سويسرا تفوز بمسابقة يوروفيجن وجدل حول مشاركة إسرائيل
فاز السويسري نيمو بمسابقة “يورفيجين” للأغنية الأوروبية السبت ليُصبح أول فنان لاثنائيّ جنسياً يحقّق هذا الإنجاز، في منافسة شهدت جدلاً واسعاً حول مشاركة إسرائيل بسبب الحرب التي تخوضها في قطاع غزة.
ونالت أغنية “ذا كود” لنيمو البالغ 24 عاما أعلى النقاط من لجنة تحكيم الدول، وما يكفي من الأصوات الشعبيّة لتحصد 591 نقطة، متفوقة على كرواتيا في الحفل النهائي للمسابقة التي أقيمت في مدينة مالمو السويديّة.
وقال نيمو وقد اغرورقت عيناه بالدموع بعد تسلّمه الجائزة “آمل في أن تتمكّن هذه المسابقة من الوفاء بوعدها وأن تُواصل الدفاع عن السلام والكرامة لكل شخص في هذا العالم”.
وأضاف أنّ أغنية “ذا كود تتعلّق بالمسيرة التي بدأتُها بإدراكي أنّني لستُ رجلا ولا امرأة”.
من جهته، حلّ الكرواتي بايبي لازانيا في المركز الثاني بحصوله على 547 نقطة.
وكان نيمو، إلى جانب كرواتيا وإسرائيل، من المرشّحين الأوفر حظا لدى وكلاء المُراهنات للفوز بالمسابقة التي يُشاهدها الملايين في جميع أنحاء العالم.
وعندما صعدت المتسابقة الإسرائيليّة عيدن غولان الى خشبة المسرح لأداء أغنية “إعصار”، سُمعت في آن صيحات ترحيب واستهجان بين صفوف الجمهور على مسرح مالمو أرينا.
كما سُمعت صيحات الاستهجان عندما صدرت نتيجة التصويت الإسرائيلي.
وفي النهاية، حلّت غولان في المركز الخامس بحصولها على 375 نقطة.
وكانت الشرطة السويدية أبعدت السبت متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حول مسرح “مالمو أرينا” في جنوب السويد حيث أقيم الحفل النهائي لمسابقة الأغنية الأوروبية يورفيجين، وفق ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس.
وهتف أكثر من مئة متظاهر لفّ بعضهم كوفيّات حول وجوههم “فلسطين حرة” بينما لوحوا بالأعلام.
وأكدت الشرطة أنها استخدمت غاز الفلفل لإبعاد المتظاهرين نحو ساحة سُمح للمؤيدين للفلسطينيين بالتظاهر فيها.
واستُقدِمَت لهذه المناسبة إلى مالمو وحدات شرطة من مختلف أنحاء السويد لحفظ الأمن خلال الحدث، إضافة إلى تعزيزات من الدنمارك والنروج لمؤازرة العناصر المحليين.
وأعلن المنظمون من جهة أخرى ظهر السبت استبعاد ممثل هولندا يوست كلاين من المسابقة بعد تقدم إحدى أعضاء فريق الإنتاج بشكوى فتحت فيها الشرطة تحقيقاً.
واعتبر محطة “أفروتروس” التلفزيونية الهولندية أن هذا القرار “غير متناسب”، مشيرة إلى أنها “صُدمت” به، ومضيفة “نأسف بشدة لهذا القرار وسنعود إليه لاحقاً”.
وأوضح المنظّمون أن الحادث الذي أدى إلى استبعاد كلاين والذي لم تُحدَد طبيعته بدقة، لا علاقة له بموقفه حيال البعثات الأخرى. وكان الفنان الهولندي عبّر مساء الخميس عن احتجاجه على وضعه إلى جانب المرشحة الإسرائيلية عيدن غولان خلال مؤتمر صحافي عبر تغطيته وجهه بعلم بلده غير مرة.
وتأهلت غولان (20 عاماً) مساء الخميس إلى النهائي بأغنية “هوريكين” (“إعصار”) التي تعيّن تعديل نسختها الأصلية لاحتوائها على تلميحات إلى هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ومع استبعاد يوست كلاين، تراجع إلى 25 عدد الدول التي تنافست مساء السبت على الفوز باللقب خلفاً للسويد، الفائزة بمسابقة العام الفائت التي استقطبت 162 مليون مشاهد عبر شاشة التلفزيون.
وعلقت مارينا، وهي هولندية أتت من روتردام، على قرار الاستبعاد قائلة “أنا حزينة حقًا”. وأوضحت لوكالة فرانس برس أن “أغنيته احتفالية، وتضفي بعضاً من الخفة على مسابقة يوروفيجن في ظل الأجواء الثقيلة” في المسابقة هذا العام.
