دعم قوي لتـناغم الدراسة والتكوين في سويسرا
أجمعت لجنة "نعم للتكوين" يوم 19 أبريل في برن على دعم تعديلات الدستور التي ستُطرح في استفتاء شعبي يوم 21 مايو القادم بهدف تنسيق نظم التعليم في الكنفدرالية.
وتتكون اللجنة من 180 برلمانيا من أبرز الأحزاب وأغلب مدراء التعليم العمومي في الكانتونات. في الأثناء، عقدت قلة المعارضين مؤتمرا لتوضيح مُبرراتها.
يصوت الناخبون السويسريون يوم 21 مايو القادم على ما يمكن وصفه بـ”ثورة”، وإن كانت صغيرة، في مجال نُظم التعليم التي تختلف في سويسرا الفدرالية من كانتون إلى آخر. ويعني ذلك أن البلاد تتوفر حاليا على 26 نظاما تعليميا مختلفا في كانتوناتها الستة والعشرين.
وتكمن تلك “الثورة” في تعديل سبع فقرات دستورية واعتماد ثلاث فقرات جديدة ليصبح وجه المدرسة السويسرية أكثر انسجاما. وبما أن الطريق إلى التغيير يمر عبر تعديل الدستور، فيقتضي الأمر في بلد الديمقراطية المباشرة عرض التعديلات المقترحة على الناخب.
وتتخلص تلك التعديلات في بقاء الكانتونات “سيدة الموقف” فيما يخص نظامها التعليمي، لكنها ستـُجبر على اعتماد قواعد أساسية مُشتركة مثل تحديد التعليم الإجباري وسن بداية التمدرس، وتحديد فترة وأهداف مستويات التعليم، وشروط التنقل من مستوى تعليمي إلى آخر والاعتراف بالشهادات. وبالتالي لن يتمكن بعد كانتون واحد أو اثنان مثلا – يعارضان بعند قرارا ما- من تجميد عملية التنسيق برمتها بين الكانتونات.
وتحظى الإصلاحات المُقترحة بعد بدعم الحكومة الفدرالية والبرلمان ومعظم الكانتونات السويسرية. وانضمت إلى معسكر المؤيدين يوم الأربعاء 19 أبريل الجاري أكاديميات العلوم السويسرية الأربع التي أعربت عن اعتقادها أن المواد الدستورية حول التعليم ستعزز نظام التكوين وتضمن له “جودة عالية وليونة”.
نظام “عصري وشفاف”
وجاء التأييد الكبير لمعسكر المؤيدين للإصلاحات المقترحة من لجنة “نعم للتكوين” التي عقدت يوم الأربعاء أيضا في العاصمة برن مؤتمرا صحفيا للتعبير بالإجماع عن دعمها الواضح والأكيد لتعديل الدستور.
اللجنة المتكونة من 180 ممثلا عن معظم المجموعات السياسية في البرلمان (الخضر وحزب الشعب والراديكاليون والاشتراكيون والديمقراطيون المسيحيون والليبيراليون والانجيليون) ومسؤولين من ندوة مدراء التعليم العمومي في الكانتونات، عبرت عن مساندتها لإنشاء فضاء تكوين وصفته بـ”الحديث” و”الشفاف” و”الفعال”.
ويعتقد أعضاء اللجنة أن هذا الإصلاح يحترم سيادة الكانتونات، مشددين على أنه يصيب الهدف في نفس الآن: أي تحسين وتعزيز تكافؤ الفرص، ووضع شُعب التكوين على قدم المساواة، وتشجيع التكوين المستمر.
وفي هذا السياق، أوضحت النائبة الاشتراكية باسكال بروديرر (من كانتون أرغوفي) في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية أن تسهيل تنقل التلاميذ والطلبة سيحسن “بشكل ملموس” تكافؤ الفرص في الحصول على التكوين.
أما زميلتها الليبرالية مارتين برونشفيغ غراف (من كانتون جنيف)، فأضافت أن التنسيق المقترح سيعزز توافق النظام السويسري مع نظيره الأوروبي. كما أعربت عن اعتقادها أن المواد الجديدة المقترحة في الدستور ستسهل أخيرا مأمورية تنقل الأسر والشبان من كانتون للإقامة في كانتون آخر لأن الوصول إلى كانتون جديد لن يسيء بعد للأطفال الذين يعانون حاليا من اختلاف نظم التعليم في سويسرا.
الاعتراف بالتكوين المستمر..
وحسب لجنة “نعم للتكوين”، تقترح التعديلات للمرة الأولى في سويسرا الاعتراف بأهمية التكوين المستمر وترسيخها في الدستور. وتعتقد النائبة الليبرالية مارتين برونشفيغ غراف أن التكوين المستمر ربما يُصبح مأمورية ذات أهمية وطنية وربما يسهل تنقل المعنيين على مدى الحياة.
من جهتها، أكدت مديرة التعليم العمومي في كانتون فريبورغ إيزابيل شاسو لوكالة الأنباء السويسرية أن الكانتونات لن تتضرر على الإطلاق من المواد الدستورية الجديدة التي لا تشكك في سيادتها، حسب اعتقادها، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المساعي يظل في نهاية المطاف تحقيق الانسجام وتحسين جودة وفعالية نظام التكوين في سويسرا.
