سويسرا تؤيد الإصلاحات الأولى لصندوق النقد الدولي
صادقت سويسرا خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي الذي انعقد مؤخرا في سنغافورة على المرحلة الأولى من الإصلاحات الهادفة إلى إعطاء المزيد من الثقل للبلدان الصاعدة غير الممثلة بشكل كاف في هذه المؤسسة التابعة للأمم المتحدة.
لكن سويسرا تظل على خلاف مع دول مثل الولايات المتحدة حول المعايير التي اقترحها مدير الصندوق لإعادة تحديد الحصص، في إطار المرحلة الثانية من برنامج الإصلاحات.
اختـُتم الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي يوم الأربعاء 20 سبتمبر الجاري في سنغافورة بإطلاق ورشة إصلاح واسعة داخل صندوق النقد الدولي لتعزيز حقوق تصويت البلدان الصاعدة، وهي أهم إصلاحات تشهدها المؤسسة الأممية منذ تأسيسها قبل 61 عاما.
وفي خطابه الختامي، شدد المدير العام للصندوق، رودريغو راتو، أمام ممثلي الدول الأعضاء الـ184، على أن هدف الإصلاحات يتمثل في “جعل صندوق النقد الدولي أكثر تمثيلا للاقتصاد العالمي الحالي”.
وكان وزير المالية السويسري هانس رودولف ميرتس قد أكد لدى افتتاح الاجتماع أن “هذا الإصلاح ضروري، لأن بلدانا ناشئة لا تتمتع بتمثيل كاف”.
وقد وافقت الدول الأعضاء بأغلبية واسعة جدا (90,6%)، من بينها سويسرا، على زيادة حقوق التصويت لصالح أربعة لم تكن ممثلة بشكل كاف داخل المؤسسة، وهي الصين وكوريا الجنوبية والمكسيك وتركيا التي وقع الاختيار عليها لاستضافة الاجتماع السنوي القادم للمؤسسة في الخارج، في إسطمبول في خريف 2009. ويشار هنا إلى أن الاجتماعات السنوية للصندوق تعقد كل ثلاث سنوات خارج واشنطن العاصمة، المقر الإداري للمؤسسة.
لكن الزيادة التي حصلت عليها البلدان الأربعة تظل جزئية ورمزية بما أنها لا تمثل سوى 1,8% من إجمالي حقوق التصويت.
وبهذا الإصلاح الأول، ستفقد سويسرا 0,03% من أصواتها لصالح البلدان الصاعدة الأربعة. وكان هذا المشروع قد اعتبر “غير كاف” من قبل اقتصادات ناشئة مثل البرازيل والهند والأرجنتين التي صوتت ضد القرار.
مرحلة ثانية أكثر صعوبة
كما فتحت الدول الأعضاء النقاش حول إصلاح أوسع لتوزيع الأصوات بهدف الحفاظ على شرعية المؤسسة، ومنح المزيد من التأثير للاقتصادات الصاعدة الجديدة، وهو إصلاح يجب أن يـُختتم في خريف 2008.
ويـُقرّ وزير المالية السويسري أن هذه المرحلة الثانية من الإصلاح ستكون أصعب، إذ يتعلق الأمر بتحديد معايير لإعادة توزيع الحصص الخاصة بحقوق التصويت والمساهمات في موازنة الصندوق.
وتجمع الدول الأعضاء على نقطة واحدة على الأقل: يجب على الصيغة الجديدة أن تكون أكثر بساطة وشفافية، وخاصة، أن تعكس بحق الوزن الاقتصادي لكافة البلدان الأعضاء.
غير أن المقترح الذي قدّمـه مدير صندوق النقد الدولي، رودريغو راتو، يعتمد حاليا على إجمالي الناتج الداخلي فقط، وهو مقترح تدافع عنه الولايات المتحدة الأمريكية.
بينما تطالب سويسرا وبلدان أخرى، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي، أن تـُؤخذ معايير أخرى بعين الاعتبار لاحتساب الحصص التي تحدد حقوق التصويت، بحيث تطالب بإيجاد صيغة جديدة أكثر وضوحا وبساطة، تعتمد على متغيرات مختلفة تعكس بشكل أفضل الوزن الحقيق للدول في زمن العولمة المتنامية.
وفي هذا السياق، ذكـّر وزير المالية السويسري أن “حجم الساحة المالية السويسرية مهم، إذ نزن حوالي 3500 مليار دولار”.
عـمل جمـاعـي
وللحفاظ على موقعها، تقاربت سويسرا مع شركائها التقليديين الثلاثة داخل صندوق النقد الدولي: بلجيكا وهولندا والسويد.
