة الفدرالية إلى وضع إستراتيجية وطنية لمساعدة الضحايا، المتضررات جسديا ونفسيا.
يوم الأربعاء 6 ديسمبر، قدمت مؤسسة Surgir، وهي حركة تنشط ضد العنف الذي تتعرض له الفتيات والنساء، نتائج هذه الدراسة في جنيف، حيث اعتبرت رئيستها جاكلين تيبو أن حجم الظاهرة “ضخم”.
وفي تصريح لسويس انفو، قالت السيدة تيبو: “إن الدراسة ستقدم للسلطات السويسرية. يجب عليها أن تقرر التحرك”، مضيفة بأنه “لا توجد حاليا أي إستراتيجية فيما يتعلق بالزيجات القسرية في سويسرا”.
وفي محاولة لتشكيل فكرة دقيقة عن عدد الأشخاص المعنيين بهذه الممارسة فوق الأراضي السويسرية، استجوبت مؤسسة Surgir، خمسين مؤسسة تشمل مراكز للمهاجرين ومآوي للنساء في كانتونات فو وجنيف وفريبورغ وبرن وزيورخ وبازل.
قمة جبل الجليد
من خلال هذه الاستجوابات، اكتشف معدّو الدراسة 400 حالة على الأقل، تم فيها إجبار شابة (وفي حالتين تعلق الأمر بشاب)، على الزواج قسرا أو تعرّضت فيها لضغوط قوية في هذا الاتجاه.
من هذا المجموع، تم الإبلاغ عن 140 حالة جديدة إلى جمعيات تمّ استجوابها على مدى عام ونصف فقط (ما بين يناير 2005 ومايو 2006). وتقول مؤسسة Surgir، إن غياب المعطيات، يجعل من العسير القيام بأي تقييم دقيق للظاهرة، خصوصا وأن الضحايا، عادة ما يخشون من الحديث عن الموضوع.
وتشير جاكلين تيبو إلى أن “هذا لا يمثل إلا قمة جبل الجليد”، لأنه من أجل الحصول على رؤية شاملة ومعطيات كاملة، كان من المفترض أن يتم استجواب حوالي 2000 مؤسسة يمكن أن تتعرض لهذه القضية.
وتذهب مديرة المؤسسة إلى أنه – من خلال عملية تعميم للنتائج، التي تم التوصل إليها – “يمكن الاعتقاد بأنه يوجد في سويسرا آلاف الضحايا للزواج القسري”.
ما بين 13 و18 سنة
من جهة أخرى، ترى السيدة تيبو أن الوعي بهذه القضية ينمو شيئا فشيئا. فعلى سبيل المثال، حُـكم مؤخرا على باكستاني يبلغ 26 عاما من العمر بالسجن 18 عاما، لاعتدائه على زوجته بالضرب بمطرقة إلى الموت.
وكانت زوجته البالغة 21 عاما من العمر مقيمة في سويسرا منذ أن كان عمرها 3 سنوات ومتحصلة على الجواز السويسري، قد طلبت الطلاق منه بعد مرور 4 أشهر فقط على الزواج المرتّـب.
واعتبرت جاكلين تيبو أن القضاء السويسري قد وجّـه في هذه الحالة رسالة قوية، مفادها أن هذه النوعية من “جرائم الشرف”، لا يمكن التسامح معها.
بالعودة إلى الدراسة، اتّـضح أن الحالات التي تم إحصاؤها تحدث بالخصوص في عائلات قادمة من جمهوريات يوغسلافيا السابقة والشرق الأوسط ووسط آسيا والمغرب العربي وإفريقيا السوداء.
من جهة أخرى، تتراوح أعمار ثلث الضحايا ما بين 13 و18 عاما فقط، وتتعلق الظاهرة بالخصوص بفتيات صغيرات جدا من أوساط متواضعة. ففي معظم الأحيان، يتم إرغام الشخص بالقوة في بلده الأصلي على الاقتران بزوج أو زوجة اختير (أو اختيرت) من طرف عائلته، وإذا ما رفضت الفتاة الزواج، تُـصبح مهددة بمقاطعة شاملة من طرف عائلتها أو طائفتها، ويصل الأمر إلى حد ارتكاب ما يـعرف بجرائم الشرف.
وتشدد جاكلين تيبو على أن “الضحايا يجدن أنفسهن في ضيق نفسي شديد”، كما أن القضاء “ليس مهيئا كما ينبغي لمكافحة الظاهرة”.
موضوع مهمش
تأتي ظاهرة الزواج القسري من رغبة الجاليات المعنية المنبتة عن جذورها في الاحتفاظ بهويتها من خلال استقدام زوج أو زوجة من البلد الأصلي. ففي بعض الأحيان، تنظم الزيجات المرتبة في صيغة “مصيدة حقيقية”، حيث يُـفرض القران بشكل مفاجئ خلال رحلة إلى البلد.
بالنسبة للضحايا، هناك صعوبة في التعرف على الجهة التي يمكن أن تقدم لهم يد العون. فالمؤسسات الموجودة لا تهتم بهذه القضية، إلا بشكل هامشي ومناسباتي. ففي الوقت الحاضر، لا تتوجه إليهن إلا جمعية “بيت البنات” Mädchenhaus في زيورخ، لكن طاقة الاستقبال لديها لا تزيد عن 7 أشخاص، لذلك، ترى مؤسسة Surgir أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات.
فبالإضافة إلى إطلاق حملة توعية وطنية، توصي المؤسسة بافتتاح أماكن استقبال جديدة وتخصيص خط هاتفي للحالات المستعجلة، كما تدعو إلى تعزيز الترسانة القانونية السويسرية لتشديد العقوبات على هذه الممارسة.
سويس انفو مع الوكالات
تعتبر مؤسسة Surgir أن الزيجات القسرية تنتهك معاهدة الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز تجاه النساء والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعديد من فصول القانون المدني السويسري.
بالنسبة لمؤسسة Surgir، يعتبر ضحية لزواج قسري كل شخص يُـزوج ضد إرادته نتيجة لضغوط ذات طابع بدني أو نفسي، كما أن الأشخاص الذين يفرّون لتجنب زيجة ما، هم أيضا ضحايا لهذه الممارسة.
في المقابل، تعتبر مؤسسة Surgir أن “الزيجة المرتبة” لا تنتهك حقوق الإنسان، شريطة أن تحظى بقبول الطرفين.
ظهرت مؤسسة Surgir السويسرية للوجود في عام 2001، ويوجد مقرها في لوزان، وهي حركة غير سياسية وغير دينية.
تهدف المؤسسة إلى مكافحة جميع أشكال العنف، البدنية والنفسية والجنسية والاجتماعية، التي تُـرتكب ضد الفتيات والنساء.
تقدم المؤسسة دعما ماليا للعديد من المنظمات غير الحكومية في بعض بلدان الشرق الأوسط، مثل الأردن واليمن ولبنان والأراضي الفلسطينية.
حصلت المؤسسة يوم 16 نوفمبر 2006 على جائزة حقوق الإنسان للجمهورية الفرنسية.
تتمتع المؤسسة بوضع استشاري خاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، التابع للأمم المتحدة في نيويورك وجنيف وفيينا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.