وهو “نظام له دور جوهري في اقتصادنا”، يضيف نائب حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد تيوفيل بفيستر (من كانتون سانت غالن).
وفي سردها لدوافع تأييدها القوي لتناغم نظم التعليم في سويسرا، تنوه لجنة “نعم للتكوين” مثلا إلى إن إصلاح الدستور يستحق دعما واضحا من الشعب والكانتونات لأنه:
– “يضع أدوات تسمح بقياس ومقارنة وتحسين جود التعليم والأبحاث.
– يسعى إلى أن تبلغ سويسرا أعلى الدرجات العالمية في مجال التكوين والأبحاث، وبالتالي يجب أن تقوم مسؤولية إدارة هذه الميادين الإستراتيجية على أسس دستورية واضحة وفعالة وشفافة
– سيحدد الصلاحيات والمسؤوليات المشتركة للكنفدرالية والكانتونات في مجال السياسية الجامعية بوضوح وشفافية
– سيساهم في إعادة تقييم الشعب المهنية على المستوى الاجتماعي”
–
إصلاحات “تتعارض مع الديمقراطية”
لكن الإصلاحات المقترحة لها خصومها أيضا، خاصة في جزء من اليسار المتشدد ونقابات الطلبة وقلة من البرلمانيين.
ويرى معارضو التعديلات الدستورية الذين تجمعوا في “التنسيق الوطني – لا لـ21 مايو” أن الإصلاحات “تتعارض مع الديمقراطية” بما أنها تمنح معاهدات تمت بين عدد من الكانتونات قوة إجبارية، وتفرض بالتالي على باقي الكانتونات الانضمام إلى تلك المعاهدات، وهو ما يعني حرمان الكانتون من ممارسة سلطاته الديمقراطية.
وفي قائمة مبرراته المضادة، يوضح التنسيق دوافع “لاءاته” المتعددة مشيرا أنه “لا يتعارض مع انسجام الأنظمة التربوية السويسرية بل يعارض إصلاحا تمييزيا ومعارضا للديمقراطية لا يعترف بالحق في التكوين”.
ونقرأ في قائمة “اللاءات” على سبيل المثال:
– “لا لمشروع مضاد للديمقراطية، إذ أن التعديل المقترح ينتزع من المراقبة الديمقراطية التي يتمتع بها الشعب والبرلمانيون جوانب كاملة من التعليم والتكوين.
– لا لتمويل عمومي لمؤسسات خاصة، إذ أن التعديلات الدستورية المقترحة تفتح الباب لتحرير سوق التربية، بحيث تسمح بالتمويل العمومي لمؤسسات خاصة، وهذا التحرير غير مقبول تماما خاصة من وجهة نظر تكافؤ الفرص.
– لا للإبهام القانوني، إذ أن مصطلحي “الجودة” و”النفوذية” سيرسخان في الدستور دون أن يعطى لهما أي تعريف حقيقي. ونحن قلقون حول التفسير الذي يمكن أن يعطى لهذين المصطلحين
– لا لوضع يد الاقتصاد على التربية، إذ أن المواد الدستورية الجديدة تسمح بإقامة تعديلات على “المدارس العليا 2008″، وتؤسس لحضور الأوساط الاقتصادية في الهيئات الفدرالية التي تتخذ القرارات المرتبطة بالمدارس العليا”.
وبعد استعراض وجهات نظر المؤيدين والمعارضين، يظل الحكمُ الأخير في سويسرا.. الناخب الذي سيقول كلمته النهائية يوم 21 مايو القادم.
سويس انفو – إصلاح بخات
يعد التعليم العمومي في سويسرا من صلاحيات الكانتونات. ويتطلب تغيير هذه القاعدة تعديلا دستوريا، وبالتالي مصادقة الناخبين السويسريين.
خلال العقود الماضية، واجهت محاولات عديدة لتحقيق انسجام بين الأنظمة التعليمية للكانتونات السويسرية الستة والعشرين مقاومة الكانتونات.
يوم 21 مايو المقبل، سيصوت الشعب السويسري على مقترحات لتعديل الدستور يهدف إلى انسجام نظم التعليم في البلاد.
إذا ما صادق الناخبون على تلك المقترحات، سيصبح من حق الكنفدرالية التدخل في حال لم تستطع الكانتونات الاتفاق على إنشاء فضاء تعليمي مُشترك ومتناسق.
إذا ما صادق الناخبون على التعديلات المقترحة في استفتاء 21 مايو 2006، سيقبل نظام التعليم السويسري على تغييرات كثيرة خلال السنوات القادمة منها:
– إقامة نظام مراقبة عام
– تحديد معايير للتكوين
– اعتماد التعليم المبكر
– تحسين الكفاءات في اللغة الأم في كل كانتون (علما أن سويسرا تنقسم الى اربع مناطق لغوية وهي الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش)
– تعلم مبكر للغات الأجنبية
– التلاؤم مع الوضع الأسري والحياة المهنية
– إصلاح المدارس العليا
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.