“بسبب تصرفات البعض .. ظلال الشك تحيط بالكنيسة الكاثولكية”
أعلنت الكنيسة الكاثوليكية في سويسرا عن تشكيلها للجنة طارئة لتقديم المساعدة في حالات الاستغلال الجنسي التي يرتكبها بعض من قساوستها.
الغرض من تشكيل اللجنة، التي تتكون من محامين وأخصائيين نفسيين وقساوسه، مساعدة الأساقفة في منع استغلال الأطفال الجنسي أو التعامل مع مثل هذه القضايا عند حدوثها.
توقيت الإعلان لم يكن مصادفة. جاء متزامنا مع استقالة قسيس في كانتون سانت جالين إثر اتهامات وجهت إليه بانتهاك براءة أطفال على مدى سنوات عديدة.
كما أنه صدر في وقت حرج مر به الفاتيكان إثر اكتشاف العديد من حالات استغلال الأطفال الجنسي أرتكبها قساوسة في العديد من أنحاء العالم. على إثرها، خرج البابا يوحنا بولس الثاني عن صمته الذي أستمر لسنوات تجاه هذه القضية، وندد في بيان صدر الأسبوع الماضي ب”الفضيحة الخطيرة” لقساوسة متورطين في قضايا استغلال جنسي، والتي ألقت ب”ظلالها القاتمة من الشك” حول الكنيسة ككل.
وأعتبر المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية في سويسرا مارك ألين في حديث مع سويس إنفو أن قرار الأساقفة بمواجهة المشكلة “لم يأت كنتيجة مباشرة لقضية قسيس والينتشتات في كانتون سانت جالين”. “فمنذ عدة اشهر قررت الكنسية إنشاء اللجنة الطارئة لتقديم النصيحة للأساقفة حول كيفية التعامل مع مثل هذه القضايا عند حدوثها، ونوعية الإجراءات التي يجب اتخاذها، إضافة إلى طبيعة الخطوات الوقائية التي يمكن اللجوء إليها. وهذا يبرز أن الأساقفة يتعاملون بجدية بالغة مع هذه القضية”، على حد قوله.
حملة مسعورة!
مع إقرار السيد مارك ألين بوجود المشكلة بشكل عام، فإنه حذر من بدء “حملة مسعورة” ضد رجال الدين في سويسرا، مؤكدا على عدم وجود أدلة تشير إلى انتشار مشكلة الاستغلال الجنسي للأطفال بين القساوسة في سويسرا.
كما انه رفض الاتهامات التي أثيرت من قبل البعض بأن القضية لم تعالج بشكل مناسب وتم التعاطي معها بأسلوب “دفن الرأس في الرمال”.
يرد السيد مارك ألين على هذا الاتهام قائلا:”أستطيع أن أؤكد لك بنسبة 100% بأن هذا لا يعكس الحال في سويسرا – ولن يكون الحال هكذا أبدا”. “ربما كان الأمر كذلك في الماضي، لعدم الإدراك آنذاك بوجود المشكلة أو بتداعياتها، لكن الأمور في وقتنا هذا لا تتم بهذه الصورة”.
وعلى نفس الصعيد رفضت الكنيسة الاتهامات الرائجة بأن التبتل أو عدم زواج القساوسة هو المسبب الرئيسي لهذه المشكلة. وردت قائلة بأن الإحصائيات أظهرت أن عدد الرجال الذين يرتكبون جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال من بين المتزوجين يزيد عن عدد القساوسة منهم.
موضوع “ُمحرم”
أما السيد فرانز تزيجلر، الأمين العام لاتحاد سويسرا لحماية الطفل، فقد صرح لسويس إنفو بأنه من المستحيل تحديد حجم مشكلة استغلال بعض القساوسة للأطفال جنسيا في سويسرا. فالقضية لازالت من الموضوعات المحرمة التي يصعب التعامل. لكنه اقر بازدياد عدد الحالات والقضايا من هذه النوعية التي تصل إلى منظمته.
لكنه شدد بأن خطر الاستغلال ليست مقصورة على الكنيسة:” فالمشكلة موجودة أيضا في المدارس، وفي النوادي الرياضية، وفي الكشافة. ففي كل مكان يتواجد فيه الأطفال تحت سيطرة البالغين تبرز مخاطر من هذا النوع. نحن لا نتحدث فقط عن الكنيسة هنا”.
في المقابل، شدد السيد فرانز تزيجلر على أنه حان الوقت أن تأخذ الكنيسة دور القيادة في تأمين الشفافية في التعامل مع كل قضايا الأستغلال التي تحدث:”أهم شئ هو أن تأخذ الكنيسة موقفا حازما وواضحا يصنف كل العلاقات الجنسية مع الأطفال على أنها استغلال، ويشدد على أنها (أي الكنيسة) لن تتسامح معها”.
بيد أنه يضيف:”نحن لازلنا في انتظار هذه الرسالة – بأنه إذا أرتكب قسيس مثل هذا الفعل فإنه ُسيطرد من الكنيسة”.
فضائح تركت أثرها..
يجدر بالذكر أن الكنيسة الكاثوليكية تعرضت إلى سلسلة من الفضائح الجنسية في العديد من البلدان مست سلوكيات عددا من سلكها الرهباني بدءا من القساوسة إلى رؤساء الأساقفة.
في بولندا على سبيل المثال، يخضع حاليا رئيس أسقف بروزنان للتحقيق من قبل الفاتيكان بسبب اتهامات وجهت إليه بأنه أعتدي جنسيا على طلاب في معاهد لاهوتية وقساوسه.
وفي الولايات المتحدة، وافقت الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية على دفع تعويضات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات لضحايا قسيس حكم عليه بالسجن لفترة عشر سنوات بسبب اعتداءه على صبي صغير.
سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.