مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قلق أممي بشأن العمالة الفلسطينية في المستوطنات الإسرائيلية

المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا أثناء افتتاح الدورة 101 لمؤتمر العمل الدولي في جنيف Keystone

سلطت منظمة العمل الدولية في تقريرها السنوي الأضواء على أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة، وعلى التأثيرات الناجمة عن توسع المستوطنات الإسرائيلية.

التقرير تم تقديمه بمناسبة انعقاد الدورة 101 للمنظمة هذه الأيام في جنيف. ومع أنه أصبح من الثوابت الروتينية في عملها منذ عام 1980، إلا أنه تجرّأ هذه المرة على  تناول موضوع المستوطنات وتأثير ذلك على هشاشة أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة (في فلسطين وسوريا) من قِـبل إسرائيل.

خوان صومافيا، المدير العام لمنظمة العمل الدولية نـوّه في افتتاحية التقرير، الذي جاء في حوالي 50 صفحة، إلى أن المعلومات التي تم الحصول عليها من قبل فريق التحقيق الذي لم يزر هذه المرة سوريا، “تعتبر أخبارا مقلقة للغاية، إذ أن وضع العمال لا زال هشا في معظم الأراضي العربية المحتلة..”، كما أن “الآمال التي تم التعبير عنها في العام الماضي بوقوع انفراج لم تتحقّـقن في حين أن المسار السِّـلمي أصبح أكثر جمودا مما كان عليه منذ بداية مسار أوسلو” في عام 1993.

استغلال داخل مستوطنات غير شرعية

في السنوات المنقضية، كان التقرير يستعرض أوضاع العمال في الأراضي المحتلة من شتّـى الزوايا وينتهي به المطاف في أغلب الأحيان إلى سلّـة المهملات، بعد عرض مقتضب لمضمونه أمام الإجتماع السنوي للمنظمة، لكنه تميّـز هذه المرة بتناول موضوع المستوطنات وتأثير ظروف الشغل فيها على أوضاع العمال.

ومن الملفت للإنتباه أيضا، إهتمام بعض وسائل الإعلام السويسرية بهذه المسألة، بعد أن قررت شركات توزيع كُـبرى قبل أيام فقط، توضيح مصدر المواد الإسرائيلية التي يتم تسويقها في محلاتها وتوضيح مكان إنتاجها، والتنصيص عليه سواء تعلق الأمر بالأراضي المحتلة أو المستوطنات الإسرائيلية.

في هذا الصدد، يقول تقرير منظمة العمل الدولية “إن حالة الفقر والبطالة وانعدام فُـرص التشغيل في الإقتصاد الفلسطيني، لا تترك أي خيار آخر أمام العديد من الفلسطينيين، سوى البحث عن فُـرص العمل في المستوطنات، رغم أنها تُـعتبر غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي، ورغم أن السلطات الفلسطينية تمنع ذلك”.  

هذا الوضع، يجعل العمال الفلسطينيين يزجّـون بأنفسهم في وضع يتسم بالإستغلال، ويتمثل حسب ما جاء في التقرير في “طرد مَـن يحاول الدِّفاع عن حقوق العمل. يُضاف إلى ذلك، أن السلطات الإسرائيلية ليست لها رقابة مشدّدة على ظروف العمل في تلك المستوطنات”.

خارج نطاق القانون

ومما يزيد الطين بلة، أن العمال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية، لا يخضعون لقوانين العمل الإسرائيلية، بل لقوانين العمل الأردنية، التي يعود تاريخ إصدارها إلى عام 1967 والتي لا زالت سارية المفعول هناك.

ومع أن إسرائيل حصلت على حق تمديد تطبيق قوانينها على الضفة الغربية، باستثناء القدس الشرقية، مما يسمح لها بتطبيق قانون العمل الإسرائيلي على العمال الإسرائيليين، فإن أرباب العمل يفضِّـلون الإستمرار في استخدام القانون الأردني لدى قيامهم بتوظيف العمال الفلسطينيين، حيث يقول التقرير: “إن أرباب العمل الإسرائيليين في المستوطنات، يفضلون استخدام القوانين الأردنية، لأنها أقل تشدّدا من القوانين الإسرائيلية”.  