وغالبا ما تنتـقد هذه البلدان من قبل دول صاعدة، مثل البرازيل، إذ ترى أن بلدانا أوروبية صغيرة تتمتع داخل صندوق النقد الدولي بوزن هام جدا، مقارنة مع حجم اقتصادها.
وتبلغ نسبة تصويت تلك البلدان الأوروبية الأربعة مجتمعة 15%، تسمح لها بتشكيل أقلية مُُعطلة يمكن أن تتصدى للقرارات، وهي ليست مستعدة للتخلي عن حق النقض الذي تتمتع به، مثلما أكد ذلك وزير المالية السويسري الذي قال: “قد نفقد إمكانية التدخل، ونحن لسنا مستعدين للإستسلام”.
وهي مواقف تعقد من مأمورة مدير صندوق النقد الدولي الذين يتعين عليه إيجاد حل يرضي الدول البلدان التي تتوفر على 85% على الأقل من الأصوات داخل المؤسسة.
سويس انـفـو مع الوكالات
في عام 1992، وعلى إثر تصويت شعبي، انضمت سويسرا إلى مؤسسات “بريتون وودز” (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي).
يتعين على الدول الراغبة في الحصول على معقد في مجلسي إدارة هاتين المؤسستين شراء حصص معينة من رأسمالهما، وهو شرط تتغلب عليه بسهولة الدول الكبيرة. أما الدول الصغيرة فتلجأ إلى نوع من التحالف بينها وتعين ممثلا واحدا عنها في المجلسين للدفاع عن مصالحها.
وقد اختارت سويسرا هذا الحل وتحالفت مع مجموعة من البلدان الصغيرة أطلق عليها إسم “هيلفيتيستان” (Helvétistan)، وتمثل سويسرا مصالح المجموعة في مؤسستي بريتون وودس منذ عام 1992، وتضم: بولندا وصربيا والجبل الأسود وخمسة جمهوريات من الاتحاد السوفياتي السابق، وهي أوزبكستان، قرقيزيا، طاجكستان، تركمانستان، أزربيجان.
بصفتها ممثلة هذه المجموعة، تشغل سويسرا أحد المقاعد الـ24 في مجلسي إدارة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهو ما يمنحها إمكانية التعاون النشط في بلورة سياسة هاتين المؤسستين.
تأسس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عام 1945 بموجب اتفاقيات بريتون وودس بولاية هامبشر الأمريكية الي وقعت خلال مؤتمر للأمم المتحدة في يوليو 1944. وتتولى المؤسستان تمويل التنمية الاقتصادية للدول الصاعدة.
يوجد المقر الإداري لصندوق النقد الدولي في واشنطن العاصمة، ويديره أعضاؤه الذين يشملون جميع بلدان العالم تقريباً بعددهم البالغ 184 بلدا. كل عضو يساهم في رأس مال المؤسسة لدى انضمامه، وذلك حسب وزن اقتصاده. ويعطي هذا الوزن أيضا للبلد العضو حصة خلال عمليات التصويت الداخلية. تحظى الولايات المتحدة الأمريكية بأهم حصة (17,08%)، أمام اليابان (6,13%) وألمانيا (5,99%). أما حصة سويسرا فتبلغ 1,6%.
يهدف الصندوق إلى منع وقوع الأزمات في النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة، كما يمكن أن يستفيد من موارده الأعضاء الذين يحتاجون إلى التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشاكل في ميزان المدفوعات.
يعمل صندوق النقد الدولي على تحسين الأحوال السائدة عالمياً من خلال: التوسع المتوازن في التجارة العالمية، تحقيق استقرار أسعار الصرف، تجنب التخفيض التنافسي لقيم العملات، إجراء تصحيح منظم لاختلالات موازين المدفوعات.
يوجد المقر الرئيسي للبنك الدولي في واشنطن العاصمة أيضا. يعتبر مصدراً مهمّاً لتقديم المساعدات المالية والفنية للبلدان النامية في جميع أنحاء العالم.
يتألف البنك من مؤسستين إنمائيتين فريدتين تملكهما 184 من البلدان الأعضاء – وهما البنك الدولي للإنشاء والتعمير (IBRD) والمؤسسة الدولية للتنمية (IDA). لكل مؤسسة منهما دور مختلف، ولكنه مساند لرسالة البنك، المتمثلة في تخفيض أعداد الفقراء وتحسين مستويات المعيشة في العالم.
مصدر المعلومات: (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.