– دعوات إلى المقاطعة –
وكان الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون الذي يشرف على المسابقة أكد في آذار/مارس الفائت مشاركة عيدن غولان رغم الانتقادات.
وفي نهاية آذار/مارس، دعا مرشحون من تسع دول، تأهل سبعة منهم إلى الحفلة النهائية، إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة الذي تتواصل الضربات الإسرائيلية فيه.
وتشارك إسرائيل في “يوروفيجن” منذ عام 1973 وفازت بها عام 2018 للمرة الرابعة. وصُنِّفَت غولان السبت الثانية بعد ممثل كرواتيا في ترتيب الأوفر حظاً للفوز بالمسابقة، وكانت قالت الخميس “إنه شرف حقاً أن نكون هنا (…) ونتمثل بفخر”.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل حفلة نصف النهائي أن عيدن غولان فازت “بالفعل”، موجهاً إليها التحية في مقطع فيديو لكونها واجهت “بنجاح موجة مروعة من معادة السامية”.
وأطلق حزب سومار اليساري الإسباني المتطرف الذي تعدّ رئيسته يولاندا دياز الثالثة من حيث الأهمية في الحكومة الائتلافية عريضة الجمعة للمطالبة باستبعاد إسرائيل من المسابقة بينما “يقوم جيشها بإبادة الشعب الفلسطيني وتدمير أراضيه”.
إلا أن برلين رأت أن “الدعوات لمقاطعة مشاركة فنانين إسرائيليين (…) غير مقبولة على الإطلاق”، فيما شدّدت باريس على أن “السياسة ليس لها مكان في يوروفيجن”.
– حياد –
إلا أن الحياد الذي يتمسك به الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون اهتز أكثر من مرة.
فالمغني السويدي الفلسطيني الأصل إريك سعادة أطلّ على المسرح الثلاثاء وقد لفّ معصمه بكوفية فلسطينية.
وقطعت نقابات قناة “في ار تي” VRT التلفزيونية العامة في منطقة فلاندرز البلجيكية بث المسابقة لفترة وجيزة مساء الخميس لعرض رسالة دعم للفلسطينيين.
وكُتب على الشاشة بالهولندية على خلفية سوداء “هذا عمل نقابي. نحن ندين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها دولة إسرائيل. علاوة على ذلك، تقضي دولة إسرائيل على حرية الصحافة. ولهذا نوقف البث لبرهة وجيزة”.
وقوبلت هذه الخطوة بالأسف من الاتحاد الأوروبي الذي منع العام الفائت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إلقاء كلمة بالفيديو أثناء الحدث انطلاقاً من مبدأ الحياد السياسي.
وهذا العام، تطغى الحرب في غزة على الصراع في أوكرانيا. فقد بدأت الحرب الأكثر دموية في القطاع الفلسطيني في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل وأسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق إحصاء لفرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل تدمير حماس، وشنت هجوماً انتقامياً أدى إلى مقتل أكثر من 34943 شخصا في غزة، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وتظاهر نحو 12 ألف شخص في المدينة المضيفة الخميس ضد مشاركة إسرائيل، بينهم الناشطة المناخية الشابة غريتا تونبرغ، معربين عن غضبهم إزاء الحرب في غزة.
– “لا تهديدات” –
ورأت البريطانية سالي سادلر أن هذه التظاهرات تلقي بظلالها “قليلا” على الحدث. وقالت “الأمر يتعلق قبل كل شيء بالوحدة والموسيقى، فنحن جميعاً هنا معاً، كل الدول، من أجل الحب وليس من أجل الكراهية”.
وفي داخل القاعة، حظر المنطّمون كالعادة أي علم غير أعلام البلدان المشاركة، وأي لافتة تحمل رسالة سياسية.
ورأت عيدن غولان في مؤتمر صحافي “أن الجميع في أمان”. وأكدت الشرطة السويدية أن “لا تهديدات وُجهَت إلى يوروفيجن”. ورفعت السويد مستوى التأهب في الصيف الفائت بعد أعمال تدنيس للقرآن.
أما على المستوى الفني، فتشابكت الأنواع الموسيقية خلال الدورة الثامنة والستين من هذا الحدث السنوي المخصص للموسيقى الأوروبية الشعبية.
ولاحظ الخبير في “يوروفيجن” أندراس أونيفورس أن عدداً من الأغنيات هذه السنة تتناول الصحة النفسية، “إذ يقول كثر من الفنانين الشباب إنهم ليسوا على ما يرام” خصوصاً في ما يتعلق “بهويتهم” كما هي حال نيمو (سويسرا).
وأوضحت غولان أن أغنيتها “هوريكين” تتناول “فتاة صغيرة تمر بمشاكلها الخاصة، وعواطفها الخاصة”.
كبو/ب ح/جك-جص