دعم الأفكار الشابة … هدف اقتصادي
لم تتحول التحديات الاقتصادية التي تواجه سويسرا إلى عائق نفسي يحول دون التفكير في كيفية الخروج منها، فالجميع على قناعة بأن الابتكار والتجديد هما خير وسيلة للبقاء دائما في المقدمة.
ولدعم هذا التوجه، كان لابد من البدء في تحريك ميول الشباب نحو الربط بين العلم والتعلم والاستفادة منهما في المجال الاقتصادي.
دشن المكتب الفدرالي للتأهيل المهني والتقنية في 24 مايو مشروعا جديدا لخدمة المؤسسات الشابة ودعما للخريجين الذين يحملون أفكارا طموحة من شأنها أن تساهم في النمو الاقتصادي، ويحمل هذه المشروع الجديد اسم فينتورلاب venturelab.
وتعود فكرة هذا المشروع إلى بعض الحقائق التي يعتبرها الخبراء السويسريون مفاتيح التقدم الاقتصادي في البلاد، وهي دعم الافكار الطموحة والجديدة بالخبرة والمعرفة، ومعهما التشجيع على اقتحام المجهول.
فقد أظهرت التجارب السويسرية أن التنوع والتجديد والاختصاص من أهم عوامل البقاء والاستمرارية، وأنها أصبحت من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، سوءا للوقوف في وجه العولمة، أو التغلب على سلبيات توسيع الاتحاد الأوروبي.
ويعد هذا المشروع تنفيذا سريعا لتوصيات المكتب الفدرالي بضرورة دعم المبتكرين في جميع المجالات ومساعدتهم لتحويل أفكارهم إلى واقع عملي ملموس.
أما التنفيذ فيقع على عاتق جهتين رئيسيتين، هما “وكالة دعم الابتكارات” التابعة للمكتب الفدرالي للتعليم المهني والتقنية، و”معهد الشركات الشابة” التابع لجامعة سان غالن الاقتصادية.
البداية من الفكرة الجيدة والدراسة الصحيحة
وسينطلق المشروع لتغطية جميع المناطق السويسرية، وسيتوجه في إحدى مراحله إلى الشباب على أعتاب نهاية دراستهم الجامعية، لتشجيعهم على العمل الحر، بدلا من إضاعة الوقت في البحث عن وظيفة قد يطول العثور عليها، وسيحاول الخبراء توضيح أن الأفكار الطموحة التي تتكون لدى الشباب في مرحة الدراسة يمكن تحويلها إلى واقع، وأن تكون ملكا لصاحبها نفسه فيحولها إلى مشروع يتناسب مع حجم تلك الفكرة الطموحة.
والسؤال الطبيعي الذي يقفز إلى الذهن الآن، هو أين لطالب حديث التخرج برأس المال الذي يمكن به بدء مشروعه؟ وهنا يأتي دور تقييم الفكرة ودراسة مدى إمكانية تطبيقها بنجاح، أما التمويل فتقوم به بعض الشركات المعنية بمجال الفكرة سواء في الإليكترونيات أو الفيزياء، أو غيرها من الفروع، علاوة على دخول المؤسسات المالية السويسرية في هذا المجال، واحتمال تمويلها لأحد الأفكار إذا تأكد نجاحها.
في الوقت نفسه سيرعى مشروع فينتورلاب venturelab الشركات الشابة التي قد تواجه صعوبات في بدايات طريقها، إما بسبب عدم عثورها على التمويل المناسب أو قلة الخبرة في كيفية تحويل الفكرة على مشروع منتج، حيث أظهرت آخر الإحصائيات أن ما يزيد عن 30% من الشركات الحديثة التأسيس تضطر إلى إعلان إفلاسها أو تجميد نشاطها إما بسبب قلة الخبرة في العمل التجاري أو نقص التمويل، على الرغم من جودة الأفكار التي تنوى تحويلها إلى منتجات أو خدمات.
امثلة ناجحة
هذا المشروع سيتوجه إلى حوالي 1500 خريج سنويا سواء من الكليات العملية أو المعاهد التقنية، ويحاول التجاوب مع تطلعاتهم وآمالهم، في الوقت نفسه سيعمل على إقناعهم بأن العمل الحرب قد يكون أسهل وأسرع الطرق لتأمين المستقبل المهني والعملي.
فعلى سبيل المثال، اهتم المكتب الفدرالي لتنمية ودعم الابتكارات بفكرة مجموعة من الباحثين الشبان لتصنيع نوع جديد من الدواء، يعالج مرض يصيب عضلات القلب ويؤدي إلى الوفاة، وخطورة هذا المرض هو في أنه يصيب الشباب في أعمار ما بين 20 و25 عاما، ونظرا لأن عدد الحالات التي تصاب به قليلة، فقد عزفت شركات صناعة الدواء عن تمويل أية أبحاث للبحث عن علاج له، فكان دعم المكتب الفدرالي لأفكار البحاثة الشبان، ليتحول إلى مختبر، يقدمون من خلاله النصح على كيفية التعرف على المرض في مراحله المبكرة، واحتمالات العلاج.
كما دعم هذا المكتب أيضا فكرة مجموعة أخرى من الشباب، توصلوا على طريقة جديدة لتصنيع قطع غيار الأجزاء الدقيقة للغاية سواء في الساعات أو محركات الماكينات، والتي إما من الصعب الحصول عليها لتقادم عمر الآلة، أو لارتفاع سعرها، وتحولت الفكرة إلى مشروع مبسط، يلبي احتياجات العملاء، سواء من شركات كبرى أو مواطنين عاديين.
ويختلف هذا الأسلوب عن الشكل التقليدي الذي تمارسه المؤسسات المالية في تمويل المشروعات، في أنه لا يدخل في ردهات قانونية معقدة ويناقش حتى أبسط الأفكار، علاوة على أنه يمد يد العون في الخطوات الأولى التي تصاحب ميلاد المشروع الجديد، مثل خطة العمل، واحتمالات الأرباح وكيفية التعامل مع الصعوبات أو المشاكل التي يمكن أن تواجه المؤسسة الشابة.
ولا شك في أن النماذج الناجحة التي دعمتها وكالة دعم الابتكارات ومشاركة معهد متخصص ينتمي إلى جامعة اقتصادية عريقة في بناء فينتورلاب venturelab، يعطي ثقلا كبيرة للمشروع مما يساعد شباب الخريجين على الثقة به، ويدفع بالافكار الطموحة إلى الظهور دون خجل، أما الفائدة فتعود على الجميع.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.