ومع أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت في عام 2007 حكما يقضي بضرورة تطبيق القوانين الإسرائيلية على عقود العمل المخصّصة للفلسطينيين، من أجل وضع حد للتمييز ضدهم، فإن إجراءات التطبيق تركت مجالا يسمح للأطراف المعنِـية باتخاذ قرار مغايِـر. وهو ما يعني أن قرار المحكمة “لم يعمل على رفع الغموض المخيّـم على قوانين التشغيل بالنسبة للعمال العرب، الذين يتم تشغيلهم في المستوطنات”، مثلما ورد في التقرير.

وضع العمال الفلسطينيين

بعد أن شدد التقرير على أهمية فُـرص العمل داخل إسرائيل، بالنسبة للعديد من الفلسطينيين من الضفة الغربية، أوضح بجلاء سياسة الإقصاء التي يتعرض لها العمال من قطاع غزة في هذا الإطار.

أما بالنسبة للعمال القادمين من الضفة الغربية، الذين تُـتاح لهم فُـرص الشغل داخل إسرائيل، ورغم أنهم يتمتّـعون، مبدئيا، بنفس المُـعاملة التي يحصل عليها العمال الإسرائيليون، بموجب قوانين الدولة العبرية، فإن تقرير منظمة العمل الدولية يعترف بـ “وجود العديد من العمال الفلسطينيين الذين يتعرّضون لانتهاك حقوقهم”. وفيما يكمن الحل، في اللجوء إلى مقاضاة رب العمل أمام المحاكم، إلا أنه “ليس بالأمر الهيِّـن بدون مساعدة محام ماهر، وبدون مساهمة ودعم نقابة عمالية”، مثلما يرى خبراء منظمة العمل الدولية.

المعاناة المزدوجة للعمال في الجولان

إضافة الى العراقيل الإسرائيلية، التي يعاني منها العمال في الجولان المحتل، وبالأخص عمال الزراعة، من تحديد في كميات المياه وتعقيد لعملية تصدير المُـنتجات، أورد تقرير 2012 أنهم “لم يتمكنوا من تصدير منتوجهم من التفاح، بسب الأوضاع في داخل سوريا”.

وفيما يتعلق بالتمييز الذي يتعرض له العمال في القطاع الفِـلاحي في الجولان في مجال المياه، يؤكد التقرير أن “العامل الزراعي في المستوطنة الإسرائيلية، يحصل على 750 متر مكعّـب لكل دونم، بينما لا يحصل العامل السوري في الجولان المحتل إلا على 250 مترا مكعبا”.

في سياق متصل، أشار تقرير منظمة العمل الدولية، الى أن عمال الزراعة السوريين تعرّضوا لوقفٍ تام لمياه الريّ لمدة شهرين في فصل الصيف الماضي، كما أن نسبة المياه بالنسبة للدونم، تم تخفيضها بدعوى أن طُـرق الريّ تغيَّـرت وتطوَّرت ولا تحتاج لكل الكميات السابقة. وقد تمثلت النتيجة، في أن “تصدير منتوج التفاح في عام 2012، لم يتِـم بسبب الأوضاع في سوريا. وثانيا، أن نسبة إنتاج التفاح التي كانت في عام 2011 ما بين 40 الف و50 الف طن، لم تتجاوز هذا العام  حوالي 15 الف طن”، حسب التقرير.

في خلاصته، شدد تقرير منظمة العمل الدولية على “ضرورة خلق مناخ ثقة، يعمل على العودة الى المفاوضات من أجل إنهاء الإحتلال”، كما قال خوان صومافيا، المدير العام للمنظمة: “إذا ما لم يتم العمل على تحقيق حل سياسي وإذا ما استمرت عملية الاحتلال الاقتصادي والعسكري بشكل مُـطبَـق وتعززت في المستقبل، وإذا ما استمر اقتصاد المستوطنات في التغلغل في اندماجه داخل الاقتصاد الإسرائيلي، فإن ذلك سيعمل على التهديد والقضاء على وجود وإمكانية قيام دولة فلسطينية”.

تم إقرار إصداره سنويا في عام 1980 خلال الدورة 66 لمنظمة العمل الدولية.

يهتم برصد أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل.

تقوم بإعداده لجنة تحقيق يعينها المدير العام لمنظمة العمل الدولية.

قامت لجنة التحقيق هذا العام بزيارة إسرائيل والأراضي العربية المحتلة في الفترة الفاصلة ما بين 23 و31 مارس 2012.

شارك في الزيارة كاري تابيولا بصفته ممثلا خاصا للمدير العام لمنظمة العمل الدولية وكرئيس للوفد المتركب من ستة خبراء، من بينهم بعض الخبراء العرب.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية